د.حامد الصراف لـ"فلسطين أون لاين": الاعترافات الغربية بفلسطين تحول نوعي يتطلب إجراءات ضد الاحتلال
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
الصحة: الشاب ديرية لا يزال على قيد الحياةأكد الخبير السياسي الدكتور حامد الصراف أن سلسلة الاعترافات الغربية بدولة فلسطين تمثل تحولا نوعيا لا جذريا، مشددا على أن هذا التحول لن يكتمل إلا بإجراءات ملموسة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها ملاحقته قانونيا، وفرض عقوبات دولية، ووقف تصدير السلاح إليه، إلى جانب دعم المقاومة سياسيا وإعلاميا ودبلوماسيا.
وشدد على أن عملية "طوفان الأقصى" كانت نقطة تحول عالمية، هزت الضمير العالمي، وفضحت زيف الرواية الإسرائيلية، مؤكدا أن المجازر في غزة فجرت غضب الشارع الغربي، وأحرجت حكومات أوروبية دفعتها للاعتراف بفلسطين لأول مرة.
وأشار إلى أن ما يجري يمثل فرصة تاريخية للشعب الفلسطيني، لكنها قد تضيع إن لم تقابل بإصلاح داخلي جذري، يبدأ بمغادرة القيادة القديمة للمشهد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحدا من الفصائل والقوى الفلسطينية.
اعترافات تربك الاحتلال
وقال الصراف -أستاذ جامعي وباحث سياسي يقيم في هولندا- في حديث لصحيفة "فلسطين"، إن دخول دول كبرى كفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا على خط الاعتراف بدولة فلسطين، أحدث هزة سياسية أربكت قادة الاحتلال، الذين قابلوا هذه التحولات بحالة من الهستيريا السياسية والإعلامية.
وأشار إلى أن هذه الدول، وخاصة بريطانيا وفرنسا، كانت تقليديا داعمة للموقف الإسرائيلي، لكن حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال منذ أكتوبر 2023، في غزة، جعل السكوت الدولي مستحيلا أمام ضغط شعبي وإعلامي متصاعد.
وأكد أن المقاطعة الدولية للاحتلال بدأت تأخذ شكلا فعليا، إذ وصل عدد الجامعات والشركات والصناديق التي قطعت علاقتها بإسرائيل إلى 750 مؤسسة، بعد أن كانت 500 قبل عام، وتشمل حتى أنشطة رياضية وعسكرية.
وأشار إلى أن الاموال بدأت تهرب من إسرائيل، والاستثمارات تتقلص، وهذا ينذر بأزمة اقتصادية حادة قادمة، وقد يفضي مستقبلا إلى إفلاس اقتصادي يضعف قدرة الاحتلال على الصمود سياسيا أو عسكريا.
تحرك مجلس الأمن
وقال الصراف، إن الاعترافات الدولية قد تشكل ضغطا إضافيا داخل مجلس الأمن الدولي، خصوصا إن ترافقت مع موقف فرنسي وبريطاني واضح، إلى جانب الصين وروسيا، ما سيجعل أمريكا في عزلة، ويمهد لتفعيل الفصل السابع ضد الاحتلال.
وأضاف أن استمرار العدوان على غزة قد يدفع الأمم المتحدة إلى تشكيل قوة دولية، أو فرض وقف إطلاق نار بالقوة، ووضع فلسطين تحت إشراف دولي، كما حصل في حالات تاريخية مماثلة، ما سيكون صفعة كبيرة للمشروع الصهيوني.
فشل الاتفاقيات
واعتبر الصراف أن اتفاقيات التسوية مع الاحتلال قد فشلت بالكامل، مشيرا إلى أن اتفاق أوسلو دفن فعليا، كما أن "كامب ديفيد" مع مصر و"وادي عربة" مع الأردن لم تجلب أمنا أو سلاما، بل مكنت الاحتلال من التوسع.
وأوضح أن اليمين الصهيوني الحاكم ألغى عمليا حل الدولتين، ويدفع باتجاه إسرائيل الكبرى، لكنه لم يتمكن من إخضاع غزة أو السيطرة على إرادة الفلسطينيين، ما يظهر تناقضا صارخا في سياسات الاحتلال وأهدافه الاستعمارية.
الحل.. حكومة وحدة وقيادة شابة
ودعا الصراف إلى ترتيب البيت الفلسطيني داخليا، والتخلي عن نهج التفرقة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية دون إقصاء أي فصيل، تكون ممثلة للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس وأراضي 48 والشتات، وتتبنى مشروعا وطنيا جامعا.
وأضاف أن التشرذم الداخلي يضعف القضية، ويمنح الاحتلال مساحة للمناورة، مشددا على أن الوحدة هي شرط أساسي لتحقيق الاستقلال، وأن ما فشلت فيه المبادرات السياسية يمكن أن تحققه القيادة الوطنية الصادقة.
ووجه الصراف دعوة صريحة للرئيس محمود عباس للتنحي، وترك المجال أمام الكفاءات الوطنية الشابة لقيادة المرحلة، مؤكدا أن الجيل القديم استنفد دوره، وأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى وجوه جديدة نظيفة ومتماهية مع تطلعات الشعب.
واستشهد بكلام الجنرال الفيتنامي "جياب" حين زار بيروت في السبعينات من القرن الماضي، وقال لقادة الثورة الفلسطينية: "الثورة والثروة لا يلتقيان"، مشيرا إلى أن جزءا من فشل القيادة الفلسطينية كان نتيجة ارتباط المصالح الشخصية والعائلية بالقضية الوطنية.
المقاومة تولد المقاومة
قال الصراف، إن الشعب الفلسطيني لا يمكن القضاء عليه، فالمقاومة تولد من رحم المعاناة، وأطفال انتفاضة الحجارة عام 1987 أصبحوا اليوم قادة ميدانيين وسياسيين، وهو ما يؤكد أن القضية الفلسطينية حية ومستمرة في وجدان الشعب.
وشدد على أن الاحتلال رغم جبروته، لم يستطع كسر إرادة الفلسطينيين، لا في غزة ولا في الضفة، وأن الانتفاضات والمواجهات المقبلة ستكون أكثر تنظيما وفاعلية إن توفرت وحدة القيادة والإرادة الشعبية الجامعة.
أطماع الاحتلال ونهاية المشروع الصهيوني
وكشف الصراف عن مخطط إقليمي عمره 200 عام لتحويل غزة إلى ممر تجاري بديل يربط آسيا بأفريقيا وأوروبا، عبر مشروع مواز لمسار طريق الحرير، ما يفسر الرغبة الشرسة في تهجير سكانها وتحويلها إلى بوابة استثمار استعماري.
وأشار إلى أن الاحتلال يسعى للسيطرة على الغاز في بحر غزة، والنفط المكتشف في مناطق بالضفة الغربية مثل قلقيلية، ضمن مشروع شامل لصهينة الأرض وطرد المواطنين، وتحقيق رؤية إسرائيل الكبرى اقتصاديا وجغرافيا.
وشدد الصراف بأن المشروع الصهيوني يقترب من نهايته، لأن العالم بات يرى حقيقته، والوعي الشعبي في تصاعد، والتحالفات تتغير، ومع استمرار المقاومة والوحدة الوطنية، فإن إسرائيل ستفقد غطاءها السياسي والأمني.
وأشار إلى أن ما يجري ليس صراعا فلسطينيا إسرائيليا فقط، بل أزمة عالمية، والكيان الصهيوني هو قاعدة متقدمة للناتو وأمريكا، لكنه سيزول كما زالت قواعد أمريكا في أفغانستان وستزول من العراق وسوريا.