اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

تحليل حظر ألمانيا تصدير السِّلاح ل (تلُّ أبيب)... كيف يؤثِّر في عمليَّات الاحتلال بغزَّة؟

تحليل حظر ألمانيا تصدير السِّلاح ل (تلُّ أبيب)... كيف يؤثِّر في عمليَّات الاحتلال بغزَّة؟

klyoum.com

في خطوة استراتيجية غير مسبوقة، أعلنت ألمانيا وقف تصدير السلاح والمكونات العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي على خلفية تصعيد حرب الإبادة في قطاع غزة. يشكل هذا القرار تحولا جوهريا في العلاقة بين الطرفين، ويعكس تصاعد الضغط الشعبي والسياسي داخل أوروبا ضد استمرار الدعم العسكري لـ(تل أبيب).

يشمل الحظر الألماني كافة المعدات التي قد تستخدم في عمليات الاحتلال داخل غزة، ما ينذر بتأثير مباشر على الجاهزية القتالية لجيش الاحتلال، خاصة في ظل اعتماد الاحتلال الإسرائيلي الكبير على الأسلحة والمكونات الألمانية، والتي تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث التوريد.

ويشير خبراء إلى أن الحظر لا يحمل فقط أبعادا عسكرية، بل يعبر عن تغير متصاعد في المزاج السياسي الأوروبي تجاه (إسرائيل)، نتيجة ما وصف بسياسات الإبادة في غزة. وتضع هذه الخطوة (إسرائيل) أمام تحد متعدد المستويات: لوجستيا في ميدان المعركة، ودبلوماسيا في علاقاتها الاستراتيجية، واقتصاديا في استمرار التوريد والإنتاج الدفاعي.

ضرب قدرة الاحتلال

الخبير العسكري الأردني نضال أبو زيد، يؤكد لصحيفة "فلسطين"، أن تأثير القرار الألماني سيكون فوريا وعميقا، خاصة على المصانع الإسرائيلية التي تعتمد على مكونات حساسة من الصناعة الألمانية، مثل مصنع "رافائيل" المسؤول عن إنتاج دروع ناقلات "نمر" ودبابات "ميركافا".

ويوضح أن ألمانيا هي أكبر مزود لمكونات الدرع لتلك المدرعات، ما يعني أن توقف هذه الإمدادات سيضعف القدرة على تصنيع وتجهيز القوات البرية، حتى وإن لم يكن هناك حظر كامل، حيث قد تتجنب الشركات الألمانية توريد القطع خوفا من الضغوط الشعبية.

ويشير إلى أن جيش الاحتلال يعاني بالفعل من نقص في الذخائر الثقيلة نتيجة الاستهلاك العالي في العمليات، خاصة قذائف المدفعية 155 ملم وذخائر 122 ملم للدبابات، التي كانت تستورد من بلجيكا.

ويرى أبو زيد، أن هذا النقص، إذا استمر، سيعطل قدرة الجيش على تنفيذ عمليات الإسناد الناري الفعالة، وهو ما يعد عنصرا محوريا في العقيدة القتالية الإسرائيلية، التي تعتمد على قوة نارية كثيفة في التمهيد لأي عملية برية.

ويضيف أن تكلفة العملية الجارية في غزة قد تتراوح بين 2.5 إلى 5 مليارات دولار، ما يجعل (إسرائيل) عاجزة عن تغطية احتياجاتها العسكرية بالاعتماد على المصانع المحلية فقط، ويضعها في حالة اعتماد شبه كلي على التوريدات الغربية.

ويعتقد الخبير الأردني، أن البدائل غير متوفرة، فدول أوروبية عديدة مثل بريطانيا، بلجيكا، هولندا، إسبانيا، إيطاليا، وكندا فرضت قيودا أو علقت صادراتها الدفاعية لـ(تل أبيب)، وهو ما يضاعف أثر القرار الألماني.

أما الولايات المتحدة، فرغم دعمها المتواصل، تواجه تحديات كبيرة في توفير الذخائر الثقيلة بسبب تورطها في دعم جبهتي أوكرانيا وغزة في آن واحد، ما يجعل قدرتها على تغطية العجز الإسرائيلي محدودة.

ويخلص أبو زيد إلى أن 15٪ من مكونات السلاح الإسرائيلي تصنع في ألمانيا أو تورد منها، ما يعني أن قرار الحظر يضع القيادة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي أمام تحد لوجستي حقيقي قد يجبرها على إعادة النظر في خطواتها الهجومية المقبلة، خاصة في غزة.

تطورا حساسا

من جانبه، يؤكد الخبير العراقي اللواء المتقاعد علي العذاري، أن قرار ألمانيا يعد تطورا حساسا، ليس فقط عسكريا، بل سياسيا ودبلوماسيا أيضا، لما تمثله ألمانيا من ثقل في المعسكر الداعم لـ(إسرائيل).

ويرى أن السلاح الألماني يمتاز بتنوعه وجودته، وهو ثاني أهم مصدر لتسليح (إسرائيل) بعد الولايات المتحدة.

ويشير العذاري في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الحظر ستظهر نتائجه بشكل واضح على المدى المتوسط والبعيد، خاصة إذا استمرت العزلة الأوروبية في التوسع.

 

 في مواجهة اختبار قاس

وفي هذا السياق، كتب الكاتب الإسرائيلي يوفال أزولاي، في موقع "كالكاليست" العبري، أن الحظر الألماني يمثل دراما عسكرية وسياسية مزدوجة، كونه يمس بالمكونات الأساسية التي تحتاجها الصناعات الدفاعية الإسرائيلية بشكل يومي.

ويشير إلى أن شركات ألمانية مثل MTU و"تيسين كروب" تزود (إسرائيل) بمحركات دبابات وغواصات هجومية، فيما تستخدم الصناعات الإسرائيلية مكونات كهروبصرية ومعدات دقيقة من منشآت ألمانية.

ويلفت إلى أن هذا القرار جاء بالتزامن مع رفض الجيش لتوسيع الحرب بريا داخل غزة، وسط انقسام داخلي في القيادة حول جدوى العملية، ما يزيد من تأثير الحظر على قدرة الجيش على الحركة الفعلية.

قلب معادلة الدعم

من جهته، يرى الخبير في الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركان، أن القرار الألماني يعد علامة فارقة في العلاقة التقليدية بين برلين و(تل أبيب)، ويشير إلى تغير جوهري في المزاج السياسي الألماني الذي كان يعد من أكثر المدافعين عن (إسرائيل) في أوروبا.

ويوضح أن الضغط الشعبي في ألمانيا بلغ ذروته بعد نشر صور من غزة ذكرت الألمان بفظائع النازية، ما أجبر الحكومة على كسر الخط الأحمر التقليدي المرتبط بالخوف من اتهامات معاداة السامية.

ويؤكد بركان لصحيفة "فلسطين"، أن أثر القرار يتجاوز الحظر الآني ليصل إلى العقود المستقبلية، إذ ستجد (إسرائيل) صعوبة في توقيع اتفاقيات جديدة، خاصة في مجال التكنولوجيا العسكرية المتقدمة التي كانت تعتمد فيها على السوق الألماني.

ويضيف أن هذا التحول قد يمتد إلى محافل دولية، حيث ألمحت برلين إلى استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية، ما ينذر بتحولات أعمق في مواقف أوروبا الغربية تجاه الصراع.

ويشير بركان إلى أن (إسرائيل) أصبحت تخسر تدريجيا مساحات النفوذ الأخلاقي والسياسي التي كانت تتمتع بها لعقود، وأن القرار الألماني ليس فقط أداة ضغط، بل مؤشر على إعادة تشكيل التحالفات الغربية حول الحرب في غزة.

ويرى الخبراء، أنه في ظل تراجع الثقة الأوروبية، يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديات لوجستية وأمنية قد تعرقل عملياته البرية وتفرض عليه مراجعة خططه الميدانية، بينما يبقى الرأي العام الغربي عاملا متصاعد التأثير في تحديد شكل العلاقة المستقبلية مع (تل أبيب).

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com