تقرير حرائق الداخل المحتل.. كلفة جديدة تُفاقم أزمة اقتصاد الاحتلال
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
الصحة بغزة: 40 شهيدا و125 إصابة خلال 24 ساعة في قطاع غزةفي وقتٍ تعاني دولة الاحتلال ضغوطًا اقتصادية غير مسبوقة بفعل الحرب المتواصلة على قطاع غزة، جاءت الحرائق التي اندلعت في مناطق شاسعة من الداخل الفلسطيني المحتل لتضيف عبئًا اقتصاديًا جديدًا يثقل كاهل حكومة الاحتلال.
فقد التهمت النيران مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، مدمّرةً محاصيل ومرافق زراعية، ما أدى إلى خسائر مادية مباشرة تُقدّر بملايين الشواقل.
ويؤكّد خبراء الاقتصاد أن هذه الخسائر لا تقتصر على القطاع الزراعي فقط، بل تمتد لتشمل تكاليف عمليات الإطفاء، والتعويضات، وتأهيل البنية التحتية المتضرّرة. كما أن توقف الإنتاج في عدد من المناطق الريفية سيؤثّر على سلسلة التوريد المحلية، ويرفع أسعار بعض المنتجات الأساسية، في وقت تشهد فيه دولة الاحتلال ارتفاعًا عامًا في مستويات التضخّم.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران إن الحرائق تُصنّف ضمن الكوارث الطبيعية ذات التأثير المزدوج على الاقتصاد، لأنها لا تقتصر على الخسائر الزراعية فقط، بل تمتد إلى قطاعات النقل، والطاقة، والسياحة الداخلية.
وأوضح الدقران لصحيفة "فلسطين" أن تعطيل الطرق الحيوية وتدمير البنية التحتية الريفية يعطّل سلاسل الإمداد، ما يعني ارتفاعًا في تكاليف النقل والإنتاج، وهي تأثيرات تمسّ الاقتصاد الكلي، خاصة في ظل حالة الطوارئ الأمنية والمالية التي تعيشها دولة الاحتلال.
ونوّه إلى أن قطاع التأمين سيتعرّض لضغط كبير نتيجة ارتفاع المطالبات من المزارعين وأصحاب الممتلكات المتضرّرة. وأشار إلى أن شركات التأمين قد تلجأ إلى رفع أقساط التأمين في المناطق المعرّضة للخطر، مما سيؤدي إلى عبء إضافي على السكان، خاصة في المناطق الريفية، وقد يدفع ذلك بعض الشركات إلى إعادة النظر في نطاق تغطيتها في المناطق "عالية المخاطر".
وأشار الدقران إلى أن حكومة الاحتلال باتت مضطرة لإنفاق مبالغ كبيرة على عمليات الإطفاء، بما في ذلك الاستعانة بطائرات خاصة، مؤكدًا أن هذه التكاليف تأتي في وقتٍ تشهد فيه الدولة عجزًا ماليًا متزايدًا نتيجة الحرب وتراجع النشاط الاقتصادي في قطاعات عديدة.
وأضاف أن أخطر ما في هذه الحرائق هو ما يُعرف بـ"الضرر البيئي المؤجّل"، حيث إن احتراق الغابات لا يسبّب فقط فقدان التنوع النباتي والحيواني، بل يؤدّي أيضًا إلى تغيّر في أنظمة المناخ المحلي وزيادة احتمالات التصحر. كما أن التربة المحروقة تصبح أقل قدرة على الاحتفاظ بالمياه، مما يهدّد مستقبل الزراعة في المناطق المتضرّرة على المدى المتوسط والبعيد.
وتشير تقارير محلية إلى أن الحرائق الأخيرة أتت على ما يزيد عن 200 ألف دونم من الغابات والمزارع في الشمال، وأحدثت أضرارًا جسيمة في مناطق مثل جبل نفتالي والقدس، حيث أُغلق الطريق الرئيس بين القدس وتل أبيب، وتعرّضت ممتلكات ومرافق عامة وخاصة لأضرار مباشرة.
كما قُدّرت الخسائر غير المباشرة للمزارعين بمئات الملايين من الشواقل، نتيجة تعطل سلاسل الإمداد وتلف محاصيل رئيسة.
تأتي هذه التطورات في وقت كشفت فيه دراسات عن فقدان دولة الاحتلال نحو 2.8 مليون طن من الغذاء في عام 2023، ما يعادل نحو 24 مليار شيكل، وهو ما يعكس هشاشة القطاع الزراعي الذي بات يتلقّى الضربات من أكثر من جبهة، سواء كانت أمنية أو بيئية.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي د. نائل موسى إن الحرائق التي اجتاحت الداخل الفلسطيني المحتل لم تبقَ في إطارها البيئي أو الطبيعي، بل أخذت بُعدًا سياسيًا واقتصاديًا يعكس حجم التخبط داخل حكومة الاحتلال، التي بدت عاجزة عن احتواء الأزمة والتعامل معها بفعالية.
وأضاف موسى لصحيفة "فلسطين" أن الكارثة كشفت هشاشة في بنية الاستجابة للطوارئ، سواء من حيث توافر المعدات أو الجاهزية اللوجستية، ما فضح ضعف الإمكانيات رغم الادعاءات المتكرّرة بالقوة والجاهزية.
وأشار موسى إلى أن أحد الأبعاد اللافتة للأزمة كان التراجع الواضح في مكانة دولة الاحتلال الإقليمية، إذ امتنعت بعض الدول عن تلبية طلباتها بالمساعدة في إطفاء الحرائق، فيما تأخرت دول أخرى في الرد، وهو ما يعكس تآكلًا تدريجيًا في شبكة علاقاتها وتحالفاتها.
وأوضح أن هذه الأزمة مرشّحة لأن تُحدث هزّة داخلية، حيث يتزايد غضب الشارع الإسرائيلي على أداء حكومة بنيامين نتنياهو، التي باتت في نظر كثيرين منشغلة بالمصالح الشخصية والحسابات السياسية على حساب أمن السكان واحتياجاتهم الأساسية.