اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

حيّ تلّ الهوا بعد الحرب.. أزمة المياه تخنق الأهالي العائدين وتؤجّل عودة الكثيرين

حيّ تلّ الهوا بعد الحرب.. أزمة المياه تخنق الأهالي العائدين وتؤجّل عودة الكثيرين

klyoum.com

لا يزال مشهد الأطفال الصغار وهم يجرون خلف عربات المياه حاملين جالونات صغيرة بحثًا عن بضع قطرات تروي عطشهم مشهدًا مألوفًا في حيّ تلّ الهوا جنوب غرب مدينة غزة. فرغم مرور أكثر من شهر على إعلان وقف إطلاق النار، ما زال الحيّ يواجه أزمة مياه خانقة تحرم سكانه من أبسط مقومات الحياة.

أزمة المياه وعدم وصولها إلى منازل الحيّ زادت من معاناة السكان العائدين إلى بيوتهم المدمّرة، وأجّلت عودة عشرات العائلات الأخرى التي تنتظر تحسّن الأوضاع. فالحملة التدميرية التي شنّها الاحتلال قبل وقف إطلاق النار لم تترك شيئًا صالحًا للحياة، إذ طالت محطات الصرف الصحي وخطوط المياه الرئيسة التابعة لبلدية غزة، ما أدى إلى انقطاع شبه تام للمياه عن الحيّ.

أزمة كبيرة

يقول أبو سامر الغزالي (52 عامًا)، وهو أحد سكان الحيّ العائدين بعد الحرب: "بقيت في مدينة غزة رافضًا النزوح إلى الجنوب، فكان قرار عودتي سريعًا، لكني عدت لأجد كل شيء مدمّرًا."

ويضيف لـ "فلسطين أون لاين": "منذ عودتنا ونحن ننتظر صهريج المياه الذي يأتي كل ثلاثة أو أربعة أيام، نحاول تخزين ما نستطيع للشرب والطهي فقط، بينما نقضي باقي الأيام في عطشٍ نحاول خلاله جلب الماء من مناطق بعيدة."

ويشير الغزالي إلى أن أزمة المياه لا تؤثر فقط على الحياة اليومية، بل تزيد من المعاناة الصحية والنفسية، خاصة في ظل تلوث البيئة المحيطة نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي في الشوارع بسبب تدمير الشبكات.

أما أم أحمد الكيلاني (38 عامًا)، وهي أم لخمسة أطفال، فتصف حياتها في الحي بأنها "عذاب يومي". تقول: "أحتاج للماء في كل شيء؛ لغسل أطفالي وتنظيف الخيمة التي نعيش فيها، وحتى الطبخ أصبح صعبًا للغاية."

وتضيف "عندما ينفد ما لدينا من ماء، أضطر للمشي مسافات طويلة لأملأ جالونًا أو اثنين من أقاربنا في الأحياء المجاورة. نحن نعيش على أمل أن تعود المياه، لكن لا نعرف متى."

وتتابع في حديثها لـ"فلسطين أون لاين": "أرى عمال وجرافات بلدية غزة يأتون لإصلاح الخطوط المائية، لكن دون فائدة تُذكر. نبقى نحن، ربات البيوت، رهينات العطش وقلة النظافة ومعرّضات للأمراض."

وتلفت الكيلاني إلى أن الوضع الصحي لأطفالها بدأ يتدهور بسبب قلة النظافة وصعوبة الحصول على مياه نظيفة، مؤكدة أن بعضهم أصيب بأمراض جلدية نتيجة استخدام مياه ملوثة وانتشار الحشرات الضارة.

من جانبه، يقول الشاب علاء شرف (27 عامًا) إنه اضطر مع عدد من أصدقائه لإيقاف أحد صهاريج نقل المياه الكبيرة التي كانت متجهة إلى مناطق النازحين البعيدة: "اضطررنا لذلك بسبب عدم وصول أي صهاريج إلى الحي منذ ثلاثة أيام، وهو ما كان يشكّل كارثة للعائلات الموجودة هنا"، مشيرًا إلى أنه يرفض هذا التصرف لكنه يراه "نتيجة طبيعية لأزمة خانقة فُرضت على السكان."

ويضيف شرف أن الأهالي يعتمدون في الغالب على مياه الشرب التي تصلهم عبر منظمات محلية ودولية، لكنها لا تغطي سوى جزء يسير من احتياجاتهم اليومية.

أزمة تتجاوز الإمكانيات

ووفق بلدية غزة، فقد دمّر الاحتلال أكثر من 60% من شبكات المياه والصرف الصحي في المدينة، بما في ذلك مضخات رئيسية تغذي مناطق واسعة مثل تلّ الهوا، الأمر الذي جعل إصلاح الأضرار شبه مستحيل في ظل منع الاحتلال إدخال المعدات والمواد اللازمة حتى الآن.

وفي السياق ذاته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في بيان إنّ: "نحو 95% من سكان قطاع غزة لا يحصلون على مياه صالحة للشرب بسبب تدمير البنية التحتية وانقطاع الكهرباء ونقص الوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية."

كما حذّرت منظمة اليونيسف في تقرير لها من أن: "أزمة المياه والصرف الصحي في غزة تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال والأسر، حيث تتزايد مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه بشكل كبير."

يقف سكان تلّ الهوا اليوم أمام واقعٍ قاسٍ: بيوت مهدّمة، وشبكات مياه مدمّرة، وأيام تمرّ بصعوبة في انتظار شاحنة ماء قد تتأخر أكثر مما يحتملون. ومع غياب الحلول العاجلة، يبقى الحيّ نموذجًا حيًّا لمعاناة الغزيين بعد الحرب، حيث لا تزال الحياة محاصرة بين العطش والدمار.

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com