اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سياسة

خطة "ترَمب" والقرار الصعب!

خطة "ترَمب" والقرار الصعب!

klyoum.com

الكاتب:

بكر أبوبكر

عامان والشعب العربي الفلسطيني يعاني ويتقلب بين الأوجاع والآهات وبين الجوع والقتل والمرض في قطاع غزة ويعيش مع أخيه في الضفة من فلسطين حياة الشقاء والضنك مع فارق المعاناة الصعبة وشديد الأذى والعدوان والنكبة في غزة الذي يتفوق بالشدة والوحشية على أكثر من ١٥ حملة عسكرية (حرب) وقعت خلال القرن العشرين كما قال أحد أهم المؤرخين الأمريكان.

بنتيجة العدوان أصبح "نتنياهو" بنظامه الفاشي والدعم الأمريكي اللامحدود يحتل كل بلاد الشام لا يرده أحد لا محور "المقاومة"، ولا محور "الاعتدال" فكلاهما -ولكل ظروفه-قد انكفأ على ذاته، وترك فلسطين (فعليًا) لوحدها وفضّل التراجع والتحصن بما يسمونه "العقلانية" أو العمليانية "البراغماتية" متناسيًا أدوات القوة الكثيرة التي يمتلكها ويستطيع بها أن يواجه تهديدات "نتنياهو" الأسطورية بإسرائيله الكبرى منتشرة في ربوع الأمة كلها.

إن الدولة الفلسطينية هي الأرق اليومي أوالعفريت الذي يحلم به نتنياهو يوميًا والذي تعهد منذ العام ١٩٩٦ بقتله، ومازال يسعى جاهدًا بلا كلل حتى روّع أذهان الأمة أنه سيكون سيّد محور النعمة والخير في مقابل محور النقمة والشر وبالحقيقة أنه يقلب الموازين.

في ظل فهم حدود معاملات الدول ومصالحها كانت المبادرة العربية، وكانت المبادرة السعودية الفرنسية وكان اعلان نيويورك، وتوالت اعترافات الدول الغربية هذه المرة لتضاف للاعترافات بفلسطين منذ العام ١٩٨٨ ولتدفع الدول المعترفة الجديدة بمقعد العضو المراقب لدولة فلسطين نحو مقدمة الركب، ومازال "نتنياهو" وجيشه ونظامه يتجنب النطق باسم فلسطين، بل ويمحوها من الخريطة كما يمحو شعبها على الأرض بالدم.

بعد الخطة الأخيرة لترَمب بتعديلات نتنياهو الفاسدة والعميقة، وجب على صاحب القضية الأول أن ينتبه جيدًا أن المقصود هو ليس هذا الحزب أو التنظيم أو ذاك بل مُجمل القضية، ومن هنا كما نقول للأمة نقول لأنفسنا أي الفلسطينيين أن الوقت قد حان لفهم أن النار تحرق كل البيت كما يفعل ويقول الإسرائيلي الفاشي يوميًا، فما من درع يحمي المسيرة إلا بمدّ اليد وتحت مظلة واحدة واتخاذ القرار حتى لو فُهم أن في ذلك تنازلًا وطنيًا هنا أو هناك، فإنه أفضل ألف مرة من الاستفراد الحاصل المفضي للدمار لكل الشعب والقضية.

إن النجاة لا تكون إلا بالوحدة للبرنامج والسلاح والسلطة والقيادة الواحدة والتي تأتي بالقرار المشترك على عكس ما حدث وحصل من مقامرة وجرّالمنطقة للخراب باستدراجات الإسرائيلي، فلقد آن الأوان للإقدام خطوات نحو الأمام وعدم الاستماع للمحاوِر، والبدء بالاستماع للصوت الوطني الجامع، وصوت الجماهير الفلسطينية والعربية، وغير العربية التي هتفت بالملايين في كل مكان من أجل فلسطين، وشعبها لا من أجل الفصيل س أو ص أبدًا.

يقول الكاتب والمفكر هاني المصري إننا بين سيناريو التصفية الشاملة وخيار(سيناريو) الوفاق الوطني المطلوب، معلقًا على ضرورة التقاط الانفاس واستخلاص العبر والتقدم نحو مشروع كفاحي فلسطيني يصون القضية، ويقول الكاتب والمفكر إبراهيم أبراش: "على حماس أن تعلن أنها تسلم كل ملف غزة لمصر ودولة فلسطين والأمم المتحدة وأن تتم أي مفاوضات معهم ، وبهذا تصبح حماس شريكا فيما يجري من حراك دولي إيجابي لصالح فلسطين"، ويقول المحلل أمير مخول بعد تعداده للمخاطر الجمّة على الشعب والقضية بخطة ترمب البائسة والمتجنية على الحق والعدل أن "الصيغة لا تفي بالحد الأدنى لحل سلمي عادل للقضية الفلسطينية" مشيرًا لاستبعاد عدم موافقة "حماس" لأنه " سيكون من المستبعد عدم اعطاء الأولوية لأصوات غزة الجائعة حتى الموت والمبادة والنازحة." وفيما يكتب مروان طوباسي تحت عنوان:"حسابات خاطئة ، الترحيب بخطة تُقصي أصحابها ." فإنه يطالب باعلان حكومة انقاذ وطني، مع دعوة فصيل حماس لمراجعة رؤيته والتوقف عن المغامرة، والاتجاه نحو توحيد الموقف الفلسطيني.

دعنا نحن نقول إن أمام الفصائل -بعد خطة ترَمب-واليوم على رأسها فصيل "حماس" بغزة خيارات ضئيلة وتتناقص باستمرار مع نزيف الدم المهراق، وما الفصيل بأهم من الوطن فليذهب الفصيل الى الجحيم أولينتظر مرحلة قادمة، أو ليعي أن الثورة والنضال والمواجهة أشكال وأساليب مختلفة، ولا تتوقف عند حد أو نوع واحد ثبت بالتجربة -بعد أشهر طويلة عجاف-ضعفه وحصاره وعدم امكانية تقدمه لينتزع شيًا، وعلى الفصيل وكل الفصائل أن تعي أن الجولة الحالية إن انتهت مع أو ضد مخطط "ترمب" المجحف، فالقادم أعظم على قطاع غزة ومجمل فلسطين فلا مناص من اللقاء والقرار المشترك والاستعداد لجولات قادمة بأشكال مختلفة.

إن صانع القرار إن لم يكن ذو رؤية فالعمى السياسي سبيله ومآله الهلاك وإن غطى عينيه أو ارتهن للمحور الفلاني أو العلاني سقط سقوطًا مرًا لا سيما أن الوضع الحالي يقول أنه يجب أن يؤخذ صوت الشارع الفلسطيني وخاصة الغزّي المنهك طوال عامين مريرين. فلا استدراكات ولا توضيحات ولا تعديلات غير قابلة للتعامل معها-رغم كل ما برز من سوء خطة "ترَمب-نتنياهو"-هي أولى من الحفاظ على حياة ما تبقى من شعبنا بعيدًا عن شعارات التهييج والتحشيد والتدليس التي انتشرت منذ بداية المباغتة حتى ظن الأباعد أن الحرب بين جيشين عظيمين، وبالحقيقة أن الفلسطيني بجسده العاري فقط وصموده يقاوم أكبر آلة حربية بالتاريخ المعاصر.

إن القرار الموحد من الكلّ الفلسطيني، بلا محاور، ضروري وعاجل مهما كان حجم التنازلات لصالح حياة الناس والقضية، أو كيفما فُهمت، فالغد بإذن الله أفضل والجولات قادمة، والمسار النضالي والمقاوم لتحقيق استقلال دولة فلسطين (عفريت نتنياهو) مازال طويلًا، ويحتاج جهود الجميع وليدرك كل صاحب نظر طويل أو قصير إن الشعب أهم من الفصيل، والوطن أهم من القادة. والمسيرة الكفاحية لا تتوقف عند حدود جماعة ما، بل مستمرة بهمة أصحابها وإيمانهم الذي لا يتزعزع.

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة