غزة على حافة المجاعة.. أطفال يموتون جوعًا وسط صمت العالم
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
ماسك بعد عطل إكس : سأعود لتخصيص كل وقتي لشركاتي"لم يبقَ في البيت شيء.. لا طحين، لا أرز، لا زيت، حتى ما كنت أختزنه من المعلبات انتهى.. لا أعلم ماذا سأطعم أطفالي غدًا"، بهذه الكلمات التي تقطر وجعًا، يختصر محمود نعيم، نازح من شمال قطاع غزة، حجم الكارثة التي تضرب القطاع، فقد دخلت المجاعة مرحلة غير مسبوقة، وبدأت تنهش أجساد الأطفال قبل الكبار.
منذ أسابيع، تتزايد المؤشرات على انهيار الوضع الإنساني في غزة، ومع استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الغذائية، بات أكثر من 2.4 مليون فلسطيني على حافة الجوع الكامل. لكن التحذيرات لم تبقَ في حيز الأرقام، فقد بدأت تُترجم إلى مشاهد موت حقيقي، خاصة في صفوف الأطفال.
في مركز إيواء مؤقت غرب غزة، التقينا بسامي الترامسي (40 عامًا)، الذي نزح قبل أيام من جباليا تحت القصف. كان يحمل طفله الرضيع بين يديه، وقد بدت ملامح الهزال على وجه الصغير. يقول سامي:
"لديّ أربعة أطفال.. لم أعد أستطيع توفير الطعام لهم. ننتظر وجبة من التكية كل يوم، لكنها أصبحت شبه متوقفة. الطحين نفد، المعلبات انتهت، الأسعار في السوق خيالية، من أين آتي؟ لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل".
سامي لا يعرف ما إذا كان أطفاله سيأكلون غدًا، فالخيام التي لجأ إليها مع آلاف النازحين الآخرين أصبحت عنوانًا للبؤس، لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.
مصطفى أبو زايدة (35 عامًا) يتحدث بخوف ممزوج بانكسار. لديه طفلان توأم، لم يبلغا العامين بعد، ويعانيان من سوء تغذية، بعد أن أصبح الحليب والحبوب الغذائية نادرة الوجود أو مرتفعة الثمن بشكل يفوق القدرة.
يقول مصطفى: "أصبح لديّ هاجس دائم.. أخشى أن أفقد أولادي. أسمع أخبار الأطفال الذين ماتوا من الجوع، وأشعر أن الدور سيصل إلينا. أحاول توفير ما يمكن، لكن حتى الخبز أصبح نادرًا. لا نريد سوى أن تتوقف الحرب، وأن يدخل الطعام فقط".
كلمات مصطفى تختصر ما يعيشه آلاف الآباء والأمهات الذين ينامون كل ليلة وأيديهم على قلوبهم، لا يدرون إن كان أبناؤهم سيصمدون في وجه هذا الجوع القاتل.
وفي شهادة ثالثة، يروي محمود نعيم (43 عامًا)، نازح آخر يعيش في مركز الإيواء ذاته، تفاصيل مؤلمة عن تفكك الحياة اليومية، بعد أن استهلك كل ما كان يحتفظ به من طعام معلب.
"كنت أخزن بعض المعلبات والطعام القابل للتخزين خوفًا من الأسوأ.. لكن كل شيء انتهى. لم يبقَ لي شيء. أستيقظ كل صباح وأنا أفكر: كيف سأطعم أطفالي اليوم؟ إنها لعنة لا توصف".
ويضيف محمود بنبرة حزن: "نسمع عن مساعدات على المعابر، لكن لا نراها. أين هي؟ لماذا لا تصل؟ لماذا يموت الأطفال جوعًا؟".
التحذيرات من كارثة وشيكة لم تعد مجرد أرقام، فقد أكد رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور يونس الخطيب، أن نحو 29 طفلًا توفوا في الأيام الماضية نتيجة الجوع، معتبرًا أن ما يحدث هو تقييد ممنهج للمساعدات، لم يسبق له مثيل في تاريخ العمل الإنساني.
وفي الوقت نفسه، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن نصف مليون شخص معرضون للموت جوعًا خلال الأشهر المقبلة إذا استمر الوضع على حاله. وقال المتحدث باسم البرنامج كارل رينارد: "بحسب أسعار السوق في غزة الآن، تصل تكلفة شاحنة واحدة من الدقيق إلى نحو 400 ألف دولار. الحل هو إدخال مئات الشاحنات يوميًا، وإلا فالوضع سيتحول إلى مجاعة جماعية".
منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتعرض غزة لحرب إبادة ممنهجة، خلّفت حتى الآن أكثر من 175 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، ناهيك عن دمار شامل للبنى التحتية، ونزوح غير مسبوق في ظل أوضاع إنسانية خانقة.
وفي الوقت الذي تئن فيه غزة تحت وطأة الجوع، لا تزال إسرائيل تمنع دخول المساعدات، وسط دعم أمريكي وتواطؤ دولي، ما يجعل المجاعة سلاحًا يُستخدم لكسر إرادة الناس، الذين ما زالوا صامدين رغم الجوع، الموت، والتشريد.
في الخيام الممزقة والملاجئ المؤقتة، تقف أمهات وآباء أمام أطفالهم الجوعى بلا حيلة. وكل ما يملكونه الآن: دعاء صامت، ودموع لا تُرى، وصبر على أمل أن يقترب الفرج.