الأعياد اليهودية بين تهويد الأقصى وفرض الهيمنة على القدس
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
حماس: هناك ملاحظات وسننشر موقفنا قريبالا تتوقف محاولات الاحتلال وأذرعه لفرض المزيد من السيطرة على الأقصى، وما يتصل بهذه السيطرة من رفعٍ لأعداد مقتحمي المسجد، وتصعيدٍ لأداء الطقوس اليهوديّة العلنية، والوصول إلى فرض الوجود اليهودي في المسجد بشكلٍ كامل في جزءٍ من ساحات المسجد، أو في المسجد بشكلٍ كامل، وخلال السنوات الماضية شكلت "الأعياد والمناسبات اليهودية" محطة مركزية في هذا العدوان المتصاعد على الأقصى، إذ تشكل محطات لحشد المزيد من المقتحمين، وما يرافق هذه الأعياد من عدوانٍ كبير، يؤشر إلى وصول الأقصى إلى واقعٍ بالغ الخطورة، وقد شكل "رأس السنة العبرية" أنموذجًا لهذا الواقع، فقد غابت التغطية بشكل شبه كامل، ولم يستطع أحدٌ معرفة ما يجري في الأقصى إلا بعد نشر "منظمات المعبد" لمقاطع التدنيس، إن كانت نفخًا في بوق "الشوفار" أو أداء للطقوس العلنية في ساحات الأقصى المختلفة، ومع اقتراب باقي الأعياد في هذا الموسم، نسعى لتسليط الضوء عليها، وعلى ما قد يحدث خلالها.
الأعياد محطات لفرض السيطرة على القدس
أتاح كثرة الأعياد اليهوديّة لها أن تتحول بفعل الأمر الواقع، وما تمتلكه سلطات الاحتلال من قدراتٍ وإمكانيات، إلى محطات تسهل على الاحتلال أن يفرض نفسه المتحكم بالقدس بشكلٍ شبه كامل، وخاصة مظاهرها العامة المرتبطة بالاحتفالات الدينية اليهوديّة في كل تفاصيل المدينة، في سياق محاولاته تغييب الهوية العربيّة والإسلاميّة للمدينة، وتسعى سلطات الاحتلال إلى تحقيق جملةٍ من الأهداف من هذه الإجراءات، نسلط الضوء على أبرزها فيما يأتي.
أول هذه الأهداف، سعي سلطات الاحتلال إلى تحويل القدس المحتلة إلى مساحة جغرافية تعجّ بالمستوطنين، عبر حشد المنظمات المتطرفة لأعدادٍ كبيرة منهم من مختلف المستوطنات المحيطة بالقدس، بهدف ترسيخ هيمنة استيطانية قائمة على التفوق العددي — حتى لو كان ذلك مؤقتًا — بالتزامن مع الأعياد اليهودية. وقد أشارت مصادر مقدسية إلى أن الاحتلال بات يحوّل هذه الأعياد إلى مواسمٍ لما يُسمّى بـ"الحجّ اليهودي"، في محاولةٍ لتكريس الرواية الدينية الصهيونية على أرض الواقع.
ثانيها، مزاحمة الهوية الأصيلة للقدس المحتلة، من خلال استهداف الهوية البصرية والثقافية للقدس، لا سيما المرتبطة بمظاهرها العامة المرتبطة بالاحتفالات الدينية، مثل عيدَي "العُرش" و"الحانوكاه". ففي عيد الحانوكاه، على سبيل المثال، يعمد المستوطنون إلى إضاءة الشمعدانات في مواقع متعددة، بعضها قريب جدًّا من المسجد الأقصى. وتدعم أذرع الاحتلال التهويدية — ولا سيما بلدية القدس — هذا المسعى عبر إضفاء طابع يهوديّ على المدينة تحت ذريعة الاحتفال، من خلال تنظيم عروض ضوئية، وإضاءة سور القدس التاريخي، ومرافقة ذلك بحفلات صاخبة تُغيّر طابع المدينة المقدّس.
ثالثها، يسمح التفوق العددي، وحشد آلاف المستوطنين، وما يرافق هذه الأعياد من دعواتٍ سابقة لاقتحام المسجد الأقصى، بمزيدٍ من التدخل في الأقصى، إذ تتخذ سلطات الاحتلال ذرائع عديدة لتشديد السيطرة على أبواب الأقصى، وفرض مزيدٍ من القيود على دخول المصلين، في سياقٍ يهدف إلى جعل الأعياد اليهودية أداةً رئيسية للهيمنة على المسجد ومحيطه، والسماح للمستوطنين بالبقاء داخل المسجد لأطول فترة ممكنة، بما يتجاوز الإجراءات المعتادة.
رابعها، يواكب هذا التصعيد مساعٍ حثيثة لفرض ما يُمكن تسميته بـ"التأسيس المعنوي للمعبد"، عبر تكثيف أداء الصلوات والطقوس اليهودية المرتبطة بفكرة "المعبد" داخل الأقصى. وتتحول اقتحامات المستوطنين خلال الأعياد اليهودية إلى محاكاةٍ حية للرواية التوراتية المزعومة، حيث يُعيدون تمثيل ما يزعمون أنه كان يجري في "المعبد" من طقوسٍ وحركاتٍ وتراتيل، وصولًا إلى ممارساتٍ رمزية تُحاكي تقديم القرابين، ي محاولةٍ لإضفاء الشرعية على وجودهم الديني داخل المسجد.
