بعد 25 يوماً من وقف النار.. الاحتلال يواصل حربه بوجه جديد في غزة
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
إنشاء قاعدة سرية أميركية في سوريا تمهيدا لاتفاق تاريخي مع إسرائيلعلى الرغم من مرور أكثر من خمسة وعشرين يومًا على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما تزال آلة الحرب الإسرائيلية تمارس انتهاكاتها اليومية، عبر القصف والتوغل وإطلاق النار والاغتيالات الميدانية، إلى جانب تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والأدوية إلا بنسب محدودة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الأحد الماضي، إن جيش الاحتلال ارتكب 194 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ووفق معطيات وزارة الصحة بغزة، فإن تلك الخروقات أسفرت عن استشهاد 236 فلسطينيا وإصابة 600 آخرين.
وترافقت هذه الخروقات مع تحركات إسرائيلية لإعادة تموضع قواتها داخل بعض المناطق، وسط تقديرات بأن (تل أبيب) لا تتجه نحو إنهاء الحرب، بل نحو تغيير شكلها بما يضمن استمرار الضغط العسكري والاقتصادي على القطاع. وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة المرحلة الراهنة: هل يمثل اتفاق وقف إطلاق النار نهاية لحرب الإبادة، أم مقدمة لحرب استنزاف طويلة؟ ومن يضمن التزام الاحتلال بتعهداته وسط غياب أي رادع دولي؟
غياب الرؤية السياسية
يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي نزار نزال أن الاتفاق الذي وقع في شرم الشيخ، برعاية الإدارة الأمريكية، جاء خالياً من أي رؤية سياسية أو مشروع حقيقي ينقل الوضع في قطاع غزة نحو تسوية مستقرة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة حاولت منذ اللحظة الأولى تدويل إدارة غزة دون التطرق إلى جوهر الصراع أو مستقبل القطاع.
وقال نزال لـ "فلسطين أون لاين" إن "النهج الأمريكي أظهر بوضوح أن (إسرائيل) تسعى إلى لبننة غزة، أي نقل النموذج اللبناني إلى القطاع، بحيث تستمر حالة الاشتباك والتوتر والتهديد الدائم دون حرب شاملة أو سلام مستقر"، مشيرًا إلى أن هذا ظهر سريعاً بعد ساعات قليلة من توقيع الاتفاق، حيث قصفت (إسرائيل) غزة وخان يونس ما أدى إلى استشهاد أعداد من الفلسطينيين، رغم أن الاتفاق كان يمنح 72 ساعة لتسليم الأسرى الإسرائيليين، سواء الجثامين أو الأحياء.
وأضاف: أن "(إسرائيل) كانت تنوي منذ البداية تغيير شكل الحرب وليس إنهاءها، وما نراه اليوم بعد مرور 25 يوماً يؤكد ذلك؛ فهي تهيئ المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني لفكرة أن الحرب لم تنته، وإنما انتقلت إلى مرحلة جديدة".
وبين نزال أن هذه المرحلة الجديدة ترتكز على الهدف الإسرائيلي المركزي، وهو نزع سلاح حركة حماس. وقال: "حتى لو افترضنا جدلاً أن حماس وافقت على نزع سلاحها — وهذا أمر مشكوك فيه — فإن إسرائيل لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها داخل غزة، ولن تنهي الحرب، بل ستواصلها بأشكال مختلفة وبوتيرة طويلة المدى".
وأشار إلى الحديث المتصاعد حول قوات دولية، لكنه اعتبره غامضاً في أهدافه وصلاحياته، مرجحًا أن أي قوة ستدخل غزة ستكون "قوة بلا سلاح وبلا صلاحيات، تقتصر وظيفتها على الجانب الإنساني والخدماتي، وليس لديها أي قدرة على فرض وقف إطلاق النار أو فك الاشتباك أو فرض ترتيبات أمنية".
حرب لم تتوقف
أما الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي فيرى أن الحديث عن وقف الحرب في غزة لا يعكس واقعاً فعلياً على الأرض، مشيراً إلى أن (إسرائيل) لم توقف إطلاق النار، ولم تتوقف عن قتل الفلسطينيين أو قصف منازلهم أو الاغتيالات.
وقال عرابي لـ"فلسطين أون لاين"، تعليقاً على تصريحات وزير الطاقة في حكومة الاحتلال إيلي كوهين الذي قال إن (إسرائيل) ستكون "أكثر مرونة لاستئناف الحرب بعد استعادة الأسرى"، إن هذا التصريح "يعبر عن الموقف الحقيقي داخل المؤسسة الإسرائيلية". وأضاف: "نحن لا نتحدث عن وقف حرب. منذ توقيع الاتفاق، استشهد أكثر من 250 فلسطينيًا. ما توقف هو الإبادة المكثفة، وليس القتل أو القصف".
وشدد على أن (إسرائيل) لا تريد إنهاء الحرب، بل تحويل غزة إلى نسخة من الضفة الغربية، حيث تقتحم وتقتل وتعتقل متى تشاء، مشيراً إلى أن ما يجري في غزة يشبه ما تفعله (إسرائيل) في لبنان وسوريا، رغم أنهما دولتان معترف بهما دولياً.
وتمم عرابي بالقول: "(إسرائيل) بطبيعتها دولة توسع وقصف واغتيال، وإن كانت تفعل ذلك في دول ذات سيادة، فمن باب أولى أن تفعله في غزة ما لم تُفرض عليها معادلة ردع تمنع ذلك".
ومن وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية أيمن شاهين، فإن بنيامين نتنياهو لم يكن مقتنعًا بوقف الحرب على غزة، رغم ظهوره إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معلنًا قبوله بالخطة.
ويوضح شاهين إن موفقة نتنياهو لم تكن نتاج قناعة سياسية أو رؤية استراتيجية، بقدر ما كانت استجابة مضطرة لضغط دولي حاد وعزلة خانقة وجد نفسه غارقًا فيها مع تقدم الحرب وتزايد الإدانات العالمية للمجازر المرتكبة في القطاع.
وأضاف أن نتنياهو كان يدرك أن استمرار الحرب لم يعد يحظى بأي غطاء دولي تقريبًا، حتى من الحلفاء الغربيين الذين اعتادت (إسرائيل) أن تبني عليهم شرعية حروبها. لقد وجد نفسه وحيدًا تمامًا في مواجهة الرأي العام الدولي، ولم يبق إلى جانبه سوى ترامب، الذي شكل بالنسبة له "الجدار الأخير" للدعم السياسي والدبلوماسي.
ومع ذلك، لم يغير القبول بالخطة من أهداف نتنياهو الأساسية؛ إذ بقي راسخًا في توجهه الهادف إلى إلحاق أكبر قدر ممكن من الدمار في غزة، ودفع السكان نحو الجنوب تمهيدًا لخلق بيئة موضوعية لعملية تهجير واسعة خارج القطاع. لذلك، يرى شاهين لم يكن وقف إطلاق النار بالنسبة له نهاية حرب، بل مرحلة تكتيكية تتيح إعادة التموضع والاستمرار بصورة أخرى.