جهود وقف العدوان على غزة.. هل تنجح أم تصطدم بمراوغات الاحتلال؟
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
الخارجية المصرية: نعمل على 3 مسارات متوازية لدعم الشعب الفلسطينيفي الوقت الذي تتعاظم فيه الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، تتكثف الجهود الإقليمية والدولية للوصول إلى اتفاق شامل لوقف حرب الإبادة، وسط تساؤلات عن مدى جدية حكومة الاحتلال في الانخراط باتفاق حقيقي، لا سيما في ظل تعقيدات المشهد السياسي في (تل أبيب)، وتزايد الضغط على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو داخليًا وخارجيًا.
وفجر أمس، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنها سلمت الوسطاء ردها على مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، في إطار مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال تدور في العاصمة القطرية الدوحة، برعاية قطرية ومصرية وأمريكية.
وتجري المفاوضات غير المباشرة منذ أسابيع، وتركز المبادرة المطروحة على فترة وقف مؤقت لإطلاق النار يتم التفاوض خلالها على إنهاء الحرب بشكل كامل، وتتخللها عمليات تبادل أسرى بين الجانبين، على أن يتزامن ذلك مع إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة انتشار قوات الاحتلال. وتطالب حماس بضمانات لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو ما ترفضه حكومة الاحتلال حتى الآن.
مؤشرات وعقبات
المختص في الشأن الإسرائيلي نزار نزال يرى أن هناك مؤشرات قوية على اقتراب التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت مدته 60 يومًا، قد تُعلن خلال الأيام القريبة، وقبل الأول من أغسطس/آب المقبل.
ويرى نزال في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، أن "الجو العام في (إسرائيل) يشير إلى تزايد الضغوط على نتنياهو لوقف إطلاق النار، وسط استغلاله للعطلة الصيفية للكنيست كفرصة لتحصين حكومته وقطع الطريق على الأحزاب التي تهدده بإسقاطها حال الذهاب إلى اتفاق تهدئة".
ويضيف: "هذه الهدنة قد تشكل مخرجًا مؤقتًا لنتنياهو، وستقع ضمن عطلة الكنيست التي تمتد لثلاثة أشهر. وخلالها، يمكن له أن يلتقط أنفاسه ويعيد ترتيب أوراقه السياسية والأمنية، تمهيدًا لاستئناف العملية العسكرية لاحقًا، رغم أن طبيعتها المستقبلية لم تتضح بعد".
ويُرجع نزال هذا التوجه إلى عدة عوامل ضاغطة على (إسرائيل)، أبرزها الأداء القوي للمقاومة، والخسائر التي لحقت بجيش الاحتلال الإسرائيلي في الميدان، بالإضافة إلى الضغط الأميركي المتزايد، والانكشاف الأخلاقي والسياسي للنظام العربي الرسمي في ظل المجاعة التي تضرب قطاع غزة.
ويشير إلى أن هناك تقدمًا ملموسًا على صعيد تذليل العقبات الميدانية والسياسية أمام وقف إطلاق النار، مثل خرائط إعادة الانتشار الإسرائيلي داخل غزة، حيث تم تقليص "الخط العازل" من ثلاثة كيلومترات إلى نحو 600 متر، وهو ما قد تقبله المقاومة، وفق اعتقاده.
كما تم التوافق – وفق نزال – على آليات جديدة لإدخال المساعدات الإنسانية، بما يراعي تحفظات المقاومة، إلى جانب عودة تدريجية لمؤسسات الأمم المتحدة إلى أداء دورها الإغاثي. أما ملف الأسرى الفلسطينيين، والذي كان يشكل "عقدة رئيسية" في جولات التفاوض السابقة، فقد شهد بعض الليونة في الآونة الأخيرة، مما يعزز فرص التهدئة.
حاجة اسرائيلية
من جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، د. محمد هلسة، أن نتنياهو ينظر إلى اتفاق وقف إطلاق النار من زاوية الحاجة السياسية الملحة أكثر من كونها خيارًا استراتيجيًا.
وقال هلسة لـ "فلسطين أون لاين": "هذه المرة تبدو الأمور مختلفة، نتنياهو بحاجة إلى وقف إطلاق النار كمرحلة لإعادة التموضع، في ظل أزمة خانقة داخل الائتلاف الحاكم، وأزمة ثقة داخل المجتمع الإسرائيلي ومؤسسة الجيش، فضلًا عن تحولات إقليمية بعد الحرب مع إيران قد تمنحه أوراق قوة في التفاوض".
ووفق هلسة، فإن نتنياهو يراهن على اتفاق الـ60 يومًا ليكون فترة انتقالية يقرأ فيها المشهد من جديد، ويراقب ارتدادات التهدئة على الرأي العام الداخلي، والعلاقات بين مكونات الائتلاف الحكومي. كما يرى أن هناك "ورقة إطار" يتم التفاوض عليها حاليًا، لكن تأخر الإعلان عنها يعود إلى رغبة نتنياهو في تأمين مكاسب واضحة، وتجنب تقديم "تنازلات" قد تطيح بصورته السياسية.
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي، أن إنهاء الحرب يبقى خيارًا واردًا في حال توفرت الشروط التي تضمن لنتنياهو الحفاظ على مكانته السياسية، مشيرًا إلى أن الحديث الإسرائيلي عما يسمى "النصر المطلق" تراجع، لصالح الحديث عن "نهاية مشروطة للحرب".
ويحذر هلسة من أن نتنياهو قد يلجأ لاحقًا إلى استئناف الحرب أو حتى تبكير الانتخابات، إذا ما شعر بأن الهدنة لم تخدم طموحاته السياسية، أو فشل في تطويع الخلافات داخل اليمين الإسرائيلي.
مراوغة سياسية
أما مدير مركز وطن للدراسات، معمر عرابي فيرى أن (إسرائيل) لا تتعامل بجدية مع أي جهود حقيقية لوقف إطلاق النار، معتبرًا أن "كل ما تقوم به هو مراوغة سياسية لربح الوقت، وتنفيذ مخططها الاستراتيجي القائم على القتل والتدمير الشامل لقطاع غزة".
ويضيف عرابي لـ "فلسطين أون لاين": "(إسرائيل) لا تسعى إلى تهدئة بقدر ما تسعى إلى فرض وقائع ميدانية تؤدي في النهاية إلى إبادة ممنهجة وتهجير جماعي للفلسطينيين من غزة، ضمن خطة طويلة الأمد لتفريغ القطاع من سكانه وتهيئة البيئة السياسية والجغرافية لتصفية القضية الفلسطينية".
ويحذر من أن أي فترة وقف إطلاق نار لا تُبنى على ضمانات دولية ملزمة، وخطوات عملية لرفع الحصار وإعادة الإعمار، وضمان عودة النازحين، والانسحاب من قطاع غزة، ستكون مجرد استراحة مؤقتة تستغلها (إسرائيل) لإعادة تنظيم صفوفها وتوسيع عدوانها لاحقًا.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 202 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.