مؤشرات وول ستريت تتراجع مع تصاعد المخاوف التجارية بعد تهديدات ترامب

وكالات – مصدر الإخبارية

اهتزت وول ستريت بعد تهديدات الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية صارمة على الاتحاد الأوروبي وشركة "أبل"، لتهبط مؤشرات الأسهم الأميركية، ويتراجع الدولار إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2023.

واصل مؤشر "إس آند بي  500" (S&P 500) تراجعه للجلسة الرابعة بعد أن صرّح ترمب بأنه "لا يسعى إلى اتفاق" مع الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 50%. وفي وقت سابق من الجلسة، تنفست الأسواق الصعداء بعد أن صرّح وزير الخزانة سكوت بيسنت بأن الولايات المتحدة قد تُبرم "عدة صفقات تجارية كبيرة" خلال الأسبوعين المقبلين. قادت "أبل" تراجع أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، منخفضةً 3%. وقفز سهم شركة "يونايتد ستيتس ستيل" بنسبة 21% بعد إعلان ترمب دعمه لشراكتها مع "نيبون ستيل".

حافظت سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات المرجعية على مكاسبها، إذ صرّح بيسنت بأن الجهات التنظيمية قد تخفف قاعدة رأس المال في السوق، مما قد يُخفّض العائدات. وارتفعت عملات الملاذ الآمن، مثل الين الياباني والفرنك السويسري، جنباً إلى جنب مع الذهب.

قال ترمب أيضاً إن الرسوم الجمركية البالغة 25% التي هدد بفرضها على "أبل" في وقت سابق من يوم الجمعة ستستهدف أيضاً شركات تصنيع الهواتف الذكية، بما في ذلك "سامسونغ"، لحثها على نقل تصنيع منتجاتها إلى الولايات المتحدة. وأضاف الرئيس في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم الأعلى على الاتحاد الأوروبي ستبدأ في الأول من يونيو لأن "محادثاتنا معهم لا تُسفر عن أي نتيجة".

عودة مخاوف الحرب التجارية

تُبرز هذه الخطوة المفاجئة المخاطر المتمثلة في أن تُؤدي تحولات السياسة الأميركية إلى قلب ديناميكيات السوق رأسًا على عقب في وقتٍ قصير دون سابق إنذار. وكانت الأسواق انتعشت في الأسابيع الأخيرة بفضل التفاؤل بتخفيف ترمب من حدة نهجه تجاه الرسوم الجمركية، وتحوّل انتباه المستثمرين إلى المخاوف بشأن تضخم الدين والعجز الأميركيين.

قال لويس نافيلييه، كبير مسؤولي الاستثمار في "نافيلييه آند أسوشيتس": "لا يزال التقلب هو السمة السائدة". وأضاف: "هذا تذكيرٌ قاطع بأن الرسوم الجمركية ستظل مصدراً لعدم اليقين إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقياتٍ فعّالة".

انخفض مؤشر "إس آند بي  500" بنسبة 0.7%، ومؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.9%، ومؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 0.6%. وتراجع مؤشر "ستوكس يوروب 600" (Stoxx Europe 600) بنسبة 0.9%، وكانت أسهم السيارات المعرضة لخطر الرسوم الجمركية من بين أكبر الخاسرين.

تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بنقطتين أساسيتين ليصل إلى 4.51%. وانخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.8%.

سيارة ترامب تجاه الرسوم تربك الأسواق

قال نيل بيريل ، كبير مسؤولي الاستثمار في "بريميير ميتون انفستورز" (Premier Miton Investors): "عندما اعتقدت أنه من الآمن العودة إلى الأسواق، انظر ماذا حدث!". وأضاف: "عدم اليقين متواصل، ولا يهدأ على الإطلاق. هذا نتيجة سياسة ترمب بفرض التعريفات".

تهديدات ترمب بشأن الرسوم الجمركية تمثل جولة جديدة من سياسة حافة الهاوية التجارية، بعد أن أشار الأسبوع الماضي إلى أنه يتطلع إلى إنهاء المحادثات مع الشركاء بشأن الرسوم المتبادلة، التي أعلن عنها في الثاني من أبريل وأوقفها لمدة 90 يوما لإجراء مفاوضات.

