خلاصة هذه الاعترافات: نمنحكم دولة مقابل إعادة صياغة نظامكم وإنسانكم وتاريخكم وذاكرتكم ومستقبلكم
klyoum.com
ينقسم المراقبون، بين متفائل، بالاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، وآخرون متحفظون ينحون للتشاؤم، ينظرون للمسألة كخطوة رمزية للغاية، متأخرة كثيرا، لن تحدث فرقا في حياة الفلسطينيين.
والأهم، أنها تأتي تعويضا عن عجز المجتمع الدولي عن وقف المذبحة، وكبح الاستباحة الإسرائيلية، وإبراء الذمة والضمير، أمام مشاهد القتل والترويع والتجويع المستمرة لما يقرب من عامين.
لا يمكن أن يُفرط بالتفاؤل حيال النتائج والتداعيات المترتبة على "تسونامي" الاعترافات بالدولة الفلسطينية، والذي جرف في طريقه مؤخرا، ثلاثا من دول التحالف الأنجلو-ساكسوني: (بريطانيا، أستراليا وكندا)، ويمكن أن نعزو هذا الحذر، إلى عده أسباب رئيسية:
- الاعترافات لم تقترن بإجراءات عقابية صارمة على إسرائيل، لوقف "المذبحة -الهولوكوست الفلسطيني" المستمرة منذ عامين، ووقف الزحف الاستيطاني الفالت من كل عقاب، ومن أجل وضع حد لعربدة الدولة الوحيدة المارقة في هذا الشرق الأوسط ، بل وفي العالم بأسره.. و"متأخرا جدا"، لأن الاعتراف بدولة للفلسطينيين، جاء بعد أكثر من مئة عام على وعد بلفور المشؤوم، المنشئ لدولة الكيان على أنقاض سكان البلاد الأصليين.
- الحقيقة، النضال من أجل فلسطين، رغم تضحياته، لم يوقف نزيف الدم، ولم يتمكن العالم اجمع من منع الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل.
- الاعترافات بالدولة، لم تقترن كذلك، بتعريف حدودها وخرائطها المُرسّمة في "إعلان الاستقلال" 1988، ولا بموقف من مستقبل الاستيطان القائم والقادم الذي يلتهم إقليمها ويتهدد شعبها.
في نهاية المطاف، يمكن تمرير فكرة "الدولة" منقوصة السيادة والجغرافيا، دولة على جزء من الضفة الغربية، شرط أن تضم العدد الأكبر من السكان، والمساحة الصغرى من الأرض، ومن دون المساس بفكرة "العاصمة الأبدية الموحدة.. ورغم أن الاعتراف بدولة فلسطينية سوف يجلب مزايا قانونية وبعدا رمزيا، إلا أن هذة الاعترافات لن تغير أي شيء على أرض الواقع على الفور, في المقابل إنه "يوم تاريخي"، وإن القضية الفلسطينية بعده لن تظل كما كانت قبله.. لجملة من الأسباب، منها:
· أولا؛ ترفيع مكانة فلسطين من مجرد بعثات وممثليات، إلى سفارات بكامل امتيازاتها الدبلوماسية، بعد أن تكون قد حصلت على اعتراف ما يقرب من 80 % من دول العالم، وبما يفوق عدد الدول المعترفة بإسرائيل.
· ثانيا؛ أننا سنكون أمام وضعية "دولة تحت الاحتلال" بدل "شعب تحت الاحتلال"، مع أن وضعية "سلطة تحت الاحتلال"، لم تستحدث فرقا في أحوال الفلسطينيين، بل زادتها سوءا على سوء، ولا أحد لديه ضمانة، بأن وضعهم سيختلف إن حصل ما يتمناه المتفائلون.
· ثالثا؛ أن "تسونامي" الاعترافات، سيعمق عزلة إسرائيل، واستتباعا، حاميتها الرئيسة: الولايات المتحدة، وسيدفع بهما، وإن بعد حين، للانحناء أمام العاصفة الأممية، لا سيما مع تنامي الضيق العالمي، بحرب الإبادة والتطهير والتهجير، والتجويع وجرائم الحرب التي لم يشهدها التاريخ الحديث التي باتت موثقة في المحافل الأممية.
