من غزة إلى نيويورك كلنا زهران ممداني
klyoum.com
رغم بعد المسافة بين غزة ونيويورك إلا أن فرحة أهل غزة بفوز المرشح الديمقراطي المسلم الهندي زهران ممداني تتفوق على الحزن الذي فرد عباءته السوداء على وجه السياسة الإسرائيلية، وقد تعودت أن ترضع خيرات أمريكا، وتنفث في أجوائها رائحة الكراهية والأحقاد والتحريض على الكثير من شعوب الكرة الأرضية.
وكيف لا تفرح غزة، ويفرح معها كل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، وهم يسمعون الفائز بعمدة نيويورك زهران ممداني يتحدث بجرأة وعلانية عن اعتقال الإرهابي نتانياهو في حالة دخوله مدينة نيويورك؟ وهو الذي يستقبل اليوم استقبال الأبطال في البيت الأبيض، وكيف لا تفرح شعوب الأرض بفوز زهران ممداني، وهو الذي أعلن صراحة دعمة للقضية الفلسطينية، واتهامه العدو الإسرائيلي بممارسة حرب إبادة جماعية ضد أهل غزة؟ وكيف لا تفرح الناس؟ وهم يسمعون زهران ممداني يتعارض في حديثه مع المرشحين الآخرين، الذين قالوا: سنزور "إسرائيل" مجرد فوزنا في انتخابات عمدة مدينة نيويورك، وسنهتم بمستقبل "الإسرائيليين" وسلامتهم وأمنهم واقتصادهم، بينما عارض ذلك زهران ممداني، الذي اكد أنه لن يزور "إسرائيل"، وسيهتم بأحوال اليهود في نيويورك، مثلهم مثل غيرهم من شعوب وأعراق المدينة، لذلك لا غرابة أن يصوت 40 من يهود نيويورك لصالح زهران ممداني، بمن فيهم شخصيات سياسية وقيادية وازنة في السياسة الأمريكية، هؤلاء أجبروا الرئيس الأمريكي تراب ليصف بالجنون كل يهودي يصوت لصالح المرشح زهران ممداني
كانت غزة بدمائها وتضحياتها حاضرة في قلب الانتخابات الأمريكية لعمدة نيويورك.
لقد غيرت الحرب على غزة عقلية الشعب الأمريكي، وفرضت على ساحة الوعي الأمريكي معطيات سياسية جديدة كانت مجهلة بالنسبة للشعب الأمريكي، الذي تعود ألا يعرف شيئاً عن القضية الفلسطينية، فقد حجبت عنه وسائل الإعلام الصهيونية المعلومة الصحيحة، وتغذى بالأكاذيب التي تعودت على ترويجها وسائل إعلام أمريكية تخضع للوبي اليهودي.
غزة ومن خلال الصور الميدانية المنتشرة عبر محطات التواصل الاجتماعي الحديثة استطاعت أن تحييد وسائل الإعلام التقليدية من صحف ومجلات مطبوعة، ومن وسائل إعلام مرئية ومسموعة، كانت تتبع الإعلام الإسرائيلي كما اعترف بذلك نتانياهو، وفتحت غزة بوابة إعلامية واسعة على الرأي الآخر، لتدخل غزة بدمائها وتضحياتها كل البيوت الأمريكية والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات والشركات، واحدثت الانقلاب التاريخي في مزاج الشعب الأمريكي الذي اعتبر 60% منهم أن ما يجري في غزة هو حرب إبادة جماعية، وأن نسبة المؤيدين للقضة الفلسطينية تجاوز بدرجات كبيرة نسبة المؤيدين للعدو "الإسرائيلي"، الذي كان يستفرد إعلامياً بالساحة الأمريكية، حتى جعل من أمريكا خلفية أمنية واقتصادية وسياسية للعدوان "الإسرائيلي".
فوز زهران ممداني مطلع رأس الجل الجليدي الكامن في عمق التحولات الجذرية في السياسة الأمريكية، ونقطة الانطلاق لتحرر الشعب الأمريكي من الهيمنة اليهودية، وهذه دعوة صريحة لشعوب أوروبا بأن تستكمل حرب التحرر من الهيمنة الصهيونية، وهم الذين خرجوا بالملايين نصرة لأهل غزة.
فوز زهران ممداني هزة اجتماعية وسياسية وثقافية وإعلامية ستحرك شعوب الأرض كلها، للبدء في معركة التحرر من الغزو الصهيوني، والتخلص من مرحلة العلو الكبير التي صعد إلى قمتها الصهاينة، وهم يمارسون التسلط والتجسس على كل دول المنطقة، ويغرزون سكاكين أحقادهم في عنق أهل غزة أمام الفضائيات لأكثر من سنتين، دون خشية من غضب العالم، ودون خوف من ردة فعل حكومية.
اليوم، يتبدل المشهد، وتتغير المعادلة، وتنهار الأكذوبة الصهيونية، لتطفو على سطح السياسة الدولة راية غزة المغمسة بالدم والتضحيات، إنها راية الحرية التي لوّح بها زهران ممداني، وهو يخوض مع الشعب الأمريكي معركة التحرر من الهيمنة الصهيونية.