بوابات المعازل " الفلسطينوستان"
klyoum.com
الكاتب: جهاد حرب
تقوض أو تحاول أنْ تقوض الحكومة الاسرائيلية حياة الفلسطينيين بوضعهم في معازل خاصة بهم (الفلسطينوستانات Palestinistan) عبر وضع البوابات على مداخل مدنهم وبلداتهم وقراهم بحيث تتحكم في تفاصيل معيشتهم، والتحكم بحركتهم بمواعيد محددة ومناطق محدودة ويمنعهم من الحركة في أغلب مناطق الضفة الغربية خاصة الوصول إلى مدينة القدس، وزيادة الأعباء عليهم بسلوك طرق مطولة وغير مهيأة، وتقليص أيامهم عبر تحديد مواعيد اغلاق البوابات؛ فالبوابات المنصوبة على مداخل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية يقارب عددها 910 بوابة حتى الآن وهي حوالي ضعف عدد الهيئات والتجمعات الفلسطينية (التي يقدر عددها بـ 478 هيئة محلية).
سياسة الفلسطينوستانات هذه هي حلقة من حلقات الفصل العنصري الإسرائيلي القائم على تصنيف الفلسطينيين، وتحديد أماكن سكنهم، وسلب أرضهم عبر منع الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم ومن البناء أو التحكم به مثلما هو حاصل في مناطق "ج". في الوقت ذاته يسمح للمستوطنين في البناء والسيطرة على الأراضي والوصول إليها بحماية الجيش الإسرائيلي بالاعتداء على الفلسطينيين في معازل "الفلسطينوستانات".
هذه السياسية تحتاج من الفلسطينيين رداً عليها بحكمة وشجاعة وتدبير عبر آليات المقاومة الشعبية التي أبدعها الفلسطينيون في تاريخهم الغابر والمعاصر، وفي مسار عالمي قادر على فهم المعاناة وآثارها على الإنسانية، وتغيير وسائل المقاومة وأدواتها وتعبيراتها أمر هام في تقدم النضال الوطني. هذا النوع من النضال على خلاف المفاوضات والكفاح المسلح يحتاج إلى منصات تأطيرية قادرة على خلق وعي شعبي وتنظيم القوى والأطر السياسية والاجتماعية، وإلى مساحات إبداعية لخلق فعاليات تتناسب مع كل حالة من حالات المواجهة ومع قدرة سكان كل موقع ترسم فيه معالم المواجهة من جهة، وتطويع لكل الإمكانيات المتوفرة لدى قطاعات الشعب الفلسطيني؛ فالمناضلون لا يقتصرون على الثوار بل هم كل المواطنين "الفلاح والصناعي والطبي والشاعر والمغني والكاتب والممثل ....الخ وكل مبدع لتعزيز الصمود وتطوير أدوات المقاومة الشعبية للحفاظ على فلسطين وعلى الأمل بالدولة ولمنع تكريس الفلسطينوستانات من جهة ثانية.
في ظني، الفلسطينيون محمولون على ترك حالة العجز التي يشعرون بها أو ألمت بهم على مدار العامين الماضيين، ومحمولون على وقف التذرع إلى الله فقط دون عمل وفعل، ومحمولون على التوقف عن ذرف الدموع من قلوبهم إلى استعادة النبض لخلق الحياة، ومحمولون على التوقف عن تسجيل شريط للذكرى إلى تدوين صفحات مشرقة بأيديهم وفكرهم وأعمالهم.
حشد الطاقات في المقاومة الشعبية تتطلب الإبداع في أشكال النضال؛ فلتتحول تلك البوابات لأماكن تجمع حاشد تنطلق منها وفيها فعاليات شعبية مختلفة ومتعددة مسرحية وغنائية للتدليل على مقاومة سياسية المعازل "الفلسطينوستانات" التي يضعها الإسرائيليون على حياة الفلسطينيين، وهي لا تحتاج على الدوام إلى اشتباك مباشر مع جنود الاحتلال بل إلى تواجد شعبي موسع للمواطنين فيها وبالقرب منها. فالإبداع هنا لا يتعلق بالحشد فقط بل بالأدوات القادرة على الحشد أولاً، والتدليل على المغازي للسياسات الاستعمارية ثانياً، والمساحة المتاحة للناس للاقتراح والفعل ثالثاً.