مدير مستشفى العيون لـ"فلسطين أون لاين": 5 آلاف مريض مهددون بفقدان النظر بغزة
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
فلسطين بين نكبتينحذر مدير مستشفى العيون في غزة د. عبد السلام صباح، من أن آلاف المرضى يواجهون خطر فقدان البصر بشكل دائم، وسط دمار شبه كامل للبنية التحتية الصحية.
وقال صباح لـ "فلسطين أون لاين" أمس، إن ما يقارب خمسة آلاف مريض مهددون بفقدان البصر بسبب تعذر حصولهم على العلاج المناسب في الوقت المطلوب، ونقص الأجهزة والمستهلكات الطبية اللازمة لإجراء العمليات الدقيقة.
وأضاف صباح، أن نحو 1500 شخص، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فقدوا بالفعل بصرهم خلال حرب الإبادة على القطاع، إما بسبب الإصابات المباشرة أو تأخر العلاج.
وقبل شن الاحتلال حرب الإبادة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان مستشفى العيون التابع لوزارة الصحة يُعد المركز الرئيسي في قطاع غزة، لتقديم خدمات طب وجراحة العيون، ومعتمدًا من المجلس الطبي الفلسطيني والعربي كمركز تدريبي معتمد لبرامج البورد في هذا التخصص.
وكان المستشفى، وفق صباح، يضم طاقمًا طبيًا مكون من 42 طبيبًا متخصصًا، ما بين استشاريين وأطباء بورد، و150 موظفًا في مجالات التمريض والبصريات والصيدلة، كما كان يضم 40 سريرًا موزعة على أقسام العناية والمبيت، بالإضافة إلى 8 عيادات تخصصية وتشخيصية.
كذلك اشتمل المستشفى قبل الحرب على ثلاث غرف عمليات مجهزة بأحدث التقنيات، وكان يُجرى فيه نحو 500 عملية جراحية شهريًا، منها عمليات متقدمة مثل زراعة القرنية وجراحة الشبكية والمياه البيضاء، إضافة إلى عمليات الحقن داخل العين لعلاج الاعتلالات الشبكية الناتجة عن مرض السكري.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي، تعرض المستشفى لأضرار جسيمة طالت مبانيه وأجهزته الحيوية، بحسب د. صباح، الذي أوضح أن أربعة أجهزة رئيسية كانت تستخدم في جراحات المياه البيضاء والشبكية تم تدميرها بالكامل، وهي أجهزة لا يمكن الاستغناء عنها في أي عملية عيون دقيقة.
"كما لحقت أضرار جسيمة بجناح التعليم، وسكن الأطباء، والمباني الإدارية، وأصبحت بعض هذه المباني غير قابلة للترميم وتحتاج إلى إعادة إنشاء من الصفر"، وفق مدير المستشفى الذي بين أنه نتيجة لهذه الأوضاع، خرج المستشفى عن الخدمة بشكل كامل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ما أجبر معظم الطواقم الطبية على النزوح القسري جنوبًا.
وبين صباح، أنه بقي في مدينة غزة وشمالي القطاع، فقط أربعة أطباء عيون، وتم تأسيس عيادة مؤقتة في مستشفى كمال عدوان، إلا أنها لم تكن مجهزة لإجراء أي عمليات جراحية، ما تسبب في توقف شبه تام لخدمات جراحة العيون في المنطقة.
عودة محدودة للخدمة
وتابع: بحلول ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد ترميم جزئي بدعم من وزارة الصحة، عاد المستشفى للعمل بشكل مبدئي، وبدأ تدريجيًا في تقديم خدماته الجراحية والعيادية رغم الإمكانيات المحدودة، وتم تفعيل قسم واحد فقط يضم 14 سريرًا، وبلغ عدد الأطباء العاملين حاليًا 19 طبيبًا ما بين استشاريين واختصاصيين.
