خاص خبير عسكري: المقاومة تدير المعركة بمرونة عملياتية.. والانهيار النفسي يفتك بجنود الاحتلال
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
واشنطن تلوح برسوم جمركية مرتفعة.. وتتوقع إبرام اتفاقات تجارية وشيكةأكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد أن تصاعد عمليات المقاومة في قطاع غزة، يكشف عن تطور نوعي في أسلوب القتال، واتساع رقعة الاشتباك، وتراجع السيطرة النفسية والانضباط القتالي لدى جنود الاحتلال الإسرائيلي، بفعل الضغط والخسائر المتراكمة.
وقال أبو زيد في حديث لصحيفة "فلسطين" أمس، إن التصعيد الميداني الأخير يعكس انتقال المقاومة إلى مرحلة جديدة من الاشتباك، حيث باتت تتحرك في مناطق لم تكن ساحات قتال نشطة في الأشهر الماضية، مشيرًا إلى أن القوس الجغرافي الذي تدور فيه العمليات حاليًا يمتد من منطقة السطر شمال خان يونس مرورًا بالكتيبة وصولا إلى وسط المدينة.
وأوضح أن هذا التوسع جاء بعد إخفاق جيش الاحتلال في تحقيق أي اختراق من الواجهة الشرقية، لا سيما في عبسان وبني سهيلا والزنة، وكذلك من الجبهة الجنوبية في قيزان النجار، ما دفعه إلى فتح جبهة جديدة في المحور الشمالي في محاولة للالتفاف على مواقع المقاومة، مشددًا على أن هذا التحول يعكس ارتباكًا في تقديرات الاحتلال وفشله في تحقيق أهدافه البرية.
وكانت وسائل إعلام عبرية، أفادت الجمعة، بأن 3 جنود قتلوا في حوادث عسكرية منفصلة في القطاع، اثنان منها في خان يونس جنوبا وبيت حانون شمالا.
وكشفت مواقع عبرية أن أحد الجنود قُتل في استهداف آلية مدرعة بخان يونس بصاروخ مضاد للدروع، وإن جثته انتُشلت بعد 5 ساعات، مشيرة إلى أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض تعتيما شديدا على ما وصفته بحادث صعب وقع في القطاع.
قيادة وسيطرة
ووفق أبو زيد فإن مؤشرات العمليات تدل على اشتباكات عنيفة، حيث استمرت عمليات الإخلاء الإسرائيلية خمس ساعات، رغم أن المعايير العسكرية تفترض ألا تتجاوز ساعتين، مرجعًا ذلك إلى شدة الاشتباكات وكثافة النيران، وتقارب خطوط التماس بين المقاومة وقوات الاحتلال، ما استدعى تدخل المروحيات لتوفير إسناد جوي قريب، بدلًا من الطائرات المجنحة البعيدة.
وشدد على أن استمرار هذه العمليات رغم الكتلة النارية الهائلة التي يستخدمها جيش الاحتلال، يدل على قدرة المقاومة على التعامل بكفاءة مع ظروف الاشتباك، وامتلاكها لزمام القيادة والسيطرة في الميدان.
وقال إن المقاومة تتبع تكتيك "مبادلة الجغرافيا بالخسائر"، أي السماح لقوات الاحتلال بالتوغل في بعض المناطق، ثم استهدافها من الداخل بعد أن تتمركز، ما يوقع فيها خسائر بشرية ومادية مؤثرة.
وأشار إلى أن القتال في المناطق المدمرة يمنح المقاومة ميزة استراتيجية، حيث تتحول الأنقاض إلى موانع صناعية تسمح بالحركة والمناورة والاختباء، وتحد من قدرة الاحتلال على استخدام آلياته الثقيلة، وتدفعه إلى الزج بقوات المشاة، ما يزيد من حجم خسائره.
ولفت إلى أن فصائل المقاومة لا تزال تحتفظ بمرونة القيادة والسيطرة، وتستطيع مجاراة الاحتلال ميدانيًا، خاصة في المحاور التي يعجز فيها عن فرض سيطرته، مشيرًا إلى أن الأداء المقاوم يكشف عن جاهزية قتالية عالية، وقدرة على التعامل مع طبيعة الأرض وبيئة المعركة المتغيرة.
