عملية خانيونس تبدد نشوة حكومة نتنياهو وتعيد الجدل بشأن جدوى الحرب على غزة
klyoum.com
في لحظةٍ كانت حكومة بنيامين نتنياهو تتباهى بما سمته "إنجازًا استراتيجيًا" في المواجهة مع إيران، جاءت عملية المقاومة الفلسطينية في شرق خانيونس الثلاثاء، لتقلب الموازين، مُسفرةً عن مقتل 7 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين، في ضربةٍ أعادت المشهد إلى مربع الارتباك السياسي والأمني داخل (إسرائيل).
العملية، التي أعلنت عنها كتائب القسام ضمن سلسلة عمليات "حجارة داود"، لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل حملت رسالةً سياسيةً مفادها أن أهداف الحرب الإسرائيلية في غزة تبوء بالفشل بعد أكثر من 20 شهرًا من الإبادة. وقد نشرت الكتائب مقطعًا مصورًا يوثق لحظة إلقاء عبوة ناسفة من نوع "شواظ" داخل ناقلة جند إسرائيلية قرب مسجد الإمام علي بن أبي طالب، ما أدى إلى تدميرها بالكامل. ومن جانبه، أشار جيش الاحتلال إلى أن المنفذ تمكن من الانسحاب بعد الهجوم.
لطمة قاسية
يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش أن العملية تمثل ضربةً موجعةً لحكومة الاحتلال، لا بسبب الخسائر البشرية فحسب (وهي الأعلى منذ عام)، بل أيضًا بسبب توقيتها الذي جاء في ذروة النشوة الإسرائيلية بعد الضربة لإيران. ويقول أبو غوش: "كانت (إسرائيل) تتصرف وكأنها أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط، فجاءت عملية خانيونس لتذكرها بأن غزة ما زالت صامدة، والمقاومة لم تُهزم".
ويضيف: "العملية كشفت فشل الحملة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أي من أهدافها، سواء بالقضاء على المقاومة أو استعادة الأسرى. كما أنها عززت الأصوات داخل الكيان التي تطالب بصفقة شاملة مع حماس، بدلًا من الاستمرار في حربٍ غير مجدية".
وفي ردّه على التصورات التي ترى أن المواجهة مع إيران منحت نتنياهو ورقة ضغط في غزة، يوضح أبو غوش أن الاحتلال لم يعد يملك سوى استمرار المجازر والضغط على المدنيين، مشيرًا إلى أن مراكز توزيع المساعدات صارت "ساحات قتل يومية"، حيث تجاوز عدد الشهداء في هذه الهجمات 550 فلسطينيًا. ويخلص إلى أن الهدف الإسرائيلي هو تهجير الفلسطينيين تحت ذريعة "تخفيف الاكتظاظ السكاني"، بينما يحاول فرض الاستسلام عليهم دون ضمانات سياسية.
مقاومة تُعيد ترسيم المعادلة
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد الأخرس أن الضغط الإسرائيلي لم يعد يطال المقاومة فقط، بل امتد ليشمل الحاضنة الشعبية عبر سياسة التجويع والقتل الممنهج. ويقول: "الاحتلال يحوّل طوابير الخبز إلى مصائد موت، في حرب إبادة تهدف إلى كسر إرادة الشعب".
لكنه يشدد على أن رسالة المقاومة من خانيونس كانت واضحة: "الرهان الإسرائيلي على تراجع المقاومة بعد المواجهة مع إيران هو وهمٌ قديم، كالذي راودهم بعد حروب لبنان. العملية جاءت في توقيتٍ بالغ الحساسية لتؤكد أن الفلسطينيين لن يقبلوا تحويل الحرب والمجازر إلى واقع دائم دون ضمان حقوقهم".
من جانبها، أكدت حركة حماس في بيانٍ لها أن العمليات النوعية، مثل تدمير ناقلة الجند في خانيونس، تثبت فشل الاحتلال في كسر إرادة الشعب، مشيرةً إلى أن المقاومة تمسك بزمام المبادرة وتفرض كلفةً باهظةً على جرائم الاحتلال.
ويُبرز الأخرس أن المقاومة كثفت عملياتها العسكرية في إطار استراتيجية استنزاف تهدف إلى زيادة الضغط على الداخل الإسرائيلي، خاصة بعد مقتل 11 جنديًا في أسبوعٍ واحد. ويقول: "(إسرائيل) تريد إخراج أسراها دون تقديم تنازلات، لكن المقاومة أثبتت مرونتها، كما في اتفاق الإفراج عن الجندي الإسرائيلي-الأمريكي ألكسندر عيدان، بينما ردّ الاحتلال بالمزيد من التصعيد".
ويختم بالقول: "الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة، وعملية خانيونس رسّخت هذه الحقيقة مرةً أخرى".