قالت أنكا جوبتا، رئيسة قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "ويزدوم تري": "هذا الوضع سيبقي الأسواق في حالة تأهب. كانت الأسواق تأمل أن تهدأ أنباء الرسوم الجمركية على الأقل حتى انتهاء فترة التعليق البالغة 90 يوماً، لكن من الواضح أن هذا لن يحدث. ستبقى حالة عدم اليقين قائمة. ما يدفع إلى التوقع بالمرور بفترة من التقلبات الشديدة".

"تكتيك تفاوضي"

وبحسب "كابيتال إيكونوميكس"، فإن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي اعتباراً من يونيو قد يتبين أنه مجرد "تكتيك تفاوضي" ويبدو "من غير المرجح للغاية" أن تستقر الرسوم الجمركية على المدى الطويل.

وقالت الشركة: "في هذه المرحلة، لا نميل إلى تغيير افتراضنا العملي بأن الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي ستستقر في النهاية عند حوالي 10%، لكن هذا يؤكد أن هناك مخاطر، وأن الطريق إلى التوصل لاتفاق قد يكون وعراً".

من جانبه، قال إريك تيل من شركة "كوميريكا ويلث مانجمنت" إن تأثيرات الاتحاد الأوروبي ستكون أقل مقارنة بالعديد من الأسواق الناشئة الآسيوية التي تعد رئيسية لسلسلة توريد قطاع التكنولوجيا.

وأضاف "على الرغم من أن عدم اليقين تجاه السياسات يطغى على المعنويات الاستثمارية، فإننا نعتقد أن هذا جزء من أطروحة التفاوض لخفض الصفقات الفردية أو الإقليمية، وما زلنا نعتقد أن معظم الشركات والاقتصاد في وضع جيد للتغلب على أسعار الواردات المرتفعة المؤقتة".

مخاوف الركود

أدت سياسات الرسوم الجمركية سريعة التغير التي تنتهجها إدارة ترمب إلى دفع الأسواق إلى حالة من الاضطراب بسبب مخاوف الركود والقلق بشأن سلامة الأصول الأميركية، لكنها انتعشت بعد أن أشاد الرئيس بالتقدم المحرز في مفاوضات التعريفات الجمركية.

حذر جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان" مؤخراً من التهاون في مواجهة سلسلة من المخاطر، مثل التضخم وهوامش الائتمان والعوامل الجيوسياسية.

قال آدم تورنكويست من شركة "إل بي إل فاينانشال": "قد تكون المخاوف بشأن التجارة والعجز المالي والنمو أقل وضوحاً في أسواق الأسهم خاصة في ظل التعافي المدهش للسوق  من أدنى مستوياتها في أبريل، ولكنها لا تزال واضحة في الدولار".

وأشار تورنكويست إلى أن الدولار واجه ضعفاً دفع خلال الشهر الماضي مع استمرار اتجاهات تجنب العملة الخضراء على خلفية توقعات العجز المتزايدة وخفض تصنيف الديون الأميركية.

وتأتي التهديدات الأخيرة بفرض رسوم جمركية في وقتٍ يطالب مستثمرو السندات بمزيد من التعويضات لشراء الديون الأميركية طويلة الأجل، وسط تنامي قلق الأسواق العالمية بشأن العجز المالي المتزايد في أكبر اقتصاد في العالم.

ارتفاع علاوة السندات الأميركية طويلة الأجل

ارتفعت علاوة السندات الأميركية لأجل عشر سنوات، أو العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لامتلاك ديون طويلة الأجل بدلاً من سلسلة من الديون الأقصر أجلاً، إلى ما يقرب من 1%، وهو أعلى مستوى منذ 2014. ويُعد مؤشراً لمدى قلق المستثمرين بشأن الخطط الرامية إلى زيادة حجم الاقتراض في المستقبل.

وقالت سوليتا مارسيلي من "يو بي إس غلوبال ويلث ماندجمنت" (UBS Global Wealth Management): "بينما هناك خطر من أن تؤدي مخاوف العجز إلى ارتفاع العائدات تدريجياً في الأسابيع المقبلة، فإننا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي و/أو إدارة ترمب من المرجح أن يقوموا بإجراء تعديلات في حالة ارتفاع العائدات بشكل كبير".

وترى مارسيلي أن هذا يعني أن السندات ذات الجودة العالية والاستثمارية تمثل قيمة جيدة عند المستويات الحالية للمستثمرين الذين يسعون إلى الحصول على دخل من المحفظة.

اخبار فلسطين على مدار الساعة