بين المنطق في تقدير الموقف والواقع البائن بينونه كبرى مسافة معجزة وصمود
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
تشريعات قضائية وصفقات ائتلافية على طاولة الكنيست الصيفيةالكاتب:
فراس ياغي
*لفت إنتباهي سرعة بعض المختصين لوضع تقدير موقف قد يكون لحظي ومستند لظروف ايضا تعتبر لحظية في السياق التاريخي، كون اي تقدير موقف حتى لو كان متسرع بعض الشيء، لكن يجب أن يأتي ليس في سياق اللحظية ونقطة، وإنما في سياق اللحظة المرحلية مع ربطها بالنظرة الإستراتيجية وبالذات لمن هم رواد اللعبة الحالية في منطقتنا، وأقصد هنا "نتنياهو" وحكومته إرتباطا بالسياسة الأمريكية والأهداف الإستراتيجية لتلك السياسة التي تعبر عما يريده الطرفين المتناغمين والمنسجمين رغم بعض التعارضات في ملف هنا أو هناك*
*وهنا علينا قراءة الهدف من حديث "نتنياهو" وتصريحاته التي يحدد فيها زمن لحربه المجنونة رغم ان تحديد المهلة الزمنية رافقه أيضا حديث عن إمكانية ان تكون نهاية الحرب قبل الستة شهور التي ذكرها اذا ما تحققت الاهداف، لكن حديث السيد "نتنياهو" يتناقض إلى حد ما مع تصريح وزيره المقرب جدا "ديرمر" وزير الشؤون الإستراتيجية والذي تحدث عن نهاية للحرب في غضون 12 شهر، مما يشير أن لا نهاية للحرب إلا بعد الانتخابات القادمة إذا ما تمت في موعدها، وأيضا يتناقض مع تصريحات "سموتريتش" والتي تعبر حقيقة عما يريده "نتنياهو" أصلا، ومن خلالها حدد بوضوح متى تنتهي الحرب حيث قال: "الحرب ستنتهي عندما تكون سوريا قد تفككت، وحزب الله تلقى ضربة قاسية، وإيران باتت بلا تهديد نووي، وغزة مطهرة من "حماس"، ومئات الآلاف من سكان غزة في طريقهم إلى دول أخرى، والاسرى قد عادوا، بعضهم إلى منازلهم، وآخرون إلى قبورهم في إسرائيل، وإسرائيل ستخرج من هذه المرحلة أقوى وأكثر ازدهارا".*
*طبعا كلام "سموتريتش" بحاجة إلى خمس سنوات لتطبيقه وفق بعض التقديرات الإسرائيلية، وهذا أصلا ما جاء حين تم استخدام الأمر 8 لتجنيد الإحتياط حيث تم إبلاغ بعض جنود الإحتياط ان الحرب قد تستمر خمس سنوات، وقد صرح بذلك أهالي بعض جنود وضباط الإحتياط*
*لنعود إلى تصريحات "نتنياهو" والتي جائت في سياق المناورة والتكتيك وكسب الوقت، وكل المقولات الأخرى عن الرئيس "ترامب" وما يريده، وعن عدم وجود أهداف في "غزة" من الناحية العسكرية وان الحرب أصلا إنتهت وفق الجنرال "يسرائيل زييف"...الخ، كلها من باب الأمنيات في وضع نهاية للحرب التي هي اصلا منتهية من حيث المنطق العسكري والأمني، لأن "نتنياهو" لا يعير إنتباه لذلك بقدر ما يعير إنتباه لما هو في صالح "نتنياهو" وحلف "نتنياهو"، لذلك تصريحاته عن الستة اشهر وقد تنتهي الحرب قبلها ايضا، كانت في إعتقادي للاسباب التالية:*
*أولا- تخفيف الضغط الداخلي خاصة من قبل أهالي الأسرى*
*ثانيا- إشارة للامريكي بأنه وضع جدول زمني واضح لنهاية الحرب وهو مستعد لذلك، لكن المشكلة ان "حماس" ترفض ذلك، يذكر أن هناك مقترح بهدنة لمدة ستة اشهر مقابل الافراج عن جميع الأسرى الأحياء والاموات، على أن يجري خلال تلك الفترة الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب على غزة، وما اصطلح على تسميته "اليوم التالي"، ونزع سلاح المقاومة وغيرها من الشروط المتعلقة بالترتيبات الأمنية والحكم والمنطقة العازلة، وكان رئيس الموساد "ديفيد برنياع" قد ذهب إلى قطر وعرض مقترحين، الاول صفقة جزئية لمدة 45 يوما، والثاني صفقة شاملة لمدة ستة شهور*
