أبعاد إسرائيلية وراء التعتيم الإعلامي على تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
قضاة المحكمة الجنائية الدولية رفضوا طلب إسرائيل بسحب مذكرة توقيف نتنياهوترافقت جهود الدعاية والحرب النفسية الإسرائيلية مع حرب الإبادة الجماعية ضد سكان غزة، الذين يعيشون كارثة إنسانية غير مسبوقة في القرن الحديث، وسط صمت دولي مريب.
وقد بدا لافتًا تصاعد النشاط الدعائي الإسرائيلي خلال المجازر اليومية ضد المدنيين، بالتزامن مع جلسات التفاوض غير المباشر بين وفد الاحتلال ووفد المقاومة الفلسطينية، في محاولة لزعزعة ثقة الجماهير بالمقاومة، وتقويض حاضنتها الشعبية، تمهيدًا لتحقيق الأهداف الإسرائيلية من الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا.
وفي وقت تشهد العاصمة القطرية منذ أيام جولات مكوكية من المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق إطار لوقف إطلاق النار في غزة، تواصل الدعاية الإسرائيلية، عبر وسائل الإعلام الحكومية والعسكرية والخاصة، ضخ عشرات الروايات والمعلومات، محملة وفد المقاومة مسؤولية تعثر الاتفاق.
وسخرت المنظومة الدعائية الإسرائيلية سلسلة من التحليلات الموجهة، وتسريبات مدروسة، ومعلومات "حصرية"، وركّزت على عبارة "الكرة في ملعب حماس"، لتصويرها على أنها العقبة الوحيدة أمام إنجاز الاتفاق، مستعينة بشبكة إعلامية غربية وأمريكية لتعزيز هذا السرد.
وفي المقابل، جدّدت حركة المقاومة الإسلامية حماس استعدادها للتوصل إلى اتفاق شامل يوقف العدوان على غزة، وهو ما يرفضه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يماطل في الاستجابة للمطالب الإنسانية والحياتية للغزيين.
رواية واحدة
وبحسب المتخصص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، فإن الرواية الإسرائيلية اتسمت منذ اليوم الأول للحرب على غزة بالوحدة والانسجام، دون أن تسمح لأي وسيلة إعلامية عربية أو غربية أو دولية بكسر هذا السرد.
وأوضح الهندي لـ "فلسطين أون لاين" أن كافة التصريحات الوزارية والمؤتمرات الصحفية ووسائل الإعلام العبرية التزمت بسردية موحدة حول أهداف الحرب، وهاجمت الفلسطينيين والمنظمات الدولية، محمّلة الطرف الفلسطيني مسؤولية تعطيل مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأضاف، أن ادعاءات (إسرائيل) حول حرصها على التهدئة أو عقد صفقة تبادل كاذبة، إذ تدفع في كل مرة باتجاه شروط تعجيزية تؤدي لرفض فلسطيني، وهو ما يُستخدم لاحقًا للتضليل الإعلامي.
وأشار إلى أن هدف (إسرائيل) الحقيقي هو إرضاء الإدارة الأمريكية، لاسيما أن إدارة الرئيس جو بايدن تضغط على حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق، وقد انعكس ذلك في ظهور روايات "المرونة الإسرائيلية" عبر الإعلام العبري.
وتابع: "في الواقع، تواصل (إسرائيل) فرض شروط جديدة ترفضها المقاومة، في حين تسعى من خلال الضخ الإعلامي الموحد حول المفاوضات إلى التودد لإدارة بايدن، وتحميل حماس مسؤولية تعثر المفاوضات".
وأكد الهندي أن تعطيل المفاوضات يهدف في جوهره إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، ودفعه للقبول بمخططات التهجير، مضيفًا أن بقاء الشعب وصموده على أرضه هو "أكبر انتصار".
معركة السرد
وفي دراسة علمية صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، خلص الباحثان تمارا التميمي ودانييلا سواريز فارغاس إلى أن (إسرائيل) تخوض "معركة السرد ضد الفلسطينيين" من خلال الدعاية والتشهير ونزع الإنسانية عنهم وشيطنتهم.
ورغم الدعم الغربي الكبير لآلة الدعاية الإسرائيلية، أظهرت الدراسة أن تلك الأساليب فشلت في كسب تعاطف الرأي العام العالمي أو تبرير جرائم الإبادة المرتكبة ضد الفلسطينيين.
وسلطت دراسة أخرى، أعدها الأكاديمي باسم الطويسي، الضوء على الهيمنة الإسرائيلية على السرد الإعلامي خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تبنّت وسائل الإعلام الغربية أربع أطروحات رئيسية: (إسرائيل) الضحية، وشيطنة الفلسطينيين وحماس، والتفوق الأخلاقي الإسرائيلي، وشرعية العدوان.
لكن، مع نهاية الشهر الأول، بدأت رواية مناقضة بالظهور على منصات الإعلام الرقمي، خاصة بعد قصف المستشفى الأهلي العربي في غزة، ما ساهم في تحوّل تدريجي في تصوّر العالم للحرب.
"غزة وحدها"
من جهته، يرى الأكاديمي الفلسطيني الدكتور أمين أبو وردة أن الرواية الفلسطينية ما تزال محصورة باللغة العربية، موجّهة للجمهور المحلي والعربي، دون خطة إعلامية عالمية شاملة لبث الرواية الفلسطينية بمختلف اللغات.
وقال أبو وردة لـ"فلسطين أون لاين" إن الرواية الإسرائيلية تخاطب العالم بلغاته المختلفة، ما يمنحها نفوذًا دوليًا واسعًا، في حين تركز الرواية الفلسطينية على البعد الإنساني، متجاهلة البُعد القانوني الذي يشكّل مدخلًا مهمًا لمخاطبة المؤسسات الدولية والحقوقية.
وانتقد غياب المؤسسات الفلسطينية، في الداخل والخارج، عن الانخراط في معركة الرواية والدفاع عن أهل غزة الذين يواجهون حرب إبادة، دون غطاء قانوني أو حراك جماهيري ضاغط لوقف المجازر.
وأشار إلى أن الاحتلال ما يزال يروّج أن الحرب بدأت بـ"معركة طوفان الأقصى"، متجاهلًا جذور الصراع المرتبطة بالاحتلال والنكبة وحقوق الشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من ذلك، فقد نجحت جهود قانونية دولية خلال الأشهر الماضية برفع دعاوى ضد (إسرائيل) أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، فيما يواجه نتنياهو أوامر توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، تحد من تحركاته الخارجية.