اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

"سوار".. طفلة نجت من القصف وتحارب ألم الفقد والحرمان

"سوار".. طفلة نجت من القصف وتحارب ألم الفقد والحرمان

klyoum.com

على سرير مغطّى بشرشفٍ رمادي يغمره الصمت، ترقد الطفلة سوار المملوك، إحدى ضحايا حرب الإبادة، لا تدري إن كانت حروق ذراعها ستشفى، لكنها تدرك جيدًا أن حضن أمها لن يعود، بعدما فقدتها في قصف إسرائيلي على مدينة غزة.

الطفلة، ابنة السبعة أعوام، تحاول أن تخفي دمعتها الصغيرة، لكنها تسقط قسرًا. فالمستشفى ليس المكان الذي ترغب أن تلعب فيه مع شقيقاتها، ولا يحلّ محلّ دفء العائلة الذي سُلب منها في لحظة واحدة.

إلى جانبها، تقف رندة المملوك (53 عامًا)، جدّة سوار، تتحسس وجه حفيدتها؛ تارة تمسح العرق عن جبينها، وتارة أخرى تلمس وجنتيها وتمسح دموعًا انسابت دون إذن، فيما تروي عيناها المحمرّتان قصة عائلة أُزهقت أرواحها في غارة إسرائيلية، ولن تعود.

في ساعة متأخرة من مساء الإثنين، 9 يونيو/ حزيران 2025، حلَّ ليلٌ ثقيل على شارع يافا في حيّ التفاح شرق مدينة غزة. دويّ انفجار عنيف لم يُبقِ خلفه سوى الغبار وحُطام شقة تحوّلت إلى كومة ركام. كانت الشقة حينها تأوي سوار، ووالدها محمود المملوك، ووالدتها، وشقيقاتها الثلاث، وعمها عبيدة الذي تزوج حديثًا، وزوجته رولا، وابنهما عبادة البالغ من العمر ثمانية أشهر.

كان الجميع يتهيأ لتناول وجبة العشاء، ومن ثمّ الخلود للنوم، حين قصفتهم مقاتلة حربية بقنبلة فتكت بهم.

"كانت أمي تحضّر لنا الطعام، ثم انطفأ كل شيء"، همست سوار أمام جدّتها التي ترافقها في رحلة علاجها، بينما تحاول تحمّل ألم الحروق التي التهمت ذراعها اليسرى. حروقٌ يخشى الأطباء أن تؤدي إلى بترها إن لم تستجب جراحها للعلاج.

في القصف ذاته، الذي جاء على حين غرّة، استشهدت أزهار المملوك (33 عامًا)، والدة سوار، فيما أنقذ القدر والدها وشقيقاتها؛ عائشة (9 أعوام)، جود (8 أعوام)، ومريم (3 أعوام)، حيث أصبن بجروح طفيفة.

أما عمها عبيدة وزوجته رولا، فقد استُشهدا، تاركَين خلفهما ابنهما الرضيع عبادة.

ولم تكتفِ آلة الحرب بتمزيق العائلة، بل طالت المُنقذين. فبعد دقائق من القصف، وصلت فرق الإسعاف والطوارئ إلى الموقع، لكن مدفعية جيش الاحتلال باغتتهم بقذيفة، استُشهد فيها ثلاثة مسعفين: حسين محيسن، براء عفانة، ووائل العطار.

كما استُشهد معهم الزميل المصوّر الصحفي مؤمن أبو عوف، أثناء توثيقه الجريمة.

المأساة التي تعيشها سوار لا تقلّ وطأةً عمّا تعانيه جدّتها، التي تلازم حفيدتها على أسرّة المستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، في رحلة علاج يرافقها وجع لا تصفه الكلمات.

"فقدتُ ابنًا عزيزًا.. عبيدة تزوج قبل الحرب بشهرين فقط. لم يهنأ بحياة سعيدة"، قالت رندة وهي تسند رأسها بيدها النحيلة، وتتنهد بحسرة لـ "فلسطين أون لاين".

مع بداية الحرب، اضطرت العائلة للنزوح إلى جنوب القطاع، وعندما عادت بعد أكثر من عام، وجدت منزلها في حيّ الشجاعية مدمّرًا. وحده عبيدة وجد شقته كما تركها في حيّ التفاح، ففرح وقرّر استقبال شقيقه وعائلته النازحة فيها.

"لكن قنابل الاحتلال لاحقتهم وهم آمنون. ماذا فعلوا ليُقصفوا ويُقتل بعضهم هكذا؟" تتساءل رندة المملوك بصوت متهدّج.

أما سوار، فهي دائمًا ما تهمس لجدّتها بكلمات اشتياق لوالدتها. تكتفي الجدة بالصمت، وتحبس دموعها عنوة أمام حالة الفقد والحرمان التي تعيشها حفيدتها وشقيقاتها، وتحاول أن تساعدهن على لملمة الجراح معًا.

وأقصى ما تتمناه الجدة وحفيدتها اليوم، ألا تلحق مضاعفات خطيرة بذراع سوار، حتى لا تُبتر، كما بتر القصف الإسرائيلي عائلتها، وأفقدها والدتها.

 

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com