اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

قرار مجلس الأمن بين البقرة وترامب

قرار مجلس الأمن بين البقرة وترامب

klyoum.com

قصة أطول سورةٍ في القرآن الكريم (البقرة) تبقى نموذجًا شاخصًا عند كلِّ مخاضِ جدلٍ مع هذه الجِبِلَّةِ النَّكِدة. وإنما اختار الله سبحانه هذه القصة عن بني إسرائيل، وجعلها محور سورة البقرة كي لا تغيب عن بالنا أبدًا ونحن نتعامل مع هذه السلالة الخبيثة من البشر. فعندما طلب من نبيِّهم موسى، الذي أنقذهم من فرعون بمعجزاته الباهرة، أن يذبحوا بقرة، خاضوا معه ثلاث جولاتٍ تفاوضية. ولم تكن الطريق سهلةً ومعبَّدةً بينهم وبين نبيِّهم في مسألةٍ لا شكّ بأنّها خالصةٌ لمصلحتهم وبطلبٍ منهم.

لقد اختلف الأمر كثيرًا هذه الأيام، وأكثر المختلف في المقارنة هو هؤلاء القوم؛ لقد ازدادوا سوءًا وشرًّا وشراسةً وعَنَتًا وقدرةً هائلة على إدارة الخُبث السياسي مع خبرةٍ طويلة. هم أصلًا مختلفون فيما بينهم إلى درجة كبيرة جدًا، فكيف سيتفقون مع عدوِّهم؟ لن يتفقوا لا مع عدوِّهم ولا مع صديقهم.

أمامنا اليوم، للمضيِّ قُدُمًا في خطة ترامب، آلافٌ إن لم يكن ملايين الجولات التفاوضية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن طرف الصراع معهم ليس نبيَّهم، وإنما مَن صنع بهم السابعَ من أكتوبر. ومع الفارق بينهما اليوم وبين بني إسرائيل في تلك الأيام، كذلك فإن موضوع الجدل ليس مجرد بقرة؛ موضع الخلاف فلسطين التي احتلوها بالقوة والدعم الأمريكي والغربي، فما الذي يدفعهم إلى النظر في الحق الفلسطيني؟

لقد خاض الفلسطينيون التجربة معهم منذ مؤتمر مدريد عام 1992، ثم مسار أوسلو الذي أفضى إلى اتفاقية أوسلو، ثم فُتِح البازار التفاوضي، وحُدِّد أن ينتهي الاتفاق على القضايا المؤجَّلة في عام 1999، وما زال يتعثر منذ أكثر من ثلاثين سنة رغم وجود قراراتٍ للأمم المتحدة ورغم قبول الفلسطيني التنازل عن 78% من الأراضي الفلسطينية لتكون لهم خالصة، وقبول الفلسطيني إقامة دولته على حدود الرابع من حزيران. جاءهم هذا التنازل السخيّ على طبقٍ من ذهب، إلا أنهم أصروا على التوسع الاستيطاني والمزيد من الجدل التفاوضي دون أية نتيجة تُذكَر. وقد صرّح نتنياهو بعد السابع من أكتوبر بأنه أفشل كل محاولات إقامة الدولة الفلسطينية، ومن قبله إسحاق شامير كان يُبدِع في التفاوض من أجل التفاوض.

هذا السجل الحافل بالخُبث السياسي والتفاوض العبثي أفرغ أوسلو من محتواه، رغم ضآلة هذا المحتوى. ما بالُنا اليوم وقد ازداد المجتمع الإسرائيلي تطرفًا وتعاظمَ نفوذُ الأحزاب اليمينية المتطرفة وتلاشى اليسار والوسط؟ إننا أمام مشهدٍ سياسيٍّ في غاية العنصرية والتطرف، لا يرى الفلسطيني أبدًا، وليس لديه أي استعداد لمناقشة الحق الفلسطيني. المجتمع الصهيوني برمّته: قادةً وأحزابًا وثقافةً وإعلامًا، بات اليوم قلبًا وقالبًا مع النفي المطلق للحق الفلسطيني، ولم يعد في البرامج الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية أي نوايا للسير في مسار تفاوضي مع الفلسطينيين، فعلى ماذا نراهن؟

خاب وخسر مَن ظن أو راهن على أن هؤلاء قد يأتي منهم أيُّ خير؛ لا هم ولا الصهاينة الجدد من أمريكان وعرب.

أمامنا آلاف الجولات والانتكاسات وصراع الإرادات.

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com