اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سياسة

رام الله كما الوطن كله نتقاسم فيه الألم والأمل

رام الله كما الوطن كله نتقاسم فيه الألم والأمل

klyoum.com

الكاتب: د. ربحي دولة

لم تكن رام الله يومًا سوى جزء أصيل من هذا الوطن الواحد، الذي يتقاسم الألم كما يتقاسم الأمل، والذي لا تنفصل فيه مدينة عن قرية، ولا يُفصل فيه مخيم عن العاصمة، ولا يُقاس فيه الانتماء بحدود الجغرافيا، بل بمدى الثبات على الحق.

رام الله كغزة، كالمغير، كطولكرم، كجنين، كالقدس… كلها ساحات مواجهة مفتوحة، وكلها مستباحة من قبل الاحتلال، وكلها تدفع الثمن ذاته: شهداء، جرحى، اعتقالات، واقتحامات ليلية ونهارية لم تسلم منها حتى المقرات الرسمية والمنازل الآمنة.

إن اقتحام رام الله الأخير، بعشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود المدججين بالسلاح، ليس حدثًا عابرًا، ولا عملية “أمنية” كما يحاول الإعلام العبري تصويره، بل هو عدوان ممنهج على عاصمة القرار الفلسطيني، وعلى قلب السلطة الوطنية، في محاولة مستمرة لترسيخ الهيمنة وكسر رمزية الوجود الفلسطيني الرسمي والشعبي.

وفي خضم هذا العدوان، لا يَسَعُنا إلا أن نستنكر الأصوات النشاز التي تظهر فقط حين يتعلق الأمر برام الله، محاولةً عزلها عن باقي الجغرافيا الفلسطينية، وكأنها “كائن غريب” لا يعاني الاحتلال ولا يدفع ضريبة الصمود.

في الوقت الذي كان فيه الجنود يقتحمون قلب المدينة، وفي لحظة التماس المباشر بين الجندي والمواطن، برزت الدكتورة ليلى غنام، محافظ رام الله والبيرة، بموقف وطني وشجاع، حيث تواجدت بين الناس، تدافع عنهم، تعبر عن غضبهم، وتوجه رسالة واضحة: أن لا أحد فوق الألم، ولا أحد بمنأى عن الخطر.

ومع ذلك، شاهدنا بعضًا ممن تسابقوا لتقزيم الموقف، أو تسفيهه، أو تحويله إلى مادة للتنمر والسخرية، وكأننا أمام مسرحية سياسية لا واقع دموي تعيشه المدينة

إننا نرفض هذا النوع من الاستهداف الشخصي والمسؤول المغرض، الذي لا يخدم سوى أجندات تُضعف الداخل الفلسطيني، وتُسقط الثقة بين المواطن والمسؤول، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى التكاتف

إذا كان وجود المسؤول في الميدان يُعتبر “مسرحية” عند البعض، فماذا عن غيابه؟ هل يُعدّ حيادًا؟ هل المطلوب أن ينأى بنفسه عن شعبه في ذروة العدوان؟ هل نُدين المسؤول حين يظهر، وحين يغيب؟

نحن لا نُطالب بتقديم الشكر للمسؤول حين يؤدي دوره، فهذا واجبه، لكننا بالمقابل نرفض الإساءة المجانية والسخرية الرخيصة التي تهدف فقط إلى خلق فجوات وخصومات داخل الصف الفلسطيني.

رام الله ليست جزيرة معزولة، وليست مجرد مركز إداري.

هي مدينة الشهداء، ومنطلق الانتفاضات، ومكان القرار السياسي، وهي اليوم تُستباح كما تستباح غزة والقدس ونابلس وجنين. فحين تُقصف غزة، تُقصف فلسطين، وحين تُقتحم رام الله، يُهان الوطن كله.

ما نحتاجه في هذه المرحلة ليس مزيدًا من التشكيك والانقسام، بل وحدة في الموقف، ووعيًا في الخطاب، وعدلًا في تقييم الأدوار.

من حق الناس أن تُحاسب، لكن بعدل. ومن حق المسؤول أن يُنتقد، لكن بكرامة.

لأن القضية ليست شخصًا، بل وطنًا، وما نواجهه ليس خلافًا سياسيًا، بل احتلالًا لا يفرّق بين رام الله وخان يونس، ولا بين مسؤول ومواطن.

لنتذكر دائمًا:

كل الوطن مستهدف… وكلنا في خندق واحد

٠ كاتب وسياسي فلسطيني

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة