اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سياسة

"مفاهيم الردع في ضوء المواجهة الإيرانية الصهيونية: قراءة واقعية في نتائج الجولة"

"مفاهيم الردع في ضوء المواجهة الإيرانية الصهيونية: قراءة واقعية في نتائج الجولة"

klyoum.com

الكاتب:

د.حسين موسى اليمني

شهدت الأسابيع الماضية تصاعدًا لافتًا في التوترات بين الكيان الصهيوني والجمهورية الإسلامية الإيرانية، في واحدة من أكثر الجولات حساسية وخطورة في تاريخ الصراع غير المباشر بين الطرفين. وقد تباينت التحليلات حول من خرج منتصرًا في هذه المواجهة المحدودة، إلا أن الوقائع تشير إلى أن الصهاينة استطاعوا - بشكل أو بآخر - إعادة مفهوم الردع إلى الواجهة، وأيضاً حققوا جميع أهدافهم المعلن عنها .

رد فعل إيران كانت بين الرمزية والفعالية

من المعروف أن إيران لطالما لوّحت بالرد القاسي على أي اعتداء صهيوني، خصوصًا إذا طال قياداتها أو رموز سيادتها. لكن الرد الذي نفّذته مؤخرًا، رغم ما قيل عن قوته، بقي دون سقف التوقعات. إيران التي استعدّت لأربعة عقود لبناء قوة ردع متكاملة لم ترتقي إلى مستوى الدفاع الحقيقي ، واكتفت بضربات محسوبة أرادت بها توجيه رسالة لا إحداث تغيير ميداني كبير، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على هشاشة وضعف واضحين

الرد الإيراني كان في معظمه رمزيًا، وفي ظل تلميحات دبلوماسية واضحة من القيادة الإيرانية بقبول وقف إطلاق النار منذ اللحظة الأولى، ما يدل على أن طهران لم تكن معنية بالتصعيد الكامل، بل بالحفاظ على ماء الوجه بعد عملية استهدفت عدد كبير من قياداتها ووزرائها ورموزها الدينية وأيضاً إستهداف المفاعلات النووية السلمية .

الأهداف المعلنة والخفية للكيان الصهيوني

أعلن الكيان الصهيوني عن مجموعة من الأهداف التي قال إنه حققها خلال هذه الجولة، كان أبرزها ضرب مواقع إيرانية حساسة داخل الأراضي الإيرانية دون أن تواجه بردع استراتيجي كبير . لكن ما لم يُعلن عنه كان أكثر أهمية؛ فإني أرى من خلال انتشار جواسيس وأعين الصهاينة وضرب مبنى السجن في ايران أن هناك من بين الأهداف غير المعلنة إسقاط النظام الإيراني أو على الأقل زعزعة استقراره من الداخل.

ورغم أن هذه الأهداف لم تتحقق، إلا أن الاحتلال تعمّد عدم الحديث عنها تجنّبًا لمظهر الهزيمة، مفضّلًا الاكتفاء بإبراز التفوق الاستخباراتي والتكنولوجي.

تماسك النظام الإيراني رغم الاختراقات

أحد أبرز ما كشفته هذه الجولة هو التماسك النسبي للنظام الإيراني، رغم ما تم الكشف عنه من وجود عملاء وجواسيس داخل مؤسساته. هذا التماسك، وإن كان هشًا في بعض جوانبه، إلا أنه كان كافيًا لصدّ الهجوم الإعلامي والنفسي الذي رافق العملية الصهيونية.

وعند المقارنة مع أنظمة عربية أخرى، يبدو أن طهران أكثر قدرة على إدارة الأزمات داخليًا، رغم الاختراقات، بفضل مؤسسات أمنية واستخباراتية مركزية، وقدرة على الحشد الإعلامي والسياسي الداخلي.

لماذا لم يدخل الاحتلال في حرب استنزاف؟

رغم ما يمتلكه من قدرات، إلا أن الكيان الصهيوني لا يرغب - على ما يبدو - في الانزلاق إلى حرب استنزاف طويلة الأمد مع إيران، وهو يدرك جيدًا أن الجبهة الداخلية لديه غير جاهزة لتحمّل هذا النوع من الصراعات. الهاجس الأكبر لتل أبيب هو استقرارها الداخلي، وبالتالي فهي تفضل ضربات موجعة وسريعة تحقّق أهدافًا آنية، دون الدخول في صراع مفتوح قد يُنهكها على المدى الطويل.

من أبرز الدروس المستفادة من هذه الجولة،

على إيران إعادة بناء قوتها من جديد فهناك جولات قادمة وعظيمة ، وأهمية امتلاك الدول العربية لقوة ردع مستقلة تشبه أو تضاهي تلك التي طورتها إيران خلال العقود الماضية. ورغم الانتقادات الموجهة إلى النظام الإيراني، إلا أنه استطاع فرض نفسه كقوة إقليمية تُحسب لها الحسابات، وهذا ما تفتقر إليه العديد من الأنظمة العربية التي ما زالت تعتمد على الحماية الأجنبية أو التوازنات الدولية.

إذا أرادت الدول العربية حماية سيادتها وتحقيق استقلالها الاستراتيجي، فإن عليها الاستثمار في بنية ردع شاملة، تشمل القدرات الصاروخية، الدفاعات الجوية، والتقنيات الاستخباراتية المتقدمة، دون الارتهان المطلق للخارج.

يجب ان نتذكر

الصراع بين إيران والكيان الصهيوني ما زال في بداياته، ولن تتوقف الجولات عند هذه المواجهة. غير أن الرسالة الأهم في كل ما حدث، أن من يملك الردع حتى لو لم يستخدمه بالكامل هو من يُفرض عليه احترام دولي وإقليمي. أما الضعفاء، فهم وقود الحروب وخاسروها قبل أن تبدأ.

وأكثر ما تفطرت به قلوبنا أن غزة لم تكن في أجندة وحسابات إيران ، وكان بالإمكان استخدام ورقة الحرب كأداة ضغط لإيقافها في غزة .

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة