"ثمار الصمود".. "الخضري" يزرع فناء منزله ليقاوم التجويع
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
إعلام عبري: عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش بحدث أمني صعب شمال غزةيتنقل الدكتور الصيدلي المتقاعد عبد الماجد الخضري (75 عامًا)، بين أشتال الطماطم التي زرعها في فناء منزله بمدينة غزة، بابتسامة تختزل معاني الصبر والصمود.
يقطف بعض الحبات الحمراء ويعطيها لحفيدته الصغيرة لتتذوقها، في حين يراقب نمو الملفوف، ويرشه بالماء العذب الذي بات الحصول عليه مهمة شاقة في وجود الدمار الذي خلّفته آلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ويشتكي الخضري شح المياه الصالحة للزراعة، بعد أن دمّر جيش الاحتلال خلال حربه المستمرة على القطاع، معظم آبار المياه وشبكات التوزيع والصرف الصحي.
تجويع المدنيين
واضطر الخضري، إلى شراء المياه العذبة أو تعبئتها في جالونات من أماكن بعيدة، ليضمن استمرار نمو مزروعاته التي أصبحت مصدرًا رئيسيًا لغذاء أسرته.
ويقول لـ "فلسطين أون لاين": "ورثت حب الزراعة عن والدي منذ خمسينيات القرن الماضي، كنا نزرع أرضنا بالبندورة والبصل والخضار الورقية، ولم نكن نشتريها من السوق".
وبعد انتقاله لحي الشيخ رضوان، استثمر المساحات الفارغة من أرض منزله لزراعة الخضروات التي يصعب الحصول عليها بسبب الحرب وارتفاع الأسعار ومنع جيش الاحتلال ادخال احتياجات القطاع من مأكل ومشرب منذ بدئه الحرب.
ومنذ 21 شهرا تواليا، شدّدت سلطات الاحتلال الحصار على قطاع غزة، ومنعت إدخال المواد التموينية والخضروات والفواكه واللحوم، ما أدى إلى اختفاء معظم الأصناف من الأسواق وارتفاع جنوني لأسعار ما تبقى منها.
وتزامن ذلك مع تدمير ممنهج للأراضي الزراعية، فقد جرفت قوات الاحتلال أكثر من 90% من المساحات المخصصة للزراعة، خاصة في المناطق القريبة من السياج الاحتلالي الفاصل شرق وشمال غزة.
كما حوّلت قوات الاحتلال هذه الأراضي إلى "مناطق عازلة" بعد أن دمرت آبار المياه، والمزارع الحيوانية، ومنشآت إنتاج الغذاء، مما جعل الأمن الغذائي في القطاع على شفا الانهيار.
وكانت منظمات حقوقية، مثل "هيومن رايتس ووتش"، قد أكدت أن ما تفعله (إسرائيل) يمثل جريمة تجويع ممنهج، يعاقب عليها القانون الدولي.
فقد تعمّدت منع دخول الغذاء والدواء، وتجريف الأراضي، واستهداف الإنتاج الحيواني، وكلها ممارسات هدفها تجويع المدنيين.
تسميم التربة
وبعد أن اجتاحت قوات الاحتلال مكان سكن الخضري، أجبر على النزوح من منزله لعدة أشهر، وعند عودته، وجد الرماد والشظايا قد غطّت المكان، وجدران منزله شبه منهارة.
وبدأ في تنظيف أرضه وإعادة تأهيلها للزراعة أيامًا طويلة، واستخدم فيها كميات كبيرة من الماء لغسل التربة من السموم، وقام بتقسيم المساحة إلى أحواض زراعية.
وفي البداية، زرع الخضري وفق حديثه، الفول والسبانخ والسلق ثم الطماطم، مستعينًا بالمياه التي يجمعها من الأمطار ومصادر محلية، رغم ملوحتها.
كما واجه مشكلة الطيور التي كانت تأكل البذور، مما اضطره لنقل الزراعة من الجهة الجنوبية من المنزل إلى الشمالية.
ولتعويض النقص في السماد، اعتمد الخضري، على السماد العضوي من فضلات الطعام، وبقايا النباتات، وشتلات الفول التي جناها بنفسه.
ويشير إلى أشجار الزيتون التي استعادت عافيتها هذا الموسم قائلاً: "العام الماضي لم تحمل زيتونًا، لكن اليوم ها هي تعود من جديد".
وينصح الخضري، سكان القطاع، بزراعة أي مساحة متاحة، ولكن يعترف بأن التحديات هائلة: نقص البذور، ملوحة المياه، وغياب الأسمدة كلها عقبات في طريق الزراعة المنزلية.
ورغم كل ذلك، تمكن من تأمين الحد الأدنى من الغذاء لأسرته الكبيرة المكوّنة من نحو 50 فردًا. ويقول بفخر: "زرعت لنأكل، لا لنبيع هذه الأرض هي خط دفاعنا الأول في وجه الجوع".
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل دعم أمريكي كامل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الآن أكثر من 57012 شهيدًا وأكثر من 134592 جريحًا معظمهم من النساء والأطفال، ولا يزال آلاف الضحايا تحت الركام، لا تستطيع الطواقم الطبية الوصول إليهم، فيما جرفت 90% من الأراضي الزراعية.