فرشاة من تحت الركام: ياسمين الداية ترسم وجع غزة
klyoum.com
منذ النكبة الأولى عام 1948، لم يكن الفن الفلسطيني ترفًا جماليًا، بل أداة نضال ومقاومة، ومجالًا ثقافيًا يعيد إنتاج المعاناة الفلسطينية بكل تفاصيلها، فقد لعب الفن بأشكاله المختلفة، من الغناء والدبكة إلى الرسم والنحت والتطريز، دورًا محوريًا في حفظ الذاكرة الوطنية، ونقل الرواية الفلسطينية إلى العالم، في مواجهة محاولات الطمس والتغييب.
واليوم، في قلب الكارثة الممتدة في قطاع غزة، تواصل الفنانة التشكيلية الشابة ياسمين الداية (24 عامًا) حمل هذه الرسالة، مستخدمة ريشتها المفعمة بالألوان لتوثيق القتل والدمار وأوجاع الناس، خاصة الأطفال وعلى الرغم من القصف المستمر، والنزوح، والمجاعة.
تصرّ ياسمين على أن تُبرز القضية الفلسطينية من خلال رسوماتها، وتُحوّل الألم إلى لوحات تُقاوم النسيان وتخاطب الضمير الإنساني.
الداية خريجة تربية فنية من جامعة الأقصى، بدأت رحلتها مع الفن وهي في المرحلة الإعدادية، وكان الرسم طريقها للتعبير عن مشاعرها وفهم العالم من حولي.
تتنقل ياسمين بين الرسم، النحت، الطباعة، والفسيفساء، فالفن بالنسبة لها هو البوح عما لا تستطيع البوح به.
وعملت منحوتة من الطين يدًا مقطوعة لشابًا وسط الركام، ومن ثم جسدت فتاة مبتورة القدمين تحاول الوقوف لكنها لا تستطيع الاتكاء على العكاز بيد واحدة.
تقول لـ"شبكة مصدر الإخبارية" إنه في كل عمل فني تنتجه، تستحضر صورة أو لحظة حقيقية من الواقع المرير الذي نعيشه، فكل عمل تنتجته يعبر عن حدث، أو مشهد حقيقي حدث في الواقع.
وتشير إلى أنها استخدمت الطين الذي جمعته خلال النزوح لصنع منحوتات تجسد الدمار، والوجع، والانفصال.
تحمل لوحات ياسمين أوجاعًا تحاكي المعاناة الإنسانية، الأطفال مبتوري الأطراف وأيضًا معاناة الأطفال وهم يحملون جالونات المياه والأواني لجلب الطعام من التكيات المتواجدة في مناطقهم.
وتؤكّد أن الفن لغة عالمية، والصورة أبلغ من آلاف الكلمات رغم الحصار والعزلة، تحاول نشر أعمالها على منصات التواصل الاجتماعي، وتصل لقلوب لا تتحدث العربية لكنها تفهم الألم.
تستهدف ياسمين فئة الأطفال بشكل خاص، كونهم أكثر فئة استُهدفت من قِبل الاحتلال، وأكثر من دفع ثمن هذه الحرب دون ذنب.
ترسم وجوههم، ألعابهم، أحلامهم الصغيرة التي سرقت، وعمرهم الذي يذهب هباء تحت الركام، كلها رسائل تضعها في لوحاتها لتنقل للعالم بشاعة ما يحدث.
تردف ياسمين أنها لم تصل بعد لكل العالم، لكن كل تعليق، كل مشاركة، كل رسالة دعم، كانت دليل أن صوت غزة يمكن أن يُسمع، حتى لو خرج من تحت الركام.
تخبرنا: "أوجه أعمالي للعالم الخارجي، لأفتح لهم نافذة على واقعنا المغلق، ولأقول لهم: نحن بشر مثلكم، نحلم، نحزن، ونعيش رغم كل شيء".
وتلفت إلى أن الفن أداة مقاومة، وهو طريقتي للحفاظ على ذاكرتهم، وتخليد براءتهم، وايصال صوتهم المكسور للعالم.
وتتمنى ياسمين بأن تنتهي الحرب لتمارس فيها فنها بحرية وتتمكن من حقها في التنقل والعودة لتكتسب مزيدًا الخبرة في الرسم.
اقرأ/ي أيضًا: رحيل بائع القهوة الذي كان يحلم بإعمار غزة