حوار مؤرِّخ تونسيّ لـ "فلسطين": الأمَّة العربيَّة تمزَّقت... وغزَّة تدفع الثَّمن
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
اسرائيل تصادق على اتفاقية نقل بحري مع المغربانتقد مؤرخ تونسي موقف الأنظمة العربية من إبادة غزة، عادًا عجزها عن إدخال ولو شربة ماء إلى القطاع المحاصر تجليًا مؤلمًا لحالة التفكك التي تمر بها الأمة.
وقال المؤرخ د. مراد اليعقوبي، لصحيفة "فلسطين": إن ما نعيشه اليوم لم يعد يعبر عن "أمة"، بل هو "شتات من الناس" تسيطر عليهم القبضة الأمنية، ويخنقهم الخوف، في حين أن البعض لا يملك إلا الدعم الخفي، لأن السلطة تمنعه من المجاهرة بمواقفه.
ولا يعتقد اليعقوبي، وهو أستاذ في التاريخ بجامعة تونس، أن صمت أو تردد الدول أمام إبادة غزة مرده إلى غموض الرؤية أو الحسابات السياسية المعقدة، بل هو ببساطة نتيجة تبعيتهم المطلقة، قائلا إن الحكام "ليسوا أحرارا، بل محكومون بمنظومات دولية تكبّلهم بالقروض والإعانات... خائفون من فقدان سند الخارج فتأكلهم شعوبهم".
ويمتد هذا التوصيف إلى الكيانات الرسمية الجامعة، مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إذ عد أن هذه الكيانات "أُنشئت للإيهام بوجود كتلة لها جدوى"، بينما هي في حقيقتها "مجموعة من التناقضات والمصالح الضيقة".
ولا يرى اليعقوبي، جدوى في البحث عن مواقف معظم الزعماء العرب والمسلمين، بل عد مجرد التساؤل عنهم نوعا من المخاتلة وتضليل الذات، ويضفي عليهم "أهمية لا يستحقونها"، واصفا إياهم بأنهم "ليسوا سوى وكلاء، لا يمثلون شعوبهم ولا يعبرون عنها".
وانتقد بشدة ما سماه "الوهم المتكرر" في تحليل المواقف الرسمية، عادا إياه تعبيرا عن طمع عاطفي في صلاح من لا صلاح فيه.
جعجعة بلا طحين
وعند الحديث عن طبيعة الأنظمة، فرّق المؤرخ التونسي بين صنفين أساسيين من الحكام.
الأول، هم من يعادون الحركات الإسلامية من منطلق وجودي، وبعض هؤلاء الحكام ـ بحسب تعبيره ـ له علاقة باليهود تاريخا أو نسبا، ما يجعله يرغب في سحق تجربة المقاومة الفلسطينية خوفا من أن تتحول إلى "نموذج وطني ناجح".
أما الثاني، فهم من لا قدرة لهم أصلاً، لأنهم فشلوا في إدارة بلدانهم، ويعيشون على الدعم الخارجي، ويحكمون بفضل السلاح أو الوراثة، لا بثقة الناس.
ويضيف أن تونس لا تختلف عن هذا المشهد، فالحكام هناك "يصدرون الجعجعة بلا طحين"، لكن المواقف التي ظهرت من بعضهم كانت كافية لتكشف "حقيقة خيانة فلسطين وغزة".
في المقابل، يحتفظ الشعب التونسي بميول طبيعية نحو نصرة الحق الفلسطيني، وهي ميول "يتفق عليها الجميع، وإن بدرجات متفاوتة"، وفق اليعقوبي.
وأكد أن الشعوب وحدها هي من تملك زمام الفعل الأخلاقي.
وتابع بأن أهل فلسطين يواجهون "الصهيونية" وحدهم، مستدعيا مشاهد من غزة تختصر كل المعنى، مثل دعاء تلك المرأة التي قالت: "يا رسول الله لا تشفع لهم"، في إشارة إلى من خذلوا المقاومة.
مطالب بعيدة المنال
أما عن أدوات الضغط التي تطالب بها الشعوب، مثل سحب السفراء أو وقف التطبيع، فعدها بعيدة المنال في ظل أنظمة "خاضعة في وجودها أو في غذائها ودوائها"، بل إن "الكيان الصهيوني" نفسه ـ كما أوضح ـ هو من يهدد هذه الأنظمة بقطع العلاقات، لأنها تعتمد عليه في الاستمرار.
وعلق اليعقوبي الأمل على المبادرات الشعبية، خارج الأطر الرسمية، قائلا: "ثبت أن السبيل الوحيد إلى إعانة حقيقية لغزة هو الطرق الشعبية"، مؤكدا أن هذه الوسائل ـ وإن كانت هامشية في ظاهرها ـ هي التي تحقق الدعم الفعلي.
ورأى أن اللحظة الراهنة يجب أن تدفع إلى مراجعة جذرية للدور العربي الرسمي في القضية الفلسطينية. بل ذهب أبعد من ذلك، مؤكدا أن من لم يطرح هذه المراجعة حتى الآن "لم يفهم شيئا" من طبيعة الأنظمة الحاكمة، التي "لا تملك إرادة سوى إرادة ضرب المقاومة".
ووضع الشعوب أمام خيار واضح: إما أن تدرك أن لا منقذ لها إلا ذاتها، أو تبقى رهينة لوكلاء مهزومين.
وبدعم أمريكي ترتكب دولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود. وتشمل حرب الإبادة استخدام التجويع والتعطيش سلاحا.
ورغم العجز العربي والإسلامي الجلي، يبرز دور الشعب اليمني وقواته المسلحة في نصرة غزة من خلال فرض حصار بحري وجوي على (إسرائيل)، رغم الهجمات الواسعة التي تشنها الأخيرة والولايات المتحدة على اليمن.