والحقيقة، أنه لا بد من الإقرار بأن ما يحدث هو "خطوة في الاتجاه الصحيح" يتعين أن تتبعها خطوات، وتطور إيجابي يتكشف عن "فرصة" يتعين استثمارها، وهو مسار سياسي- دبلوماسي- حقوقي- مقاوم، يتعين أن يبدأ بنسبة الفضل لأصحابه، وأصحاب هذا الفضل، هم أهل غزة أولا، الذين صمدوا لعامين في ظروف تعجز الجبال عن تحملها.
أن أكبر العقبات أمام إقامة دولة فلسطينية في يومنا هذا هي ذاتها العقبات التي كانت موجودة قبل 7 أكتوبر. فقبل كل شي، القيادة السياسية الإسرائيلية الفاشية والمحكوم علي رئيس وزرائها من قبل الجنائية الدولية ملتزمة بمنع الاستقلال الفلسطيني بأي ثمن. وثانيا، تعاني القيادة الفلسطينية من انقسام وتفتقر إلى أي شرعية داخلية. ولقد تزايدت هذه العقبات منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول" 2023.
المظاهرات التضامنية في شوارع العالم اجمع، احتجاجات الفنانين، التجمعات الجماهيرية، أسطول "الصمود"، بيانات الإدانة، وقرارات الاعتراف بدولة فلسطين التي صدرت هذا الأسبوع في الأمم المتحدة.. لا ينبغي أن نستخف بكل هذا لمجرد أنه لم يُوقف المجازر. فلكل فعل من هذه الأفعال معنى يتراكم قطرة بعد أخرى. من المؤسف أن الدول بشكل عام إلا البعض القليل لا تتخذ تدابير صارمة عقابية ضد إسرائيل الفاشية.
نحن نشهد الآن أكبر حركة ضمير شهدها العالم’ ففي شوارع فرنسا، وبريطانيا وأيرلندا وإيطاليا وأستراليا والمغرب واليمن وتركيا وبلجيكا وهولندا، والبرتغال، وكندا وشوارع نيويورك وشيكاغو ومدن أمريكية اخري ، لم توقف الأصوات المطالبة بالعدالة لفلسطين. هذه الاحتجاجات، التي يُقال إنها "لم توقف نزيف الدم"، دفعت حكوماتها للاعتراف بدولة فلسطين
إنها قوة الشعوب التي فرضت على الدول أن تُغيّر موقفها. الناس يشاركون يوميا، بكبيرهم وصغيرهم، في دعم فلسطين. كل طفل في العالم يعرف الآن أن إسرائيل تقتل الأطفال في غزة، كل هذه الجهود انتشرت كالأمواج في أنحاء العالم، من دولة إلى أخرى، ومن شعب إلى شعب.
ما نراه اليوم يُشكّل وعيا فلسطينيا لم يسبق له مثيل في التاريخ، من شوارع اليابان إلى بريطانيا، في كل مكان. كراهية إسرائيل أصبحت أمرا شعبيا متناميا. صحيح أن 147 دولة كانت قد اعترفت سابقا بدولة فلسطين، ومع ذلك واصلت إسرائيل احتلال غزة دون اكتراث. والآن، يقترب عدد الدول المعترفة من 157، ومع ذلك ستواصل إسرائيل احتلالها، وهذا أيضا صحيح. لكن علينا أن ننتبه إلى أن هذه الاعترافات حدثت رغم معارضة الولايات المتحدة كقوة عظمى، ورغم تهديدات إسرائيل.
