تقرير المغراقة.. محاولات العودة للحياة مجددًا تصطدم بالدمار الإسرائيلي
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
قناة عبرية: حماس تتمسك بدخول المساعدات عبر الأمم المتحدةلا منازل، ولا منشآت اقتصادية أو صناعية أو زراعية أو حيوانية داخل بلدة المغراقة وسط قطاع غزة، بعدما أتت آلة الدمار الإسرائيلي على جميع منشآتها خلال 15 شهرًا من "حرب الإبادة".
وحتى الدونمات الزراعية المزروعة بأشجار الزيتون والبرتقال وغيرها، لم يبقَ لها أثر، بعدما حلّت مشاهد الدمار والركام داخل البلدة التي توسّع جيش الاحتلال على حساب أراضيها، بذريعة حماية جنوده في "محور نيتساريم" قبل اندحاره عنه في فبراير/ شباط الجاري.
ومنذ أسبوع، يتدفق سكان البلدة للعودة والسكن في خيام ومعرشات أمام منازلهم المدمرة أو في محيطها، لكن محاولاتهم تصطدم بقرار إسرائيلي يمنع دخول المركبات المدنية أو مركبات البلدية لفتح الطرقات أو البحث عن آلية لإعادة ضخ المياه.
قصف الآبار والمركبات
رئيس لجنة الطوارئ في البلدية، يوسف أبو كميل، أكد أن الطواقم الميدانية حاولت منذ اللحظة الأولى لاندحار جيش الاحتلال عن البلدة و"محور نيتساريم" ممارسة عملها والبدء في خطة الطوارئ.
وذكر أبو كميل أن العمل الميداني يحتاج إلى آليات ومعدات لفتح الطرقات الرئيسية وتسوية الحفر الكبيرة، إلا أن هذا الأمر اصطدم بـ"المنع الإسرائيلي" لدخول هذه الآليات والمعدات إلى بلدتي المغراقة وجحر الديك ومدينة الزهراء.
وأشار إلى محاولات البلدية إسناد المواطنين وإدخال آلية ثقيلة إلى البلدة بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلا أن طائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفتها بصاروخ في محيط موقع العمل بعد وقت قصير من بدء مهامها، مما دفع الطواقم المحلية إلى الانسحاب فورًا.
ولفت إلى أن الاحتلال قصف جرافة ميدانية سابقًا خلال عملها في فتح شوارع بمحيط البلدة، ما أدى إلى استشهاد سائقها، إضافة إلى استهداف مركبات المواطنين القادمة إلى البلدة والمحملة بمستلزمات الحياة.
ونوه أبو كميل إلى أن البلدية وزّعت قبل أيام "براميل بلاستيكية" خاصة بمحطات التحلية المدمرة على المواطنين، في محاولة لتسهيل وصول المياه إليهم، عبر جلب البلدية مولدات كهربائية لسحب المياه من الآبار الزراعية "المتبقية" في البلدة.
"لا استسلام"
وعلى الطريق الرئيسي للبلدة، أقام المواطن صخر حسان (42 عامًا) "بسطة" صغيرة لأطفاله الذين يرغبون في عودة أسرتهم كاملة إلى المغراقة.
يحاول حسان، صاحب منزل دمره الاحتلال بعد عام واحد فقط من السكن فيه، "رسم ملامح الحياة" في البلدة المدمرة بالكامل.
كل صباح، يصطحب أبناءه الثلاثة من "خيمة النزوح" في النصيرات إلى منزلهم المدمر، حيث يفرش بسطته بأصناف من الجبنة والبسكويت ليبيعها للمارة أو لسكان البلدة الذين يحاولون يوميًا نصب خيامهم أو "معرشاتهم" لإيوائهم هنا.
ينتظر حسان، الذي فقدت عائلته جميع منازلها، بشوق، أن تتمكن البلدية من ممارسة مهامها، حتى تعود أسرته للعيش في خيمة أمام منزلها المدمر. ويقول: "هنا وُلدت، وهنا عشت.. وهنا سنعيد البناء من جديد".
وأمام منزله المدمر، ينصب المواطن فواز أبو خبيزة (45 عامًا) "عريشة" من ألواح خشبية وحديدية استصلحها من بقايا منزله المدمر، في محاولة أولية لاستعادة أفراد أسرته من مخيم النزوح في بلدة الزوايدة.
يشارك فواز زوجته وأولاده الذين قدموا إلى المغراقة سيرًا على الأقدام، في نصب "العريشة" وتوسيعها، عبر جلب المزيد من الألواح الخشبية والقطع القماشية.
يتوقف الأب، وهو يعيل سبعة أبناء، عن العمل للحظة، ليطلب "ماء الشرب" الذي جلبته أسرته في أنبوبة بلاستيكية من بلدة الزوايدة، مشيرًا إلى أن المغراقة تخلو حاليًا من المياه الصالحة للشرب أو حتى الاستخدام اليومي.
ويقول: "بصعوبة بالغة، استطاعت البلدية توفير صهاريج مياه لتعبئتها من أحد الآبار المدمرة جزئيًا (عند مدخل البلدة)، وفي حال طلب الفرد أو الأسرة ماء للشرب، فعليه التوجه سيرًا على الأقدام نحو مخيم النصيرات".
ويضيف: "الأوضاع المعيشية هنا صعبة جدًا، فالدمار طال البشر والشجر والحيوان على مدار 15 شهرًا، لكن لا بد من العودة إلى البلدة والمنزل حتى لو كان مجرد كومة ركام".
يسود فواز الأمل في عودة الحياة قريبًا إلى البلدة مع رجوع سكانها وعمل الطواقم المحلية، وانطلاق جهود الإعمار والبناء من جديد بمساعدة الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم.
"عودة للاستصلاح"
"إن عجز الإنسان عن البناء.. لن يعجز عن الزراعة"، هكذا يقول المواطن محمد أبو كميل (58 عامًا) وهو يحفر بفأسه لزراعة بعض العيدان والأشجار الزراعية (الزيتون، البرتقال، الرمان، العنب) أمام فناء منزله.
يستذكر أبو كميل منزله الجميل وفناءه المزروع بمختلف المزروعات على مساحة دونم، متحسرًا على "بيارات" المغراقة وأشجارها المتنوعة.
لكن رغم الدمار، يجزم بثقة تامة: "ستعود الحياة للأجمل، وسيعود الإنسان للاستصلاح والإعمار".
ويقول: "اليوم أنا هنا للزراعة.. وغدًا سنعود للعيش في خيمة أو عريشة داخل البلدة"، مشيرًا إلى أن ما يعيق عودة أسرته إلى البلدة هو عدم استصلاح خطوط المياه نتيجة القصف الإسرائيلي المتكرر للمركبات.
ويوصي أبو كميل، الذي فقد العشرات من أفراد عائلته شهداء بجانب منازلهم المدمرة في "حرب الإبادة"، جميع الغزيين بعدم اليأس، ويؤكد: "الله خلق الإنسان للاستصلاح في الحياة المؤقتة، وأن الدار الباقية في الجنة أجمل (إن شاء الله)".
بدأ اتفاق إطلاق النار في مرحلته الأولى في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، ويستمر لستة أسابيع، متضمنًا انسحابًا تدريجيًا لجيش الاحتلال من "محور نيتساريم" وعودة النازحين إلى شمال غزة.
ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال من المحور بأكمله، إلا أنه لا يزال يماطل في تنفيذ "البروتوكول الإنساني" للاتفاق، الذي تم توقيعه برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، ويتضمن إدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام والدمار، إضافة إلى الكرفانات السكنية لأصحاب المنازل المدمرة.