«ديا»… متصفح إنترنت جديد بالذكاء الاصطناعي التوليدي
klyoum.com
وكالات – مصدر الإخبارية
متى كانت آخر مرة فكرت فيها في متصفح الويب الخاص بك؟ إذا كنت لا تتذكر، فلن يلومك أحد. لم تتغيَّر متصفحات الويب بشكل جوهري منذ عقود: إذ إنك تفتح تطبيقاً، مثل «كروم» أو «سافاري» أو «فاير فوكس»، وتكتب عنوان موقع الويب في شريط العنوان. وقد استقرَّ كثير منا على متصفح واحد، ووقع فيما أسميه «جمود المتصفح»، ولم يكلف نفسه عناء البحث عن بديل أفضل.
ومع ذلك، فإن متصفح الويب مهم؛ لأن كثيراً مما نقوم به على أجهزة الكمبيوتر يجري داخله، بما في ذلك معالجة النصوص، والدردشة على تطبيق «سلاك (Slack)»، وإدارة مواعيد التقويم، والبريد الإلكتروني.
متصفح «ديا» الجديد
لهذا السبب، شعرتُ بالحماس عندما جربتُ أخيراً متصفح «ديا (Dia)»، وهو نوع جديد من متصفحات الويب من شركة «براوزر كومباني أوف نيويورك»، وهي شركة ناشئة. يعمل التطبيق بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي التكنولوجيا التي تدعم روبوتات الدردشة الشهيرة مثل «تشات جي بي تي»، و«جيميناي» من «غوغل»، للإجابة عن أسئلتنا. ويوضح «ديا» كيف يمكن لمتصفح الويب أن يفعل أكثر بكثير من مجرد تحميل مواقع الويب، بل ويساعدنا على التعلم وتوفير الوقت. وقد اختبرتُ متصفح «ديا» لمدة أسبوع، ووجدت نفسي أتصفح الويب بطرق جديدة. في ثوانٍ معدودة، إذ قدَّم المتصفح ملخصاً مكتوباً لمقطع فيديو مدته 20 دقيقة دون أن أشاهده بالكامل. وفي أثناء تصفح مقال إخباري عاجل، أنشأ المتصفح قائمةً بمقالات أخرى ذات صلة لفهم أعمق. حتى إنني كتبت إلى روبوت الدردشة المدمج في المتصفح لطلب المساعدة على تدقيق فقرة من النص. ويُتاح متصفح «ديا» – الذي لم يُطرح للجمهور بعد – بوصفه تطبيقاً مجانياً لأجهزة كمبيوتر «ماك» من «أبل» على أساس الدعوة فقط.
متصفحات جديدة
يقفُ متصفح «ديا» على أعتاب عصر جديد من متصفحات الإنترنت المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تقنع الناس بتجربة شيء جديد. هذا الأسبوع، أعلنت شركة «بربليكستي»، وهي شركة ناشئة لتطوير محركات البحث، عن متصفح ويب مدعوم بالذكاء الاصطناعي يسمى «كوميت (Comet)». وأفادت مجموعة من وسائل الإعلام بأن شركة «أوبن إيه آي»، الشركة التي تقف وراء تطوير «تشات جي بي تي»، تخطط أيضاً لإطلاق متصفح خاص بها هذا العام. ورفضت شركة «أوبن إيه آي» التعليق على ذلك.
أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل «غوغل» و«أبل» ميزات ذكاء اصطناعي خفيفة الوزن إلى متصفحَيها الحاليَّين، «كروم» و«سافاري»، بما في ذلك أدوات لتدقيق النصوص والتلخيص التلقائي للمقالات.
مستقبل الويب
ماذا يعني كل ذلك لمستقبل الويب؟ إليك ما تحتاج إلى معرفته.
• ما هو متصفح الذكاء الاصطناعي، وماذا يفعل؟ مثل متصفحات الويب الأخرى، فإن متصفح «ديا» هو تطبيق تفتحه لتحميل صفحات الويب. وما يميزه هو طريقة دمج المتصفح بسلاسة مع روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي للمساعدة، من دون مغادرة صفحة الويب.
يؤدي الضغط على اختصار «command+E» في روبوت «ديا» إلى فتح نافذة صغيرة تعمل بالتوازي مع صفحة الويب. هنا، يمكنك كتابة أسئلة تتعلق بالمحتوى الذي تقرأه أو الفيديو الذي تشاهده، وسيقوم روبوت الدردشة بالرد.على سبيل المثال:
> في أثناء كتابة هذا المقال على موقع «غوغل دوكس (Google Docs)»، سألت روبوت الدردشة عمّا إذا كنت قد استخدمت عبارة «على أعتاب (on the cusp)» بشكل صحيح، وأكد لي أنني استخدمتها بشكل صحيح.
> في أثناء قراءة مقال إخباري عن فيضانات تكساس، طلبتُ من روبوت الدردشة في المتصفح أن يخبرني بمزيد عن كيفية تطور الأزمة. وأنشأ الروبوت ملخصاً عن تاريخ البنية التحتية للسلامة العامة في تكساس، وضمّن قائمة بالمقالات ذات الصلة.
> في أثناء مشاهدة مقطع فيديو مدته 22 دقيقة على «يوتيوب» حول أجهزة تشغيل السيارات، سألتُ روبوت الدردشة عن أفضل الأدوات، فقام روبوت «ديا» على الفور باستخراج ملخص لأفضل الأدوات من نص الفيديو، مما وفَّر عليّ عناء مشاهدة الفيديو بالكامل.