لو لم تكن هذه الاعترافات ذات أهمية، لما ألغت الولايات المتحدة تأشيرات وفد فلسطين في الأمم المتحدة، ولما أصدرت كل هذه التصريحات. ولو لم تكن مؤثرة، لما فقد رئيس وزراء إسرائيل أعصابه، وأخذ يطلق التهديدات في كل اتجاه. ولما زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو في الداخل الإسرائيلي. إسرائيل والولايات المتحدة تعيشان اليوم هزيمة دبلوماسية. ورغم كل قوتهما، لم تستطيعا منع الاعتراف بدولة فلسطين. وسترون قريبا أن هذه المظاهرات التي لم تهدأ منذ عامين ستزداد، وستؤدي إلى فرض عقوبات على إسرائيل من قِبل الدول التي تغاضت عن الإبادة الجماعية. ولن تتأثر صورة إسرائيل وحدها، بل ستتضرر أيضا صورة الولايات المتحدة ومكانتها واحترام العالم لها.
علينا أن ننتبه ونتذكر إلى أن هذه الاعترافات حدثت رغم معارضة الولايات المتحدة كقوة عظمى، ورغم تهديدات الكيان الصهيوني. ولوبياته العميلة والمنتشرة في أمريكا وأوروبا.. لو لم تكن هذه الاعترافات ذات أهمية، لما ألغت الولايات المتحدة تأشيرات وفد فلسطين في الأمم المتحدة، ولما أصدرت كل هذه التصريحات السلبية. ولو لم تكن مؤثرة، لما فقد رئيس وزراء إسرائيل أعصابه، وأخذ يطلق التهديدات في كل اتجاه. ولما زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو في الداخل الإسرائيلي. إسرائيل والولايات المتحدة تعيشان اليوم هزيمة دبلوماسية. ورغم كل قوتهما، لم تستطيعا منع الاعتراف بدولة فلسطين.
وسترون قريبا أن هذه المظاهرات التي لم تهدأ منذ عامين ستزداد، وستؤدي إلى فرض عقوبات على إسرائيل من قِبل الدول التي تغاضت عن الإبادة الجماعية.، ولن تتأثر صورة إسرائيل وحدها، بل ستتضرر أيضا صورة الولايات المتحدة ومكانتها واحترام العالم لها.، ومع تراجع هيبة الولايات المتحدة، ستزداد الضغوط على من هم في السلطة هناك أيضا.، الحقيقة أن دول الغرب ديمقراطية لذا : لا حكومة يمكنها أن تتجاهل غضب ناخبيها.
القضية الفلسطينية مستمرة منذ نحو مئة عام. منذ احتلال بريطانيا القدس وشعب فلسطين يتألم. ومنذ تأسيس دولة إسرائيل، والمنطقة العربية تنزف دما. لذلك، لا يتوقعنّ أحد أن يُحلّ هذا الصراع فورا. والأهم من كل هذا وذاك، أن هذه الاعترافات تستمر وستستمر، فيما حكومة اليمين الفاشي في تل أبيب، تقضي على نحو منهجي منظم، على أية فرصة لقيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة. ويتصدر "التهجير القسري" جدول أعمال هذا الكيان الفاشي ذا الجذور الخزريه ليس في غزة فحسب، وإنما في الضفة والقدس .
التعريف الدولي لاركان الدولة أربعه: الأرض (الإقليم)، الشعب، والنظام السياسي والمؤسسات وإسرائيل لا تترك لحظة تمر، دون العمل على تقويض هذه الأركان مجتمعة.
ان هذه الاعترافات، كثرة منها على الأقل، جاءت محمّلة بالشروط المسبقة، إذ تبارى "المُعترفون" في تدبيج "دفاتر الشروط"، فمنهم من اقترح إصلاحات جذرية في بنية وهياكل السلطة، ودائما بما يعزز دورها الأمني خدمة لإسرائيل واستهدافا لكل أشكال مقاومة احتلالها. ومنهم من اشترط إنهاء حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل عام وإخراجها من الحكم والسياسة والجغرافيا، وجعلها نسيا منسيا، وآخرون زجّوا بقضية الأسري العشرين، كشرط مسبق لتجسيد هذا الاعتراف، وكأن حياة الفلسطينيين تحت احتلال إجرامي بشع. وحياه أكثر من 11 ألفا من الأسرى الفلسطينيين، الذين يعانون مختلف صنوف العذاب والإذلال والتجويع، لا قيمة لهم من منظور "عواصم حقوق الإنسان".
