تقرير خروقات الاحتلال لاتِّفاق وقف الحرب... تجاهل للقرارات الدَّوليَّة بدعم أمريكيّ
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
عقبات أمام تنفيذ الخطة الأميركية التي أقرها مجلس الأمن بشأن غزةيستمر الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ خروقات واسعة وممنهجة لاتفاق وقف حرب الإبادة في قطاع غزة، غير آبهٍ بالقرارات والمواقف الدولية ذات العلاقة.
فمنذ اللحظات الأولى لإعلان اتفاق وقف الحرب في 10 أكتوبر الماضي، شن الاحتلال العديد من الغارات، وازدادت عمليات القصف المدفعي، وتوسعت الاعتداءات على خطوط التماس في شمال وجنوب القطاع، في وقت تؤكد الفصائل التزامها ببنود الاتفاق.
هذه الخروقات الاحتلالية لا تأتي بمعزل عن سياق سياسي وأمني شديد التعقيد؛ بل تعكس توجهاً إسرائيلياً ثابتاً يقوم على تجاهل القرارات الدولية وفرض معادلة جديدة بالقوة، مستندة إلى دعم أمريكي واضح ومواقف دولية باهتة، بحسب خبيرين سياسيين.
يرى د. أحمد فارس عودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أن (إسرائيل) منذ السابع من أكتوبر 2023، تبنّت استراتيجية عسكرية مختلفة جذرياً، قائمة على الهوس الأمني واستخدام القوة في غزة ولبنان وسوريا، تحت مبرر منع "أي قوة محيطة من امتلاك سلاح أو بناء بنية تحتية قتالية".
ويقول عودة في تصريح لصحيفة "فلسطين": "(إسرائيل) تضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية، ولا تريد لأي قوة في الإقليم أن تمتلك أدوات ردع، وهذا ينطبق على غزة كما ينطبق على غيرها".
ويشدد عودة على أن الفصائل التزمت التزاماً كاملاً بوقف إطلاق النار داخل غزة، انطلاقاً من إدراكها لخطورة المرحلة.
ويتابع: "هناك التزام حاد من الفلسطينيين، حتى لا نعطي مبرراً للاحتلال، بينما الاحتلال يواصل ذرائع واهية لخرق الهدنة".
وفي المقابل، يرفض الاحتلال—بحكومته الحالية التي يصفها عودة بأنها "فاشية ومتطرفة وتؤمن بالفكر التوراتي"—الالتزام بالاتفاق، بل يواصل توسيع نطاق استهدافه.
من جانبه، يرى مدير مركز "يبوس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، أن الخروقات الإسرائيلية تعكس أربع معادلات تتحكم بالسلوك الإسرائيلي في هذه المرحلة، الأولى هي الإبقاء على حالة عدم الاستقرار على أكثر من جبهة، فـ(إسرائيل) تعمد إلى إدارة توتر متعدد الجبهات في غزة ولبنان وسوريا وربما إيران، بهدف الحفاظ على مساحة مناورة أمنية وسياسية.
أربع معادلات
ويوضح بشارات لـ "فلسطين"، أن المعادلة الثانية تتمثل في الاعتبارات السياسية الداخلية أي أن دخول (إسرائيل) سنة انتخابية يدفع الأحزاب اليمينية لتغذية خطاب “الخطر الأمني” وإبقاء التوتر قائماً لضمان مكاسب انتخابية.
والمعادلة الثالثة وفق بشارات، هي ما يسمى نزع سلاح المقاومة كهدف مركزي ومن أجل ذلك، تضغط (إسرائيل) على الساحات المختلفة لإجبار المقاومة على تقديم تنازلات أو نزع سلاحها، مستخدمة حالة عدم الاستقرار كورقة ضغط.
أما المعادلة الرابعة فتتمثل بالهيمنة الإقليمية أي أن (إسرائيل) لا تزال تطمح لفرض معادلة سيطرة في الشرق الأوسط، خصوصاً على حدود غزة ولبنان، بما يفتح لها "إمكانية السيطرة على مناطق أوسع"، وفق بشارات.
سيناريو معقّد
إلى ذلك يشير عودة إلى أن المرحلة المقبلة قد تكون "الأعقد سياسياً وأمنياً" في تاريخ القطاع، خصوصاً مع الحديث عن مخطط نشر قوة دولية مع بداية 2026 إلى غزة. ويرى أن الفصائل تدرك أن المشهد القادم "ليس كما كان سابقاً"، وأنها باتت تتعامل مع واقع سياسي جديد يتطلب ترتيبات داخلية وخارجية معقدة.
ويؤكد بشارات أن الولايات المتحدة راضية تماماً عن السلوك الإسرائيلي، وتضع خطوطاً حمراء أمام أي وقف فعلي لإطلاق النار. ويصف واشنطن بأنها "تستثمر استمرار التوتر كورقة ضاغطة" وتضع المصالح الإسرائيلية فوق أي اعتبار.
ويحذر من أن استمرار غياب الضغط العربي والإقليمي الجاد قد يسمح لـ(إسرائيل) بـ"الالتفاف على كثير من الخطوات وتكريس حالة عدم الاستقرار".
ويخلص الخبيران إلى أن الاحتلال يواصل خرق وقف إطلاق النار بشكل ممنهج، مستنداً إلى دعم أمريكي وسياسة أمنية توسعية، مقابل التزام فلسطيني واضح بالاتفاق.