على النقيض من ذلك، تتطلب روبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي» و«جيميناي» و«كلود» فتح علامة تبويب أو تطبيق منفصل ولصق المحتوى حتى تتمكَّن روبوتات الدردشة من تقييم الأسئلة والإجابة عنها، وهي عملية كانت دائماً تعوق سير عملي.
• كيف يعمل؟ تولّد روبوتات الدردشة الذكية، مثل «تشات جي بي تي» و«جيميناي» و«كلود»، استجابات باستخدام نماذج لغوية كبيرة، وهي أنظمة تستخدم إحصاءات معقدة لتخمين الكلمات ذات الصلة ببعضها بعضاً. ولكل نموذج من روبوتات الدردشة مَواطن قوته ونقاط ضعفه.
أعلنت شركة «براوزر كومباني أوف نيويورك» أنها تعاونت مع شركات عدة لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، بما في ذلك تلك التي تقف وراء «تشات جي بي تي» و«جيميناي» و«كلود». عندما يكتب المستخدمون سؤالاً، يقوم متصفح «ديا» بتحليله واستخراج الإجابات من نموذج الذكاء الاصطناعي الأنسب للإجابة.
على سبيل المثال، يتخصَّص نموذج الذكاء الاصطناعي «كلود سونيت (Claude Sonnet)» من تطوير شركة «أنثروبيك (Anthropic)»، في برمجة الحاسوب. لذلك، إذا كانت لديك أسئلة حول شيء تقوم ببرمجته، فسوف يستخرج المتصفح إجابة من هذا النموذج. وإذا كانت لديك أسئلة حول الكتابة، فقد يُولّد متصفح «ديا» إجابة باستخدام النموذج الذي تستخدمه شركة «أوبن إيه آي» لـ«تشات جي بي تي»، والمعروف جيداً بمعالجته اللغوية.
ما أقدّره في هذا التصميم هو أنك – بصفتك مستخدماً – لا تحتاج إلى معرفة أو التفكير في روبوت الدردشة الذي يجب استخدامه. وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي التوليدي أكثر سهولة بالنسبة للجمهور العام.
وقال جوش ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة «براوزر كومباني أوف نيويورك»، التي تأسست في عام 2020، وجمعت أكثر من 100 مليون دولار: «يجب أن تكون قادراً على القول: (مرحباً، أنا أنظر إلى هذا الشيء، ولدي سؤال عنه)». ثم تابع يقول: «يجب أن نكون قادرين على الإجابة عنك والقيام بالعمل نيابة عنك».
خرق الخصوصية… وعيوب المتصفح
• ماذا عن الخصوصية؟ يعني طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي بشأن صفحة ويب تشاهدها، أن البيانات قد تتم مشاركتها مع أي نموذج ذكاء اصطناعي يُستخدم في الإجابة عن السؤال، ما يثير مخاوف تتعلق بالخصوصية.
وأكدت شركة «براوزر كومباني أوف نيويورك» أن البيانات الضرورية المتعلقة بطلباتك فقط هي التي تتم مشاركتها مع شركائها الذين يوفرون نماذج الذكاء الاصطناعي، وأن هؤلاء الشركاء ملزمون بالتخلص من بياناتك بموجب التعاقد.
لطالما حذَّر خبراء الخصوصية من مشاركة أي معلومات حساسة، مثل مستند يحتوي على أسرار تجارية، مع روبوت الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، لأن موظفاً محتالاً قد يتمكَّن من الوصول إلى البيانات.
لذا، أوصي بطلب المساعدة من روبوت الدردشة «ديا» فقط في أنشطة التصفح غير الضارة، مثل تحليل مقطع فيديو على «يوتيوب». ولكن عند تصفح شيء لا تريد أن يعرفه الآخرون، مثل حالة صحية، تجنب استخدام الذكاء الاصطناعي.
قد تكون هذه المبادلة – التي قد تتطلب التخلي عن بعض الخصوصية للحصول على المساعدة من الذكاء الاصطناعي – هي العقد الاجتماعي الجديد في المستقبل.
• ولكن، ألا توجد عيوب له؟ على الرغم من أن «ديا» قد أثبت فائدته في أغلب اختباراتي، فإنه كان – مثل جميع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي – غير دقيق في بعض الأحيان.
في أثناء تصفحي لموقع «وايركاتر (Wirecutter)»، وهو نشرة تابعة لصحيفة «نيويورك تايمز» تقدم مراجعات للمنتجات، سألتُ روبوت الدردشة عمّا إذا كانت هناك أي عروض على الموقع لفلاتر المياه. وأجاب روبوت الدردشة بالنفي، حتى عندما قرأت عن نظام لتنقية المياه كان معروضاً للبيع.
قال ميلر إن المتصفح استمد إجاباته من نماذج مختلفة للذكاء الاصطناعي، لذا كانت إجاباته عرضة للأخطاء نفسها، التي تقع فيها روبوتات الدردشة الخاصة بها. فهذه الروبوتات أحياناً ما تخطئ في الحقائق وتختلق أشياء، وهي ظاهرة تُعرف باسم «الهلوسة».
ومع ذلك، وجدتُ في أغلب الأحيان أن «ديا» أكثر دقة وفائدة من روبوت الدردشة المستقل. ومع ذلك، شرعتُ في التحقق من الإجابات مرة أخرى من خلال النقر على أي روابط كان روبوت «ديا» يستشهد بها، مثل المقالات ذات الصلة بالفيضانات الأخيرة في تكساس.