ان مسلسل الاعترافات، ما كانت حلقاته لتتوالى، لولا هذا الانقلاب في الرأي العام العالمي، انقلاب على صورة إسرائيل "المتخيّلة" وسرديتها المستندة إلى الخرافة والأسطورة. وهو إذ يأتي تعبيرا عن "براغماتية" تظهرها الأحزاب الحاكمة في هذه الدول في التعامل مع حسابات "صناديق الاقتراع"، فإنه ينهض شاهدا على إصرار هذه الدول على عدم فعل أي شيء عملي لوقف العدوان البربري ومعاقبة إسرائيل ومقاطعتها.
فكرة "التعويض" هنا، أكبر وأهم من مفاعيل "صحوة الضمير"، وهذا لا ينتقص من أهمية هذا التحول على أية حال، بل قد يكسبه ديمومة مستندة إلى قواعد شعبية راسخة، وجيل جديد متحرر من سطوة "التفوق الأخلاقي" لإسرائيل وعقدة "اللاسامية".
الفلسطينيون في إعلان استقلالهم قبل ثلاثة عقود، رسّموا حدود دولتهم بالأراضي المحتلة عام 1967، قلة فقط من الدول المعترفة حديثا بدولة للفلسطينيين، أشارت إلى هذه الحدود، ما يُبقي "الملف" مفتوحا لجولات قادمة من الصراع. الفضل لفصل الاعترافات يعود لدماء أكثر من ربع مليون شهيد وجريح ومفقود وأسير، الفضل يُنسب لمقاومين أبوا رفع الراية البيضاء، وظلوا على عهد الصمود والبسالة، برغم طوفان النار الذي يلفهم، والهوّة السحيقة في توازنات القوى وموازينها، كما لشعب فلسطين الذي صمد ورفض التهجير يعود الفضل بعد ذلك، وبعد ذلك فقط، يأتي دور الدبلوماسية والدبلوماسيين، ولنا أن نتخيّل سيناريو "سقوط غزة" بعد أيام أو أسابيع قلائل من سيوف نتنياهو الحديدية، أو رضوخ أهلها لمخطط التهجير، ما الذي كان بمقدور الدبلوماسية أن تفعله، وما الذي كان سيتوفر عليه الدبلوماسيون.
الحلقة الفلسطينية الأضعف الان، فالنظام السياسي الفلسطيني (السلطة) المهترئ لا يمكن أن يكون رافعةً من روافع تجسيد الدولة، بل سببا في جعلها أبعد منالا، والإصلاح المطلوب، يتعين أن ينطلق من الأولويات الوطنية الفلسطينية، وليس من رغبات وأوامر الدولة المانحة المحكومة بـ"دفتر الشروط" الإسرائيلية.
أداء السلطة، وتفرُّدها، ونهجها الإقصائي ونزوعها للتكيف مع مندرجات الحل الإسرائيلي ومخرجاته، ورهاناتها المفرطة على "الخارج" بدل "الداخل"، كل ذلك لا يشي بأن "العامل الفلسطيني" يساعد على اغتنام الفرص السانحة والبناء عليها.
والاستثمار في "الفرصة" القائمة، يملي على الدائرة العربية تحركا من نوع مختلف.. النظام الرسمي العربي، أخفق في اجتياز "امتحان الدوحة"، عدوانا وقمة طارئة، وآن أوان الاستناد لهذه الصحوة الدولية، لتقديم نموذج ومثال في التعامل مع "الدولة المارقة"، من خلال خطوات عملية، تنهي مسارات التطبيع المجاني، وتغلق الأجواء في وجه طيران العدو، وتفرض العقوبات والمقاطعة، على كيان الفصل العنصري والإبادة الجماعية والتطهير العرقي و"الترانسفير".
التوجه للجمعية العامة، من مدخل "الاتحاد من أجل السلام"، والسعي لانتزاع قرار منها، باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. إسرائيل تعيد إنتاج سيرة "نظام الأبارتايد" في جنوب أفريقيا على نحو أكثر همجية وتوحشا،. أن نتانياهو يتلاعب به وأنه صار مجرد بوق لسموتريتش وبن غفير وعناصر اليمين المتطرف فى إسرائيل وأن استمراره فى التمسك بمطالبه يجعله شريكاً تابعاً لهم فى جرائمهم وليس زعيما قوياً. انظروا إلى ترامب بأنه مجرد أداة لنتانياهو.