وخلص أبو زيد إلى إن الحوادث الأمنية الثلاثة التي وقعت الجمعة، تدل على انتشار المقاومة وتوسع خارطة الاشتباك، مشيرًا إلى أن إحدى هذه الحوادث وقعت في بيت حانون وكانت "غير عملياتية"، أي ناتجة عن فقدان الجندي لحالة التوازن النفسي، ما يعكس الضغط والانهاك الكبيرين.
وأوضح أن هذه الحوادث، وما سبقها من تسجيل 72 حالة انهيار في صفوف الجنود، منها 31 حالة بنيران صديقة، تمثل مؤشراً على فقدان الانضباط القتالي بسبب الخسائر والضغط العملياتي المتواصل، وهو ما يُعد أحد مظاهر التآكل في الروح المعنوية لقوات الاحتلال.
معادلة عسكرية
وحول أهداف المقاومة من تصعيد عملياتها، أشار أبو زيد إلى أن الاحتلال يحاول رفع الكلفة على المقاومة في ظل الحديث عن جهود لوقف إطلاق النار، بينما تعمل المقاومة على رفع الكلفة على الاحتلال نفسه، مستفيدة من قدرتها الأعلى على الصمود وتحمل الخسائر.
وقال: "في المعادلة العسكرية، المقاومة أكثر قدرة على التحمل من جيش الاحتلال الذي يعمل بهياكل تنظيمية عمودية، بينما تعتمد المقاومة على هياكل أفقية بنظام العقد القتالية، لذلك، فإن تأثير الخسائر البشرية والنفسية يكون أكبر على الجيش النظامي منه على المجموعات القتالية الصغيرة".
وأضاف: "رغم شدة القصف على المدنيين والأطفال والنساء، فإن المقاومة لم تفقد فعاليتها، بل باتت تستهدف نقاط الضعف لدى الاحتلال، وهي الخسائر البشرية، التي باتت تُقلق قيادته بشكل متزايد.
وفي حديثه عن عملية بيت حانون، أوضح أبو زيد أن رئيسي أركان الاحتلال – الحالي والسابق – تحدثا عما سمياه "القضاء على المقاومة" في البلدة، لكن ما جرى أثبت عكس ذلك تمامًا. وأوضح أن الفرقة 99 الإسرائيلية دخلت هذه المنطقة بدلًا من الفرقة 252 قبل 72 ساعة فقط، ما يدل على الخسائر الكبيرة التي منيت بها الفرقة الأولى، والتي أدت إلى انهيار كبير في صفوفها.
وتابع: "محور بيت حانون – الشجاعية – جباليا أصبح ساحة اشتباك ساخنة، تشهد مقاومة شرسة أربكت الاحتلال، وأفشلت أهدافه الميدانية، وفرضت عليه إعادة انتشار وتدوير قواته تحت الضغط".
ولفت إلى أن ما يميز المرحلة الحالية هو الطابع "المشترك والمركب" للعمليات، حيث تشارك كتائب القسام وسرايا القدس في تنفيذ كمائن وعمليات قنص وهجمات متزامنة، ما يدل على أن القيادة والسيطرة لا تزال متماسكة، وأن التنسيق قائم رغم ظروف الحرب.
وأضاف: "نشهد عمليات متزامنة في شمال وجنوب القطاع، ما يؤكد أن هناك تخطيطًا مركزيًا وتنفيذًا لا مركزيًا، وهو نموذج ناجح في حروب الاستنزاف، حيث تعمل كل خلية قتالية بشكل مستقل، لكن ضمن رؤية عملياتية واحدة".
واختتم أبو زيد بالقول: "استطاعت المقاومة الصمود لـ639 يومًا أمام الجيش الرابع عشر عالميًا، وقدرة المقاومة على إعادة بناء نفسها أسرع من قدرة جيش الاحتلال على تدميرها".