الأكثر قسوة وتجريدا للكرامة.. إسرائيل تواصل تجويع غزة منذ 52 يوما
klyoum.com
متابعات – مصدر الإخبارية
تواصل إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية والقتل البطيء بحق أكثر من مليوني فلسطيني بقطاع غزة بممارسة أقسى "تجويع"، حيث تُغلق المعابر لليوم 52 على التوالي أمام دخول المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية والوقود ما أدى إلى شلل شبه تام في مختلف القطاعات الحيوية.
كانت المساعدات تدخل القطاع عبر 3 معابر: "معبر كرم أبو سالم" (جنوب)، ومن معبر أو نقطة استحدثتها إسرائيل خلال الحرب وأطلقت عليها اسم "زيكيم" (شمال غرب)، وحاجز بيت حانون "إيرز" (شمال).
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 168 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
ومطلع مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصلت منه، واستأنفت الإبادة في 18 من ذات الشهر.
وفي 2 مارس أغلقت إسرائيل معابر القطاع الثلاثة أمام المساعدات الإغاثية والوقود واستأنفت الإبادة الجماعية.
ويعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أعلن دخول القطاع حالة المجاعة في 19 مارس، فيما أعلنت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (مستقلة) دخول غزة في حالة "المجاعة" في 11 أبريل/ نيسان الجاري بعد نفاد مخزون الغذاء والدواء والوقود.
وبذلك، تكون الأزمة الإنسانية في القطاع بلغت "أسوأ مراحلها منذ أكتوبر 2023″، وفق ما أكدته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
كما اعتبر مفوض "الأونروا" العام، فيليب لازاريني، الثلاثاء في منشور، أن إسرائيل تستخدم "المساعدات الإنسانية أداة للمساومة وسلاح حرب في غزة".
انعدام كارثي للأمن الغذائي
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، قال بتصريحات للأناضول إن 2.4 مليون فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد والكارثي.
وأضاف أنه وفقا لتقييم التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي IPC، فإن الأزمة تنذر بدخول أكثر من نصف مليون إنسان في المستوى الخامس (كارثي) وهو أعلى مستويات المجاعة.
وبالتالي باتت غزة "تواجه خطر المجاعة بشكل وشيك، بل إن أجزاء منها تشهد مجاعة بالفعل"، وفق قوله.
وأوضح أن أكثر من 90 بالمئة من الفلسطينيين يعتمدون بالكامل على مساعدات غذائية لم تعد تصل بسبب إغلاق المعابر والحصار ومنع دخول المساعدات.
وذكر أن عشرات المخابز توقفت عن العمل بسبب نفاد الدقيق والوقود، مشيرا إلى اضطرار برامج ومنظمات دولية تعليق دعمها تمرير الغذاء وتشغيل المخابز، فيما تعمل بعض المخابز المتنقلة بقدرات محدودة جداً.
تقليص الوجبات اليومية
المرصد الأورومتوسطي من جهته قال إن العائلات بغزة اضطرت لتقليص وجباتها اليومية للحد الأدنى ما أدى إلى نقص واضح في أوزان الأفراد.
وأضاف في بيان نشره في 17 أبريل، إن معظم فلسطيني القطاع يعتمدون بشكل شبه كامل على المعلّبات القليلة المتوفرة، في ظل غياب الغذاء الطازج والمغذي.
وأوضح أن العائلات تعتمد أيضا بتوفير وجبات طعامها على ما توزعه التكايا الخيرية التي صعد الجيش من وتيرة استهدافها بقصف الأسابيع الأخيرة في إصرار على حرمان الناس من حقهم بالحصول على الحد الأدنى من الطعام.
كما يشكو أصحاب تلك التكايا من قلة الغذاء المتوفر في الأسواق والذي يعتمدون عليه في صناعة وطهو الطعام للجائعين فضلا عن ارتفاع أسعار ما يتوفر منه.
وشدّد المرصد الحقوقي على أنّ جريمة التجويع التي تنفذها إسرائيل بحق المدنيين في غزة تعد واحدة من أكثر صور الإبادة الجماعية قسوةً وتجريدًا للكرامة الإنسانية.
واستكمل قائلا: "لا يقتصر حرمان المدنيين من الغذاء فقط، بل تهدف إسرائيل إلى القضاء على قدرتهم على البقاء، عبر تدمير سبل العيش، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، واستهداف مصادر الإنتاج، وتعطيل سلاسل الإمداد".
بدوره، قال برنامج الأغذية العالمي إن العائلات في غزة لا تعرف من أين ستأتي وجبتها التالية، في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ نحو 7 أسابيع.
أزمة تفتك بالأطفال والنساء
قال المرصد الأورومتوسطي إن آثار هذه الجريمة الإسرائيلية الأكثر فتكا تصيب الأطفال والنساء الذين يشكلون أكثر من ثلثي سكان القطاع.
وأوضح أن الأطفال يواجهون خطر الموت البطيء نتيجة "سوء التغذية الحاد ونقص المناعة وتأخر النمو"، جراء غياب الغذاء والرعاية الصحية التي تأثرت بالإغلاق الإسرائيلي.
وذكر أن أكثر من "مليون طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد في ظل انعدام الغذاء، وانهيار شبه تام للبنية التحتية الصحية" إضافة للنقص الحاد في توفر المياه الصالحة للشرب.
وفي 16 أبريل، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن أكثر من مليون و100 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد في ظل غياب الغذاء وشح المياه وتدهور المنظومة الصحية.
فيما قال الثوابتة للأناضول، إن 50 طفلا توفوا في غزة بسبب سوء التغذية الحاد ونقص الغذاء والدواء منذ 7 أكتوبر 2023، من أصل 52 حالة وفاة.
كما حذر المرصد الحقوقي من مخاطر جسيمة تتعرض لها النساء الحوامل والمرضعات من شأنها أن تهدد حياتهن وحياة أطفالهن نتيجة انعدام التغذية الأساسية وانهيار النظام الصحي.
تطعيمات الأطفال
وزارة الصحة بقطاع غزة قالت الثلاثاء، إن إسرائيل تواصل منع دخول تطعيمات شلل الأطفال إلى القطاع لليوم الـ40 على التوالي.
وأضافت في بيان: "منع إدخال التطعيمات يعيق جهود تنفيذ المرحلة الرابعة لتعزيز الوقاية من شلل الأطفال".
وحذرت من أن 602 ألف طفل يتهددهم خطر الإصابة بالشلل الدائم والإعاقات المزمنة في حال لم يتم إدخال هذه التطعيمات.
كما حذرت من مضاعفات صحية خطية وغير مسبوقة قد تصيب الأطفال جراء انعدام مصادر التغذية السليمة ومياه الشرب.
شلل القطاعات الحيوية
قال الثوابتة، في حديثه للأناضول، إن إغلاق المعابر تسبب بشلل تام في القطاعات الحيوية في قطاع غزة.
وأضاف أنه على صعيد القطاع الصحي فقد خرجت 38 مستشفى عن الخدمة نتيجة القصف والاستهداف المباشر أو نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود منذ 7 أكتوبر 2023.
وأوضح أن المصابين والمرضى يواجهون منذ بدء الحرب "خطر الموت نتيجة عدم توفر الرعاية الأولية، في حين تُستخدم المدارس والمساجد كمراكز إيواء عشوائية للمصابين".
وأما على صعيد المياه والصرف الصحي، قال الثوابتة إن أكثر من 90 بالمئة من سكان القطاع لا يحصلون على مياه صالحة للشرب بسبب منع إدخال الوقود المشغل لمحطات التحلية وآبار المياه القليلة المتوفر في القطاع.
وأوضح أن ذلك أدى إلى "ازدياد معدلات الأمراض الناتجة عن تلوث المياه وانعدام النظافة بسبب توقف محطات المعالجة".
وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90 بالمئة من فلسطينيي القطاع من منازلهم، بعضهم مر بهذه التجربة لأكثر من مرة، حيث يعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء دون مأوى، ما زاد من تفشي الأمراض والأوبئة.