*ثالثا- تصريحات "نتنياهو" هذه أيضا رد على كل من يقول أنه يريد حرب بلا نهاية لذلك قام بتحديد أفق وجدول زمني، لكن ذلك يعتمد على "حماس" اذا ما أرادت ان تستسلم أم لا، لأن حيثيات ما قال تأتي في سياق الهدف المسمى "النصر الكامل"*
*رابعا- هناك كذبة كبيرة إسمها العرب والنظام العربي الرسمي بما فيه الفلسطيني، فلا أمريكا تعطيهم إعتبار ولا هم في وارد العقل "النتنياهوي والسموريتشي والبنغفيري"، لأنهم إما فاقدين لقدرة التأثير، وإما يريدون تنفيذ ما يريده "نتنياهو" أصلا، لذلك قصة زيارة الرئيس "ترامب" للسعودية وقطر والإمارات ستكون وفقا لما يريده من حيث عقد الاتفاقيات العسكرية الضخمة والرجوع بهدايا كبيرة والتي ستكون لا مثيل لها وغير مسبوقة في الإستثمار في أمريكا، وقصة غزة حلها بسيط، خلال فترة الزيارة مثلا يعلن "نتنياهو" هدنة وادخال مساعدات لأجل مساعدة الرئيس "ترامب" في زيارته*
*خامسا- الحقيقة واضحة وتحدث عنها "سموتريتش" بشكل واضح، وهي الأهداف الحقيقية التي يسميها "نتنياهو" "النصر الكامل أوالمطلق"، "التغير الجيوسياسي في المنطقة"، لذلك من يريد محاكات الواقع عليه ان يراه بعيون "نتنياهو"، وليس بعيون لا المنطق ولا الأمنيات*
*سادسا- أي إتفاق يؤدي إلى نهاية للحرب لن يكون لصالح "نتنياهو" ولا إئتلافه، لذلك فقصة التوصل إلى هدنة طويلة أيضا "خمس سنوات وليس ستة اشهر" لن يكون إلا جزءا من صفقة تطبيعية شاملة في المنطقة، أي ان التطبيع مع السعودية يكون مقابل نهاية الحرب وبالشروط الإسرائيلية الأمريكية*
*أخيرا، شئنا أم أبينا، "نتنياهو" وحلفه وبغض النظر عن قضية الأسرى، يرون أنهم منتصرين في كل الجبهات حتى في الجبهة الداخلية رغم ضجيج الإحتجاجات وعشرات آلاف التوقيعات، وهذا واضح وجلي في "سوريا"، و"لبنان"، و"الضفة والقدس"، و"العراق"، وفي "غزة" رغم الكارثة لم تحسم بعد ولن يستطيع الإسرائيلي حسمها، وفي "اليمن" لم يستطيع الأمريكي حسمها ولن يستطيع. وفي "إيران" تتراوح بين الاتفاق والضربة، الأمريكي يريد إتفاق والاسرائيلي يريد ضربة وما بينهما ستظهر شروط تؤدي للميل نحو الضربة كما الوضع في "غزة"*
*إذا ما يبحث عنه "نتنياهو" هو فرض السلام والتطبيع بالقوة وفرض نفوذ إسرائيلي واسع في المشرق العربي ككل، وهذا يتعارص مع نفوذ ثلاث دول أخرى "إيران، تركيا. مصر"، لكن الأمريكي قادر على العمل على ترضية "تركيا" بالتقاسم في النفوذ في "سوريا" وبقاء نفوذها في "العراق" وغيرها من الدول كما هو، أما "مصر" فيتم محاولة إسترضاؤها بأن تكون جزءا مما يتم طبخه بين إسرائيل وعرب المشرق، و"إيران" هي المعضلة وهي الحل، لأن بقائها قوية يعني تعطيل للنفوذ الإسرائيلي او بالحد الأدنى تشكل عامل مشاغبة*
*صحيح ان المعادلات لم تحسم بعد نتائجها كون التداعيات لا زالت مستمرة وعلى مختلف الجبهات، لكن الوقائع تشير بأن معجزة هي التي قد توقف هذا الثور الهادر الذي يسمى نتنياهو والذي يستعمل الطريقة الجابوتينسكية متمثلة في جداره الحديدي "القوة ومزيد من القوة وفرض السلام بالقوة"، وعنوان ذلك الإبادة والتدمير والإخضاع والضم والتهجير ووفقا للقصص التوراتية، وهذه المعجزة ممكنة خاصة أن غرور القوة قد يرتد على صاحبه وبالا، او تستمر حروب الإستنزاف، ومن يصمد هو الذي سيحدد قواعد جديدة للعبة وفي حدودها الدنيا منع الثور الهائج "نتنياهو" من تحقيق أهدافه*
*وما بين المنطق في تقدير الموقف والواقع البائن بينونه كبرى مسافة معجزة وصمود، ستحددها اولا وأخيرا "غزة" قبل غيرثقب قبلها من الجبهات*