اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سياسة

ظل السيادة

ظل السيادة

klyoum.com

الكاتب: ثروت زيد الكيلاني

حين تُستبدل مفاتيح السيادة بإبرة مخدّر، ينزلق الواقع إلى طبقة من الضباب الميتافيزيقي؛ يصبح التحرير وهمًا يُدار بالجرعات، والوعي الجماعي يتحوّل إلى طيف من اللذة العابرة، كما لو أن التاريخ نفسه يُخدر في اللحظة التي يُنسى فيها اسمه. الخطط هنا ليست مجرد برامج؛ إنها كائنات ميتافيزيقية تتلوى بين الزمن والمكان، تتنفس في الفراغات، وتزرع صمتًا يوهم بالرعاية بينما يعيد صياغة المصير بخفة غريبة.

كل وعد بالرفاهية الإنسانية، كل مخطط للتهدئة، ليس إلا جسراً وهمياً يربط بين الجرح والنسيان، بين الحرية الموعودة والسيادة المسلوبة. الجرح الفلسطيني ليس مجرد ألم جسدي، بل جرح أنطولوجي، يتجاوز الجسد إلى روح الكينونة، حيث تلتقي الحرية بالوعي، والمعنى بالوجود، لتصبح الهوية قوة تتحدى كل محاولات التخدير.

الخطط، في صمتها المتحرك، تتربص في الظلال، تعيد رسم الأفق، كأنها كيان حي يراقب نبضات الفلسطينيين، يختبر كل وعي، يحاول أن يبرمجه على الخضوع والامتثال، بينما الفلسطينيون، كالماء تحت الصخور، يصرّون على التدفق، على كسر القيود، على استعادة حرية الوجود من قلب كل خطة حيّة تحاول تجميدهم في لحظة النسيان.

السيادة ليست بنداً تفاوضياً، ولا رفاهية عابرة تُمنح أو تُباع؛ إنها روح تتنفس من عمق الجرح، ووعي لا يمكن لأي خطة أو إبرة تهدئة أن تسكنه. الحرية، مثل الماء، لا يمكن حجزها؛ والكرامة، مثل النور، لا يمكن حجبها عن قلب يرفض الانحناء، عن شعب يرفض أن يتحول إلى ظل على حيطان الخطط المتسللة.

في النهاية، كل خطة ميتافيزيقية، مهما بدت لطيفة وخادعة، تبقى اختباراً للوعي، وميدان صراع بين الروح والظلال، بين الكيان الحي للمشروع التحرري، والكيان الحي للخطط التي تحاول تهدئته، إلهاءه، أو تجميده. ولكن الفلسطيني، في صمته المفعم بالأمل، يعلم أن لا إبرة مخدّرة ولا خطة ساحرة قادرة على اختزال الكينونة، وأن الصحوة التي تسبق الحرية هي الأبدية نفسها التي تنبض في عمق الجرح.

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة