نفاد الوقود.. كارثة صحية وبيئية تحاصر المواطنين في غزة
klyoum.com
يشكل نفاد الوقود في قطاع غزة تهديداً مباشراً على حياة أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة، بعدما تسبب بشلل تام لمرافق البلديات الحيوية، من محطات ضخ المياه إلى آليات جمع النفايات والصرف الصحي وغيرها.
ومنذ الثاني من مارس/ آذار الماضي يُطبق الاحتلال حصاره على قطاع غزة عبر إغلاق المعابر ومنع إدخال كل المساعدات الغذائية والإنسانية والوقود بكل أنواعه، وهو ما انعكس بشكل مباشر على عمل المرافق الحيوية التابعة للبلديات، ما ينذر بكارثة صحية وبيئية كبيرة إذا لم يتم تدارك الأمر، حسبما تفيد بلديات القطاع.
وتتضاعف معاناة المواطنين أكثر مع ارتفاع درجات الحرارة واكتظاظ مناطق مُحددة بالسكان والنازحين بفعل أوامر الاخلاء التي يطلبها جيش الاحتلال بين الفينة والأخرى، مما يجعل البيئة مهيئة لنقل الأمراض بشكل أسرع بين المواطنين، الذين يعيشون في بقع جغرافية ضيقة.
وقبل يومين، أعلنت بلديات المحافظة الوسطى في قطاع غزة، وبالتنسيق مع مجلس إدارة النفايات الصلبة للهيئات المحلية في جنوب القطاع (رفح، خان يونس، الوسطى) عن التوقف التام لجميع خدماتها الأساسية نتيجة الانقطاع الكامل لإمدادات الوقود اللازمة لتشغيل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وآليات جمع وترحيل النفايات.
وأكد رئيس بلدية دير البلح في المحافظة الوسطى نزار عياش، توقف الخدمات الحيوية بالكامل التي تقدمها البلدية نتيجة نفاد كميات السولار وغياب أي إمدادات منذ أكثر من شهرين.
وأوضح عياش لـ "فلسطين أون لاين"، أن محطة التحلية الواقعة جنوب دير البلح، والتي كانت تغذي رفح وخانيونس بحوالي 1600 كوب من المياه العذبة يومياً، توقفت عن العمل بعد انقطاع خط الكهرباء عنها منذ بداية تجدد العدوان"، مشيراً إلى توقف خط "ميكروت" شرقي المغازي عن العمل، ما حرم المنطقة الوسطى والجنوبية من مصدرين أساسيين للمياه.
وبيّن أن البلدية حاولت تعويض النقص في المياه عبر تشغيل 19 مولداً كهربائياً تعمل على السولار لتشغيل الآبار، وهو ما شكّل عبئاً كبيراً في ظل أزمة الوقود.
وقال: "نحتاج إلى 2500 لتر سولار يومياً، لكننا لم نتسلّم سوى 5000 لتر خلال 20 يوماً، وقد استهلكنا كامل المخزون الاحتياطي حتى بلغنا نقطة العجز التام".
وأكد عياش أن البلدية اضطرت إلى الإعلان عن وقف خدماتها في دير البلح وتجمع بلديات الوسطى، بعد تعطل القدرة على إيصال المياه للمواطنين أو جمع النفايات أو التعامل مع مياه الصرف الصحي، وهو ما ينذر بكارثة صحية وبيئية كبيرة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتزايد النزوح إلى وسط القطاع.
وأضاف: "عدم وصول المياه وانعدام النظافة في الصيف يؤدي إلى تراكم القاذورات وانتشار الأمراض، وفي حال لم يتم توفير الوقود فوراً، فستنتشر أوبئة مثل الحمى الشوكية وأمراض الجهاز الهضمي، بسبب تكدس الحاويات وتسرب المياه العادمة".
وأشار إلى أن ازدياد أعداد النازحين وضع ضغطاً إضافياً على شبكة المياه والبنية التحتية، التي تتعرض لتعديات في بعض المناطق، وسط غياب منظومة قانونية تُنظّم التوزيع العادل.
ودعا عياش المجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة إلى التدخل العاجل والضغط من أجل إدخال كميات كافية من السولار إلى قطاع غزة، محذراً من أن استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال الوقود "ينذر بكارثة بيئية وصحية واجتماعية شاملة وغير قابلة للحياة، في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الغذائي والمعيشي".
تفاقم المعاناة اليومية
من جانبها، حذرت بلدية غزة من تفاقم الأوضاع الإنسانية والخدماتية في المدينة، نتيجة النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات والآليات، وذلك بعد انقطاع الكهرباء بالكامل منذ بداية العدوان الإسرائيلي، واستمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال السولار.
وقال الناطق باسم بلدية غزة عاصم النبيه، إن جميع مرافق البلدية أصبحت تعتمد بنسبة 100% على الوقود لتشغيل محطات ضخ المياه والصرف الصحي، والآليات الثقيلة الخاصة بجمع النفايات وفتح الطرق المتضررة من القصف، محذراً من أن شح الوقود يعني عملياً توقف هذه الخدمات الأساسية، وتفاقم المعاناة اليومية المستمرة منذ أكثر من 21 شهراً.
وأوضح النبيه لـ "فلسطين أون لاين"، أن البلدية تحتاج إلى ما لا يقل عن 10 آلاف لتر سولار يومياً لتشغيل المرافق الحيوية وتقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، مؤكداً أن نقص الإمدادات أدى إلى شلل واسع في قطاعات المياه والنظافة والصحة العامة.
ووفق قوله، فإن أقل من 40% فقط من سكان المدينة باتوا يحصلون على المياه، بينما تراكم أكثر من ربع مليون طن من النفايات في الشوارع والأحياء السكنية، وسط تسرب كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي إلى الأماكن العامة.
وفيما يتعلق بحجم الأضرار في البنية التحتية، كشف النبيه أن أكثر من 75% من آبار المياه باتت خارج الخدمة، إلى جانب تدمير ما يزيد عن 100 ألف متر طولي من شبكات المياه، و200 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، فيما تعرّضت معظم مضخات المياه ومضخات الصرف لأضرار جسيمة. كما أشار إلى أن 85% من الآليات الثقيلة التابعة للبلدية باتت غير صالحة للعمل.
وشدد على أن استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال الوقود، في ظل الدمار الواسع للبنية التحتية، ينذر بمزيد من التدهور ويقود إلى "كارثة بيئية وصحية واجتماعية"، داعياً إلى تحرك دولي عاجل لتأمين كميات كافية من السولار، وضمان استمرار الخدمات الأساسية التي تتوقف عليها حياة المواطنين في القطاع المحاصر.