وأشار إلى أن قسم الطوارئ استقبل في الاربعة الأشهر الأولى من عام 2025 أكثر من 4300 مراجع، بينما استقبلت العيادات الخارجية 9500 مراجع، وتم إجراء 450 عملية جراحية، إلى جانب العديد من عمليات الحقن داخل العين.
ورغم أن هذه الأرقام تُعد إنجازًا بالنظر إلى الظروف الراهنة، إلا أن نقص المستهلكات الطبية والأجهزة الحديثة يعيق توسيع العمليات والخدمات، وفق ما قاله مدير المستشفى.
وأوضح مدير مستشفى العيون أنه وبسبب الحصار واستمرار الحرب، بات من شبه المستحيل إدخال المعدات والأدوية الضرورية، لافتًا إلى أن وزارة الصحة أرسلت طلبات لتوفير الأدوية والأجهزة، وتلقّت وعودًا من بعض الجهات، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بإدخال أي شيء تقريبًا.
وأردف: نحن نعمل بأساليب بدائية في التشخيص، وهي غير دقيقة وغير مضمونة بسبب غياب الأجهزة الأساسية، حتى التصوير بالألتراساوند للعين غير متاح إلا في مستشفى الخدمة العامة، حيث يوجد جهاز واحد فقط يخدم أهالي غزة والشمال، بعدما دُمر جهازا الألتراساوند في مستشفى العيون.
وبين استشاري طب وجراحة العيون، أن المستشفى فقد أيضًا جهازين من أصل ثلاثة أجهزة ليزر، وهي من الأدوات لأساسية في علاج أمراض الشبكية والجلوكوما، ويحتاجها آلاف المرضى.
نداء استغاثة
وأطلق صباح، نداءً عاجلًا إلى وزارة الصحة والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية (WHO)، مطالبًا بالنظر إلى مستشفى العيون في غزة كنموذج يستحق الدعم والاهتمام الإنساني.
وقال: إن دعم المستشفى بإدخال المستهلكات الجراحية والأدوية والأجهزة الطبية سيمكن الطواقم من إنقاذ آلاف المرضى الذين يحتاجون لتدخلات عاجلة، لا سيما مع تراكم الإصابات وتدهور الحالات.
كما دعا إلى دعم الكادر الطبي نفسيًا وماليا، مشيرًا إلى أن العديد من الأطباء يصلون إلى المستشفى من مناطق بعيدة على نفقتهم الخاصة، باستخدام عربات التكتك، في ظل غياب الرواتب أو وسائل النقل المنظمة.
رغم التحديات، يعكف الطاقم الطبي على استكمال المهام الطبية الجراحية والعيادية بما تيسر من إمكانيات. ويُنتظر أن تُجرى عمليات إزالة المياه البيضاء لأكثر من ألف مريض مسجلين ضمن قوائم الانتظار، بينما تشير التقديرات إلى أن من 5000 إلى 6000 مريض بحاجة إلى تدخلات عاجلة في شبكيات العين والمياه البيضاء، والتي لا يمكن تأجيلها دون مخاطر كبيرة على البصر، بحسب صباح.
وأشار إلى أن ما يتوفر في وزارة الصحة من مستهلكات طبية تكفي لـ400 مريض فقط يعانون من مشكلات في العيون "ما يعني أن هؤلاء المرضى على المدى الطويل سيزيد من كثافة المياه البيضاء في العين وسيتعرضون لفقد ابصار مؤقت، لحين استكمال إجراء العمليات الجراحية".
وقال: إذا لم يتم التحرك العاجل لدعم المستشفى بالمستهلكات الطبية و الجراحية و الادوية الضرورية لكى نتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمة الطبية و الجراحية الضرورية، فإننا سنواجه كارثة صحية تهدد آلاف المرضى بفقد البصر.
وختم صباح، حديثه بتأكيد أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد استهداف النظام الصحي في غزة بشكل ممنهج، حيث دمر 32 مستشفى في قطاع غزة من أصل 35.
ومطلع مارس/آذار أغلقت سلطات الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية قبل أن تستأنف حرب الإبادة الجماعية عسكريا في ١٨ من الشهر ذاته.