باختصار سيكون أول إجراء لإفشال الخطة أن يتبين نتانياهو وتابعه فى البيت الأبيض أن مراهنتهم كانت خاطئة على الفجوة بين ما يقوله الزعماء العرب علناً وما يوافقون عليه سراً، واعتقادي أن هذه الفجوة ضاقت بالفعل فى هذه الحالة تحديداً وهذا أول طريق المواجه والأهم، أنها تأتي تعويضا عن عجز المجتمع الدولي عن وقف المذبحة، وكبح الاستباحة الإسرائيلية، وإبراء الذمة والضمير، أمام مشاهد القتل والترويع والتجويع المستمرة لما يقرب من عامين.
لا يمكن أن يُفرط بالتفاؤل حيال النتائج والتداعيات المترتبة على "تسونامي" الاعترافات بالدولة الفلسطينية، والذي جرف في طريقه مؤخرا، ثلاثا من دول التحالف الأنجلو-ساكسوني: (بريطانيا، أستراليا وكندا)، ويمكن أن نعزو هذا الحذر، إلى أربعة أسباب رئيسة:
لكن الاعتراف لم يقترن بإجراءات عقابية صارمة على إسرائيل، أقله لوقف " المذبحة " المستمرة منذ عامين، ووقف الزحف الاستيطاني المُتفلت من كل عقاب، ومن أجل وضع حد لعربدة الدولة الوحيدة المارقة في هذا الإقليم، بل وفي العالم بأسره.. و"متأخرا جدا"، لأن الاعتراف بدولة للفلسطينيين، جاء بعد أكثر من مئة عام على وعد بلفور المشؤوم، المنشئ لدولة الكيان على أنقاض سكان البلاد الأصليين.
علينا قول الحقيقة، حتى إن لم تكن تعجبنا. النضال من أجل فلسطين، رغم تضحياته، لم يوقف نزيف الدم، ولم نتمكن من منع الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل.
في المقابل إنه "يوم تاريخي"، وإن القضية الفلسطينية بعده لن تظل كما كانت قبله.. جملة من الأسباب، منها:
· ثانيا؛ أننا سنكون أمام وضعية "دولة تحت الاحتلال" بدل "شعب تحت الاحتلال"، مع أن وضعية "سلطة تحت الاحتلال"، لم تستحدث فرقا في أحوال الفلسطينيين، بل زادتها سوءا على سوء، ولا أحد لديه ضمانة، بأن وضعهم سيختلف إن حصل ما يتمناه المتفائلون
· ثالثا؛ أن "تسونامي" الاعترافات، سيعمق عزلة إسرائيل، واستتباعا، حاميتها الرئيسة: الولايات المتحدة، وسيدفع بهما، وإن بعد حين، للانحناء أمام العاصفة الأممية، لا سيما مع تنامي الضيق العالمي، بحرب الإبادة والتطهير والتهجير، وجرائم الحرب الموصوفة التي باتت موثقة في المحافل الأممية.
أن أكبر العقبات أمام إقامة دولة فلسطينية في يومنا هذا هي ذاتها العقبات التي كانت موجودة قبل 7 أكتوبر. فقبل كل شي، القيادة السياسية الإسرائيلية ملتزمة بمنع الاستقلال الفلسطيني بأي ثمن. وثانيا، تعاني القيادة الفلسطينية من انقسام وتفتقر إلى أي شرعية داخلية. ولقد تزايدت هذه العقبات منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول" 2023. ومع تراجع هيبة الولايات المتحدة، ستزداد الضغوط على من هم في السلطة هناك أيضا. تذكروا: لا حكومة يمكنها أن تتجاهل غضب ناخبيها.
القضية الفلسطينية مستمرة منذ نحو مئة عام. منذ احتلال بريطانيا القدس ونحن نتألم ومنذ تأسيس دولة إسرائيل، والمنطقة تنزف دما. لذلك، لا يتوقعنّ أحد أن يُحلّ هذا الصراع فورا. والأهم من كل هذا وذاك، أن هذه الاعترافات تتالى، فيما حكومة اليمين الفاشي في تل أبيب، تقضي على نحو منهجي منظم، على أية فرصة لقيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
ويتصدر "التهجير القسري" جدول أعمال هذا الكيان، ليس في غزة فحسب، وإنما في الضفة والقدس كذلك.. أركان الدولة ثلاثة الأرض (الإقليم)، الشعب، والنظام السياسي، وإسرائيل لا تترك لحظة تمر، دون العمل على تقويض هذه الأركان مجتمعة.
· أن هذه الاعترافات، كثرة منها على الأقل، جاءت محمّلة بالشروط المسبقة، إذ تبارى "المُعترفون" في تدبيج "دفاتر الشروط"، فمنهم من اقترح إصلاحات جذرية في بنية وهياكل السلطة، ودائما بما يعزز دورها الأمني خدمة لإسرائيل واستهدافا لكل أشكال مقاومة احتلالها. ومنهم من اشترط إنهاء حماس وإخراجها من الحكم والسياسة والجغرافيا، وجعلها نسيا منسيا، وآخرون زجّوا بقضية الرهائن العشرين، كشرط مسبق لتجسيد هذا الاعتراف، وكأن حياة أكثر من 11 ألفا من الأسرى الفلسطينيين، الذين يسامون مختلف صنوف العذاب والإذلال والتجويع، لا قيمة لها من منظور "عواصم حقوق الإنسان".
· أن مسلسل الاعترافات، ما كانت حلقاته لتتوالى، لولا هذا الانقلاب في الرأي العام العالمي، انقلاب على صورة إسرائيل "المتخيّلة" وسرديتها المستندة إلى الخرافة والأسطورة.
وهو إذ يأتي تعبيرا عن "براغماتية" تظهرها الأحزاب الحاكمة في هذه الدول في التعامل مع حسابات "صناديق الاقتراع"، فإنه ينهض شاهدا على إصرار هذه الدول على عدم فعل أي شيء عملي لوقف العدوان البربري ومعاقبة إسرائيل ومقاطعتها.. فكرة "التعويض" هنا، أكبر وأهم من مفاعيل "صحوة الضمير"، وهذا لا ينتقص من أهمية هذا التحول على أية حال، بل قد يكسبه ديمومة مستندة إلى قواعد شعبية راسخة، وجيل جديد متحرر من سطوة "التفوق الأخلاقي" لإسرائيل وعقدة "اللاسامية".
الفلسطينيون في إعلان استقلالهم قبل ثلاثة عقود، رسّموا حدود دولتهم بالأراضي المحتلة عام 1967، قلة فقط من الدول المعترفة حديثا بدولة للفلسطينيين، أشارت إلى هذه الحدود، ما يُبقي "الملف" مفتوحا لجولات قادمة من الصراع.
الفضل يعود لدماء أكثر من ربع مليون شهيد وجريح ومفقود وأسير، الفضل يُنسب لمقاومين أبوا رفع الراية البيضاء، وظلوا على عهد الصمود والبسالة، برغم طوفان النار الذي يلفهم، والهوّة السحيقة في توازنات القوى وموازينها، بعد ذلك، وبعد ذلك فقط، يأتي دور الدبلوماسية والدبلوماسيين، ولنا أن نتخيّل سيناريو "سقوط غزة" بعد أيام أو أسابيع قلائل من سيوف نتنياهو الحديدية، أو رضوخ أهلها لمخطط التهجير، ما الذي كان بمقدور الدبلوماسية أن تفعله، وما الذي كان سيتوفر عليه الدبلوماسيون؟
استثمار "الفرصة" على الساحة الأممية، يبدأ من كسر مفاعيل "الفيتو" الأميركي -الذي استخدم ست مرات- لوقف المذبحه وحرب الاباده وإنجاز التهدئة.
..