الأعياد المتبقية في هذا الموسم
مع استمرار موسم العدوان الحالي على الأقصى، وانقضاء عيد "رأس السنة العبرية" نسلط الضوء على ما بقي من أعياد في هذا الموسم، وما يُمكن أن يحدث في الأقصى من عدوانٍ متصاعد:
• عيد "الغفران": بالعبريّة يوم "كيبور"، ويبدأ الاحتفال بهذا العيد قبل غروب شمس اليوم التاسع من تشري ويستمر إلى ما بعد غروب اليوم التالي. وعلى غرار الاعتداءات في رأس السنة العبريّة، يشهد المسجد الأقصى في عيد "الغفران" محاولات النفخ ببوق "الشوفار"، واقتحام الأقصى بالثياب البيضاء، إضافةً إلى محاكاة تقديم القرابين في الأقصى.
• عيد العُرُش (المظال/سوكوت): هو ثالث أعياد الحج عند اليهود، إلى جانب عيدي "الفصح والأسابيع"، ويبدأ في الخامس عشر من شهر "تشري" (تشرين الأول/أكتوبر)، ومدته سبعة أيام. يُعدّ واحدًا من أبرز مواسم الاعتداء على الأقصى، فإلى جانب إشراك أكبر عددٍ من المستوطنين في اقتحامات المسجد، يشهد الأقصى تصاعدًا في أداء الطقوس التلموديّة العلنية في ساحاته، وخاصة أداء "السجود الملحمي" الكامل بشكلٍ جماعي، ومحاولات المستوطنين إدخال القرابين النباتية إلى داخل المسجد.
ماذا ينتظر الأقصى فيما بقي من أعياد؟
انطلق موسم العدوان على المسجد الأقصى، الأطول والأقسى في سلسلة الانتهاكات المتتالية، فقد شهد المسجد الأقصى في "رأس السنة العبرية" تصعيدًا خطيرًا، فقد أدى المستوطنون طقوسًا علنية داخل باحاته، ونفخوا مرارًا في بوق "الشوفار"، مُعلنين نهاية زمنٍ وبداية آخر، وسخّروا وسائل التواصل لنشر مقاطع مصورة يحتفون فيها بهذا التدنيس الصارخ لحرمة المسجد، وشارك مئات المستوطنين في هذه الاقتحامات الجماعية، ولن يتوقف هذا العدوان عند حدود هذا العيد، إذ تتوالى في الأيام القادمة أعيادٌ يهودية أخرى، تحمل في طيّاتها مخاطر تصعيدٍ أشدّ، وفي النقاط الآتية أبرز الاعتداءات المتوقعة في هذه الأعياد من قبل أذرع الاحتلال المختلفة
تشديد إجراءات الاحتلال الأمنية، وفرض إجراءات عمرية وأمنية في الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، ومحاولة تقليل أعداد المصلين على غرار ما جرى في "رأس السنة العبرية".
منع حراس الأقصى من توثيق الانتهاكات التي تجري في الأقصى.
تنفيذ جملة من الطقوس اليهوديّة بالتزامن مع الاقتحامات، وهي:
o أداء الطقوس التلموديّة العلنية في ساحات المسجد، وخاصة أداء "السجود الملحمي" الكامل بشكلٍ جماعي.
o النفخ بالبوق "الشوفار"، في أقرب نقاط ممكنة من الأقصى وفي داخله.
o محاولة إدخال البوق "الشوفار" إلى الأقصى، إلى جانب أدوات الصلاة الأخرى (الطاليت، والسيدور، والتيفلين).
o ارتداء الملابس البيضاء الكهنوتيّة، في إشارة إلى حضور "الكهنة" داخل الأقصى، ودورهم في البناء المعنوي والفعلي "للمعبد".
o محاكاة تقديم القرابين في الأقصى.
o رفع علم الاحتلال في ساحات الأقصى.
o محاولة إدخال القرابين النباتية إلى داخل المسجد.
o محاولة إدخال القرابين الحيوانية، وقد شهدت أعياد أخرى، لا ترتبط بقضية القرابين، إدخال قطع لحمٍ تقطر دمًا إلى داخل الأقصى.
مشاركة حاخامات الاحتلال وأعضاء حاليين وسابقين في "الكنيست" الإسرائيلي في اقتحام المسجد.
أخيرًا، لا شكّ بأن حجم العدوان على القدس والأقصى كبيرٌ جدًا، ولكنه سيزداد في ظل استمرار عدوان الاحتلال على كل فلسطين، وهو عدوان مدعوم أمريكيًا، ويتصل بمحاولات إنهاء المقاومة الفلسطينية تحت ستار اتفاق إنهاء الحرب، وهو ما سيفتح المجال أمام مزيد من الوقائع في الأقصى، خاصة أن الحكومة اليمينية المتطرفة لا تألو جهدًا للمضي قدمًا في إرضاء "الصهيونية الدينية" التي يحلم وزراؤها ببناء "المعبد"، وتحقيق النبوءات التوراتية، ولا شك بأننا في هذا الموسم وما سيليه، أمام مرحلة فارقة تهدد المسجد الأقصى، وتفتح المجال أمام واقعٍ جديد عنوانه بحسب مخططات الكيان: "المعبد" المزعوم.