ماذا يقول المنكوبون في غزة عن خطة ترامب؟
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
جولدمان ساكس يتوقع قفزة أسعار للذهب بفضل اهتمام الأفرادمن داخل مجمع ناصر الطبي، وفي الممر الممتد بين أحد الأقسام، استوقفني بعض الممرضين، وراحوا يناقشون معي خطة ترامب، سلبياتها والإيجابيات، وهل ستوافق عليها التنظيمات الفلسطينية أم لا؟ وما المخاطر الكامنة في الموافقة عليها؟ وما حجم الضرر الذي سيلحق بأهل غزة في حالة رفضها؟
أثناء حديثي الخافت والخاطف والسريع، جاء أحد الأطباء وقال بصوت مرتفع: أنا موافق على خطة ترامب، وكررها ثلاثة مرات، موافق، موافق، موافق، وهنا رد بعض الممرضين، وأنا معترض، فما كان من أحدهم إلا أن يقترح إجراء تصويت على خطة ترامب من قبل المتواجدين، وكانت المفاجأة، أن خرج بعض الأطباء والممرضين وبعض المرضى، ليقولوا بصوت واحد، لا نوافق على خطة ترامب، وماذا بإمكان العدو الإسرائيلي أن يفعل بأهل غزة وبيوتها وحجارتها المدمرة وأشجارها أكثر مما فعل.
من داخل مجمع ناصر الطبي تغلب صوت الرافضين لخطة ترامب على صوت الموافقين عليها.
وفي ساحة مجمع ناصر الطبي، استوقفتني بعض النسوة الفلسطينيات، منهن الصبية القادرة على النقاش، ومنهن العجوز التي لا تقوى على الوقوف، وكان السؤال الذي طرحته إحدى النساء، وهي تقول للجميع، هذا الدكتور فايز، كاتب ومحلل سياسي، تعالوا لنستمع إليه، وطرحت على مسامع الجميع السؤال المألوف: ما رأيك يا دكتور؟ هل ستوافق حركة حماس على خطة ترامب؟
وقبل أن أقول رأياً، ارتفع صوت النساء: لا نريد خطة ترامب، ولا نريد توني بلير حاكماً لغزة، ولا يمكن بعد كل هذه التضحيات ان نخضع ونخنع للعدو الإسرائيلي، الحرب على غزة فضحت الصهيونية، وكشفت عورة أمريكا، وخطة ترامب جاءت لتنقذ العدو من جرائمه وإرهابه، وماذا سيفعل بنا العدو الإسرائيلي أكثر مما فعل من إجرام؟ ها نحن نعيش في الخيام من سنتين، ولا نجد الدواء، ونحن نجري في الشوارع بحثاً عن رغيف الخبز، وعن شربة الماء، لم نمت، ولن نمون ناقصين عمر، ولن نرفع الأيدي خاضعين.
وقبل أن أبتعد عن مدخل مجمع ناصر الطبي، حيث يتكدس الباعة، ويقف المشترين ينظرون إلى البضاعة بلا طاقة لهم على الشراء، وبلا قدرة، استوقفني أحد الباعة، وكرر على مسامعي السؤال نفسه: ما رأيك بخطة ترامب؟ وهل ستنتهي الحرب؟ وهل سيتوقف الصهاينة عن ذبحنا؟
وقبل أن أجيب على السؤال، وقبل أن أرفع السبابة إلى السماء، لأقول: لا يعلم بالغيب إلا الله، وأمر غزة بيد خالفها القادر على التغيير، قبل كل ذلك، تجمع من حولي الكثير من المارة والباعة، وكل يدلي برأيه، وكل يفصح عن مخزون وجدانه الحاقد على الصهيونية، والمؤيد لرفض خطة ترامب، لأنها خطة استسلام وخضوع، ولا تلبي الحد الأدنى من مطالب أهل غزة، ولا تعطي الجواب لمستقبل الصراع في المنطقة، ولأن الخطة تباعد بين غزة والضفة الغربية، وتغلق الطريق على إقامة دولة فلسطينية، وتفرض الوصاية الأجنبية على أهل غزة، ولا تفرض الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، ولا تفتح معبر رفح بالكامل، وتترك المساعدات الإنسانية في يد الجيش الإسرائيلي، يتحكم بها كيف يشاء، ولا تتحدث عن نهاية الاحتلال الإسرائيلي الذي صار قدراً يجثم على صدر الشعب الفلسطيني.
تلك المشاهد الثلاثة التي صادفتني داخل مجمع ناصر الطبي، وفي محيطه، أقرب إلى وثيقة مجتمعية، تشرح حال غزة، وترفع صوتها القوي الصامد، وهي على عكس ما يدعي الكثيرين بأن أهل غزة لا يهمهم الوضع السياسي بمقدار اهتمامهم بالحالة الإنسانية، لقد جاء حديث الناس ليؤكد ان مستقبل الإنسان في غزة مرتبط بمستقبل فلسطين كلها، وأن سلامة أهل غزة من سلامة قضيتهم، وأن المحرقة التي أكلت لحم أهل غزة، واشتعلت في واقعهم المعيشي، ربما تكون أقل ضرراً وشراً عليهم وعلى أولادهم من المحرقة التي تتقد حقداً في خطة ترامب، والهادفة إلى إذلال غزة، وتصفية القضية الفلسطينية.