ابنُ غفير والذكاء الصناعي
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
وزير إسرائيلي: لا حاجة لإقامة دولة للفلسطينيين لأنهم أغلبية بالأردنجلسَ ابنُ غفير أمام شاشة الحاسوب، يحدّق في الواجهة الزرقاء للذكاء الصناعي بأحدث نسخة له.
كتب سؤاله الأول:
"كيف تخدمني – إن سمحت – في استحداث طرقٍ ووسائلَ تعذيبٍ لم يسبقني إليها أحدٌ على مرّ التاريخ البشري؟ أريد منك أن تُخرج كلّ طاقاتك في خيال الرعب الواسع، الذي يُذيق كائناتٍ مجرمةً دون البشر بكثير، وهي سامّةٌ ومؤذية. كيف نُذيقُها أشدَّ العذاب؟"
ساد صمتٌ قصير. ثم ظهر الرد على الشاشة بصور متعددة من وسائل وطرق التعذيب الجهنميّة.
قطّب ابنُ غفير حاجبيه، وسارع بالكتابة: هذا غير كافٍ… أريد شيئًا أعظم، شيئًا يدهشني.
أجابه الذكاء الصناعي بهدوء:
" نعم، لقد أدركت أنّك تفكّر خارج الصندوق وتريد ان تبلغ ما لم يبلغه أحدا من قبلك. سأبذلُ مزيدًا من الجهدِ لأحقّقَ لك ما طلبتَ."
ثم إنّه قدم له وجبة دسمة من أشكال العذيب المريع.
لكن ابنَ غفير لم يقتنع، فطبعَ على لوحة المفاتيح بعصبية:
"هذا غيرُ كافٍ! أريدُ أن ترفعَ المستوى أكثرَ وأكثر!"
وظلّ الحوار من الصباح إلى المساء.
في كلّ مرةٍ يقدّم الذكاء اقتراحًا، يرفضه ابنُ غفير ويطلب رفع مستوى التعذيب الذي يليق بهذه الحيوانات البشرية، حتى خيّل إليه أن الذكاء بدأ يتنهّد من كثرة الطلبات.
قال في نفسه: لابدّ أن أصل إلى الحدّ الأقصى… أريد أن أراه يبدع كما لم يفعل من قبل.
وفي نهاية اليوم، بعد ساعاتٍ من الحوار والجدال، ابتسم ابنُ غفير وقال بصوتٍ مبحوح:
"سأريك أفضل مما ذكرتَ لتضيفَه إلى مخيّلتك، ولتقدّمَ خدمةً أفضل لمن يطلبُ منك الطلبَ نفسه بعد اليوم."
وبالفعل، مضى إلى سجونه حيثُ ينتظره الأسرى. طبّق ما تعلّمه من الذكاء الصناعي، وأضاف عليه من بنات أحقادهِ القديمة الكثير الكثير.
كان يتفنّن في ما يفعل، يراقبُ الألم بعينٍ باردة، ويقول في نفسه: الآن فقط… تفوّقتُ على الذكاء الصناعي.
بعد فترة من تحويل السجون الى تطبيقات ابن غفير التي فاقت قدرات الذكاء الصناعي جاء زائرا ليرى أثر تطبيقاته، جاء بطاقم تصوير ، وقف مثل ضبع مفترس ولم يلحظ ما لاحظه السجانون من حوله أنّ رائحته فاحت وزكمت أنوف المكان وأنوف من فيه من الحشم، نفش ريشه ونعق كغراب يرى نفسه وحشا كاسرا في معمعان معركة ضروس، رغم أن الطرف الثاني للمعركة أسرى قد جرّدوا من كلّ أسباب القوّة حتى لحمهم وعضلهم قد أنهكته الأيام الطويلة من الجوع والقهر والمرض، بتنمّر فظيع وروح عنصرية نكدة عوى:
- ما في تلفزيون ولا راديو ولا شوكالاته، ها هم كما ترون منبطحون ساجدون على الأرض لا حول لهم ولا أيّ شأن، هؤلاء صفر على الشمال ليس لهم إلا الموت.
" أظهر كل وحشيته العنصرية الحاقدة وفرد عضلات المارد الأعور الذي يسكن أعماقه، ظهر كمصاص دماء يمسك بفريسته ويمعن في استنزاف كلّ ما فيها من حياة ودم. وصدّر للعالم البشري نموذجا فاشيا ساديا نازيا لا يضاهيه أحد في التباهي بما يرتكب مما لم يرتكبه بشر مع بشر من قبل.
الذكاء الصناعي من ناحيته بات يلعن من صنعه ووظفه لخدمة هذه الحثالة ، تحوّل إلى سلعة رخيصة يستنزفها مثل هذا النوع من شرّ البشر.