اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سياسة

هل الصفقة الأميركية مفاجِئة... أم خُطِّط لها بعناية؟

هل الصفقة الأميركية مفاجِئة... أم خُطِّط لها بعناية؟

klyoum.com

الكاتب: ندين روز علي

منذ أن أعلنت الولايات المتحدة عن مبادرتها الأخيرة لوقف إطلاق النار في غزة، ثارت تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت الصفقة وُلدت فجأة في البيت الأبيض، أم أنها جاءت نتيجة لتفاهمات مسبقة جرت خلف الكواليس بين الأطراف الإقليمية والدولية.

فمن الغير منطقي أن تقدم واشنطن على خطوة بهذا الحجم دون أن تتأكد مسبقاً من أن حركة حماس لن ترفضها رفضاً قاطعاً، خصوصاً أن فشل المبادرة كان سيُعَد هزيمة سياسية للرئيس الأميركي وإدارته.

هناك العديد من المؤشرات تؤكد أن الصفقة جرى إعدادها مسبقاً، وأن الإعلان عن شروطها لم يكن سوى إخراج علني لاتفاق صيغت ملامحه في اتصالات سابقة. اذ أن واشنطن تعلم تماماً أن حركة حماس لا يمكن أن تظهر بمظهر الخاسر أمام جمهورها أو أمام داعميها، لذلك جرى ترتيب المقترح بطريقة تحفظ للحركة اي هامش المناورة.

الدور الأبرز هنا كان للوسطاء الإقليميين. فقد لعبت قطر، التي تستضيف قيادة حماس منذ سنوات وتدعمها مالياً وسياسياً، دور القناة الأساسية لنقل الرسائل وضمان التفاهمات. أما مصر، الجار المباشر لغزة وصاحبة النفوذ عبر معبر رفح، فقد مارست ضغوطها التقليدية وضمنت أن أي اتفاق لن يمر دون موافقة مبدئية من الحركة.

وأيضا، تركيا بدورها التي عززت في السنوات الأخيرة حضورها كمدافع عن حركة حماس في الساحة الدولية، قد باركت المبادرة بعد أن تأكدت من أن الطريق ممهَّد لعدم رفضها.

في الواقع، كانت الصفقة نتاج توافق مسبق بين جميع الأطراف: الولايات المتحدة، القيادة السياسية لحماس، والدول الوسيطة مثل قطر ومصر وتركيا. لكن المشهد الإعلامي والسياسي رُسِم بعناية لإيهام الجميع بأن الحركة مجبرة على قبولها وذلك تحت الضغط، بينما الحقيقة أن كل الخطوط العريضة للاتفاق كانت محددة مسبقاً. وكأن جميع الأطراف شاركت في "مسرحية مشتركة" لإظهار حماس بمظهر الطرف المستجيب للضغط، ما يمنح الصفقة مشروعية سياسية وإعلامية ويعطي الانطباع بأن الموافقة جاءت نتيجة إكراه خارجي، بينما الواقع كان مختلفاً تماماً.

ورغم تصوير الإعلام للحدث على أنه استسلام حماس للضغوط الخارجية والإقليمية وأنها قد ترفض الا ان الوقائع تكشف أن جميع التفاصيل الأساسية للصفقة كانت محددة مسبقاً باتفاق مسبق بين الأطراف كافة. بمعنى آخر، كل ما بدا وكأن الحركة "ملزمة" بالقبول بسبب الضغط كان مجرد عرض لإضفاء شرعية على الصفقة، في حين أن الموافقة الفعلية قائمة منذ البداية.

هذه المؤشرات جمعاً تعني أن بنود الصفقة لم تكن مفاجئة لأي طرف أساسي. بل جرى التفاهم عليها قبل الإعلان الرسمي. وما يُسمّى اليوم بِ "تأخير الرد" من جانب حركة حماس لا يبدو إلا تكتيكاً سياسياً وإعلامياً يهدف إلى الحفاظ على صورة الحركة أمام جمهورها، وإظهار القبول كخيار سيادي لا كاستجابة مباشرة لضغوط خارجية.

في المحصلة، تكشف المعطيات أن المبادرة الأميركية لم تكن مغامرة دبلوماسية غير محسوبة، بل ثمرة تنسيق محكم بين واشنطن وحلفائها الإقليميين. أما بالنسبة لحركة حماس فهي تتعامل مع الصفقة بمنطق المناورة الإعلامية لا الرفض الحقيقي، في محاولة لتفادي الظهور بمظهر الطرف الخاسر، ولتثبيت موقعها كلاعب رئيسي في أي تسوية قادمة.

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة