اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

عودة أسرى الاحتلال بتوابيت .. يومٌ أسود بـ (إسرائيل) اقترفته يدا جيشها

عودة أسرى الاحتلال بتوابيت .. يومٌ أسود بـ (إسرائيل) اقترفته يدا جيشها

klyoum.com

بتوابيت سوداء سلمت المقاومة جثامين أربعة أسرى إسرائيليين قتلهم جيش الاحتلال وطائراته الحربية بقصفهم خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم بذل المقاومة كل ما بوسعها لأجل حمايتهم من القصف. لتعيش دولة الاحتلال يومًا أسودًا صنعته يدا جيشها الذي قتل أسراه باستهداف أماكن احتجازهم بشكل متعمد، فيما تهربت قياداتها السياسية والعسكرية من دفع استحقاقات صفقة التبادل لإعادتهم أحياء، لتدفع الثمن مضاعفًا باستلام جثث الأسرى بصناديق.

كانت أمام الاحتلال فرصة إتمام الصفقة خلال أكثر من 11 جولة تفاوض، عطلها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادة اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسئيل سموتريتش، ما أدى لمقتل العديد من أسرى الاحتلال في غزة واستشهاد آسريهم بقصف جنوني إسرائيلي أدى لاستشهاد أكثر من 46 ألف مواطن فلسطيني في غزة، بينهم نحو 18 ألف طفل.

ويأتي ذلك في وقت يواجه نظام "هنيعل" انتقادات واسعة في (إسرائيل)، والذي ينص على قتل الأسير الإسرائيلي بدلاً من وقوعه في قبضة المقاومة، ويجيز استخدام أنواع الأسلحة كافة بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي لمنع الأسر، واستخدم يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ليشمل استهداف المستوطنين بجانب الجنود، مما تسبب في مقتل مئات "الإسرائيليين" بقصف جوي لمنع أسرهم، ووسع استخدامه خلال حرب الإبادة وأدى لمقتل نحو 35 أسيرًا إسرائيليًا في غزة.

حملت منصة التسليم في بلدة "بني سهيلا" شرقي محافظة خان يونس، وهي المنطقة التي ادعى جيش الاحتلال العثور فيها على جثامين، صورة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بوجه له أنياب بارزة ودماء تنزل من فمه، وأسفل منها صور عائلة بيباس التي كانت على قيد الحياة وقتلت على يد جيش الاحتلال الذي تعمد قصف أماكن الاحتجاز، مع عبارة "قتلهم مجرم الحرب نتنياهو وجيشه النازي بصواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية".

وأسفل المنصة عرضت المقاومة صورة لمجزرة "صبرا وشاتيلا" وكتب بجانبها "ما كنا لنغفر أو ننسى وكان الطوفان موعدنا"، وهي بمثابة ردها على ما نشرته إدارة سجون الاحتلال السبت الماضي بإجبار الأسرى على ارتداء قمصان تحمل نجمة داود وعبارة "لن ننسى ولن نغفر".

ومن بين الرسائل الموجهة في مراسم التسليم، ما عرضته لافتة بجانب المنصة لصور توابيت وبجانبها عبارة "عودة الحرب يعني عودة الأسرى في توابيت"، ولم تنتهِ الرسائل حتى بطريقة حمل الصناديق السوداء، بحيث صنعت التوابيت بمقابض خاصة جانبية حتى يتم حملها على مستوى الأقدام، وهي رسالة توحي أن أكفان الشهداء الفلسطينيين هي التي تحمل على الأكتاف.

رسائل قاسية

ما حدث، وفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، يظهر كيف قامت المقاومة بتسليم أسرى الاحتلال بطريقة منضبطة وأخلاقية قيمية بوضع جثامين بصناديق، في حين لا يحترم الاحتلال التعامل مع جثامين الشهداء. وهنا يظهر بصورة واضحة التفوق الأخلاقي وهو جانب مهم جدًا، فالاحتلال هزم أخلاقيًا داخليًا وعلى المستوى العالمي.

ورأى المدهون لـ "فلسطين أون لاين" أن مشهد التسليم حمل العديد من الرسائل السياسية والنفسية، أهمها أن نتنياهو وجيشه هم من قتلوا هؤلاء الأسرى لذلك جاؤوا بتوابيت سوداء. الأمر الآخر هو أن المقاومة حرصت على حمايتهم لتكون هناك صفقة أحياء مقابل أحياء، لكن الاحتلال تقصد قتلهم بطريقة متوحشة.

وأكد أن مشهد التسليم يدلل أن المقاومة الفلسطينية مستمرة وتقف على أرض صلبة وأنها منظومة متكاملة، وأن البعد الإنساني والأخلاقي حاضر في كل تفصيلة من تفاصيل التعامل مع أسرى الاحتلال ورعايتهم حتى لحظة تسليمهم.

سخط كبير

وسادت حالة من السخط لدى الأوساط الإسرائيلية على نتنياهو، فقال عضو الكنيست ميراف كوهين "أسرى كثيرون قتلوا أو تم تصفيتهم، كم عدد الذين سيموتون أيضًا بسبب مصالح نتنياهو السياسية والائتلاف بدلاً من إعادة الجميع وإنهاء الحرب"، أما المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بوحبوط فقال إن "حجم الألم يعادل حجم الفشل السياسي والأمني".

وبدا الغضب واضحًا في تصريحات المستويات السياسية، فقال رئيس دولة الاحتلال هيرتسوغ: "بالنيابة عن دولة (إسرائيل) أحني رأسي وأطلب المغفرة، آسف لأننا لم نقم بواجبنا"، فيما وصفه سموتريتش بأنه "صباح صعب"، أما نتنياهو فلم يحضر مراسم استلام الجثامين، فيما قالت إذاعة جيش الاحتلال إن "(إسرائيل) احتجت لدى الوسطاء على مراسم تسليم جثامين المختطفين المذلة من حماس".

ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، إن "الانطباع الخاص في المجتمع الإسرائيلي هو تحميل حكومة الاحتلال بشكل علني مسؤولية مقتل أسرى الاحتلال، لأنها لم تبذل جهودًا كافية لاستعادتهم عبر إطالة أمد الحرب لمصلحة الائتلاف الحكومي لمصالح شخصية سياسية لنتنياهو، وهذا ما يقتنع به غالبية الجمهور الإسرائيلي".

وأضاف أبو عواد لـ "فلسطين أون لاين" بأن "الصور التي ظهرت على المنصة والتي تحمل نتنياهو المسؤولية، هي نفسها التي يتم نشرها في (إسرائيل) لتسببه بمقتل الكثير من الأسرى".

وحول تأثير مراسم تسليم الجثامين، يعتقد أن لذلك انعكاسات متعددة باتجاهات مختلفة، ستضغط باتجاه استمرار الصفقة، لأن الجمهور الإسرائيلي لن يتسامح مع فكرة مقتل آخرين وستكون عامل ضغط إضافي على الشارع بهذا الاتجاه، بهدف استعادة كل الأسرى.

فيما قال الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة إن: "هؤلاء الذين سلموا جثثًا كانوا سينضمون للأسرى الأحياء لو استجاب الاحتلال لمطالب القسام في تبادل الأسرى، لكن صلف نتنياهو وغروره بأنه سعى لرفع شعبيته بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم جعله أيضًا يقتل أسراه محاولًا التخلص من هذا الملف لتجنب دفع استحقاق التبادل، بالتالي لم يحصل على الشعبية التي كان يريدها".

ورأى حمادة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" أن المقاومة أرسلت رسائل عسكرية خلال عملية تسليم الصناديق، بأنها لا تزال موجودة على الأرض وقوية، ورسائل للمجتمع الإسرائيلي ضمن إطار حرب نفسية تمارسها على الاحتلال، تقول لأهالي الأسرى المتبقين في غزة، أنه في حال لم يتم إنقاذهم بالتفاوض فإن الصناديق السوداء آتية بالمرحلة المقبلة لا محال.

تفوق أخلاقي

إضافة إلى كشف الطبيعة القاتلة والإجرامية لجيش الاحتلال وقادته، أظهرت مراسم التسليم كيف حفظت المقاومة كرامة الموتى بتسليمهم بتوابيت مع تدوين اسم كل شخص على جثمان مع علامات دالة عليه من رفات وملابس، بعكس ما كان يسلم الاحتلال جثامين الشهداء برميهم على معبر كرم أبو سالم بأكياس زرقاء دون أسماء أو علامات دالة أو أي هوية لهم، لم يتبع الحد الأدنى من مقومات التعامل بكرامة مع الموتى وفق الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية والشرائع السماوية.

ويقول الحقوقي د. صلاح عبد العاطي: "هناك فارق بين مشهد تسليم جثامين أسرى الاحتلال وبين إعادة الاحتلال لجثامين الشهداء بالأكياس، عدا عن وجود نحو 357 جثامين أسرى فلسطينيين في مقابر الأرقام، تبقى الجثامين محتجزة لتكمل محكومية الأسير، في دول لا تحترم حتى كرامة الأموات".

وأكد عبد العاطي لـ "فلسطين أون لاين" بأن ما يفعله الاحتلال هو تجاوز واضح لأعراف القوانين الدولية وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي تشترط احترام كرامة الأحياء والأموات ومواراتهم الثرى وفق الطقوس والشعائر الدينية.

وشدد أنه يفترض على العالم النظر للطريقة الإنسانية التي تعاملت بها المقاومة في إظهار الاحتلال للموتى، في مقابل ما يفعله الاحتلال بجثامين الشهداء، ووقف ازدواجية المعايير التي تمارسها مؤسسات المجتمع الدولي في نظرتها للفلسطينيين.

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com