معهد الأمن القومي الإسرائيلي: النصر الذي طال انتظاره على حماس لم يتحقق .. فماذا الآن؟
klyoum.com
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي – مصدر الإخبارية
ولم تحقق إسرائيل أهداف الحرب ضد حماس، وهي التدمير الكامل لقدراتها العسكرية والحكومية. لا تزال المنظمة قائمة، على الرغم من أن حجم الضربات التي تلقتها تفوق إنجازاتها. ولذلك، يجب على إسرائيل في هذه المرحلة أن تركز على جهدين رئيسيين: استكمال الخطوط العريضة لإعادة المخطوفين نظراً للالتزام بقضية الأسرى مقابل الفدية وقيمتها لدى الرأي العام الإسرائيلي؛ استغلال فكرة طرد سكان قطاع غزة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعزيز المشاركة الفعالة للدول العربية في استقرار وإعادة إعمار قطاع غزة ومنع حكم حماس هناك.
في وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي (2015)، تم تعريف النصر بأنه "تحقيق أهداف الحرب التي حددها المستوى السياسي والقدرة على فرض شروط إسرائيل على العدو لوقف إطلاق النار والترتيبات السياسية والأمنية بعد الحرب". لم تتحقق هذه الأهداف في حرب "السيوف الحديدية". على الرغم من إطلاق سراح بعض الرهائن، فقد قُتل أكثر من 17000 مسلح حمساوي – حوالي نصف القوة المسلحة لحماس؛ تم القضاء على القيادة العسكرية والمدنية للمنظمة؛ تم تفكيك معظم الهياكل العسكرية لجناحها العسكري؛ تم تدمير معظم أراضي قطاع غزة بالكامل. ومع ذلك، لم تحقق إسرائيل أهداف الحرب التي حددها المستوى السياسي: لم يتم تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس والإفراج عن الرهائن، حتى هذا الوقت، جزئي فقط. لا يعكس مخطط إطلاق سراح الرهائن إكراه إسرائيل لشروطها لوقف إطلاق النار، بل حل وسط مع مطالب حماس، التي تسعى إلى البقاء بكل الوسائل اللازمة. ويبدو أن الواقع المنشود، الذي لا تسيطر فيه حماس على قطاع غزة ولا يشكل القطاع تهديداً لإسرائيل، بعيد المنال في ظل الظروف الحالية.
وبالنسبة لحماس أيضاً فإن ثقل الضربات التي تلقتها يفوق إنجازاتها:
دعاية حماس في ذروتها. الرسائل الرئيسية: لقد أثبتت فكرة الجهاد نفسها؛ حماس أذلت إسرائيل وتسببت لها في فشل عسكري لم تشهده منذ تأسيسها؛ ولا يزال يسيطر على القطاع عسكريا ومدنيا؛ في الوقت الحالي، يعمل على نسف عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية؛ يتاجر بالرهائن مقابل إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء الفلسطينيين؛ لقد نجح نتنياهو في إقناع إسرائيل بتوقيع صفقة معه ـ في حين أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح بعيدتان كل البعد عن تحقيق إنجاز مماثل. وفي مراسم نقل الرهائن الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر في دير البلح، كُتبت عبارة "نحن اليوم التالي" ـ مؤكدة بذلك الرسالة التي تؤكد أن حكم حماس ما زال قائماً وسوف يظل قائماً.
صحيح أن الخطة الخاصة بإطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، التي وافقت عليها إسرائيل، تطبق مبادئ عدم التخلي عن المدنيين والجنود، والضمانة المتبادلة، ووصية فدية الأسرى. ولكن هذه الخطة لها أيضًا آثار سلبية: (1) إنها تشكل اعترافًا صريحًا بأن إسرائيل لم تحقق النصر الكامل؛ (2) فهو يمنح حماس المحاصرة الأكسجين الذي تحتاجه لمواصلة حكمها وإعادة تأسيس نفسها؛ (3) والتي يتم فيها إطلاق سراح أكثر من ألف إرهابي، ومن المرجح أن يعود بعضهم إلى الإرهاب وقتل الإسرائيليين؛ (5) فهو يسمح لحماس بالاحتفاظ بعدد من الرهائن الذين يشكلون بوليصة تأمين لاستمرار بقائها.
ولكن في اللحظة الراهنة، ليس أمام إسرائيل بديل أفضل من مواصلة تنفيذ المخطط – توسيع المرحلة الأولى و/أو التقدم إلى المرحلة الثانية، التي لن تتنازل عنها حماس لأنها من المفترض أن تشمل إنهاء الحرب وضمان وجودها.
لقد أحدثت فكرة ترحيل سكان قطاع غزة التي طرحها الرئيس ترامب ثورة في الخطاب، وربما تحدد شروط نهاية الحرب. بالنسبة للفلسطينيين، ترتبط فكرة المنفى بذكريات النكبة (1948) والنكسة (1967). إن الشعور السائد بين معظم الفلسطينيين هو شعور بالدهشة والقلق الشديد إزاء احتمال التخلي عنهم لمصيرهم وتحول الترحيل إلى خطوة مشروعة. وفي الوقت نفسه، وفي ضوء المخاوف العميقة التي تبديها مصر والأردن ودول عربية أخرى إزاء الهجرة الجماعية لسكان غزة إلى أراضيها، تتاح الفرصة لأول مرة لتجنيد هذه الدول للمشاركة النشطة والفعالة في استقرار قطاع غزة وإعادة تأهيله، مع تنفيذ الشرط المتمثل في أن حماس لم تعد تسيطر على قطاع غزة .
وعلى هذه الخلفية، فإن إسرائيل مطالبة بصياغة مواقف واضحة بشأن التقدم نحو المرحلة الثانية من الخطة الخاصة بالإفراج عن الرهائن وارتباطها بحالة نهاية الحرب (المعروفة باسم "اليوم التالي")، وهو التعريف الذي تجنبته حتى الآن. ويجب على إسرائيل أن تقدم الشروط الضرورية التالية:
ملخص
إن إسرائيل مطالبة باتخاذ قرار يجمع بين التقدم في رسم الخطوط العريضة لإعادة المختطفين، وتشكيل الصورة النهائية في قطاع غزة ــ من دون حكم حماس، مع التركيز على إقامة إدارة تكنوقراطية بدعم ومساعدة قوة عربية مشتركة. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من استغلال إعلان الرئيس ترامب، الذي كان بمثابة "جرس إنذار" للدول العربية، وفي مقدمتها مصر والأردن، بسبب العواقب المتوقعة لنزوح أعداد كبيرة من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيها على استقرارها الداخلي، وبالتالي توحدها لصياغة موقف عربي مشترك إزاء مستقبل قطاع غزة. وقد تجسد هذا الوعي في اجتماع ممثلي المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر، قبيل القمة العربية المقرر عقدها في القاهرة في 27 فبراير/شباط.
إن صحوة الدول العربية تقدم لإسرائيل فرصة: تحفيز هذه الدول على اتخاذ إجراءات حاسمة (على عكس الماضي) من شأنها أن تجلب نهاية لقضية احتجاز رهائن حماس، وإنهاء حكم المنظمة في قطاع غزة، وإقامة قوة عربية مشتركة لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار القطاع ــ على افتراض أن حماس سوف تجد صعوبة في العمل ضدها ــ ودعم إدارة تكنوقراطية فلسطينية سيتم إنشاؤها في القطاع. وهذا بمثابة مخرج من التحدي الذي تفرضه عليهم فكرة هجرة سكان غزة.