مقال لسفير سلطنة عُمان: 40 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مسقط وموسكو.. خطوات نحوغد مشرق
klyoum.com
أخر اخبار سلطنة عُمان:
تزايد المخاوف من ركود اقتصادي لبريطانيا مع تراجع إعلانات الوظائفنشر سفير سلطنة عمان في روسيا حمود بن سالم آل تويه مقالة بمناسبة مرور 40 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وعمان.
وأكد السفير حمود بن سالم آل تويه أن العلاقات بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، التي تأسست رسميا عام 1985، تطورت على مدى أربعة عقود لتصبح شراكة شاملة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون متعدد المجالات. فقد شملت هذه العلاقات الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري مئات الملايين من الدولارات، وتزايدت الاستثمارات والشركات المشتركة، إضافة إلى تنامي حركة السياحة بين البلدين. كما شكلت زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى موسكو في إبريل 2025 محطة تاريخية عبر توقيع 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم عززت التعاون في مجالات الطاقة والزراعة ومكافحة الإرهاب والتعليم. وأكد السفير أن عمان وروسيا تتقاسمان رؤى متقاربة حول احترام سيادة الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية، مع تطلع مشترك نحو توسيع التعاون المستقبلي في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وفيما يلي النص الكامل لمقالة سفير سلطنة عمان في موسكو حمود بن سالم آل تويه:
لقد تأسست العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عمان وروسيا الاتحادية رسميا بتاريخ 26 سبتمبر في عام 1985، ومنذ ذلك الحين نمت هذه العلاقات لتبرز كشراكة فاعلة ترتكز على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في تعزيز التعاون متعدد الأوجه في مختلف المجالات.
هذا، وقد قام بالتوقيع على البيان المشترك بشأن تأسيس العلاقات الدبلوماسية عن الجانب العماني حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، إبان ما كان جلالته يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعن الجانب الروسي سعادة جورجي كورينكو، النائب الأول لوزير خارجية الاتحاد السوفييتي آنذاك.
لقد شهدت علاقاتنا الثنائية تطوراً راسخاً وطموحاً عبر هذه العقود الأربع، بدءاً بافتتاح السفارة السوفيتية في مسقط عام 1987، ثم اعتراف سلطنة عمان بروسيا الاتحادية كوريثة للاتحاد السوفيتي عام 1991. وامتدت هذه العلاقة لتشمل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية.
على الصعيد الاقتصادي والتجاري، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 133 مليون ريال عماني (ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار) في عام 2024. ويشمل التبادل صادرات عُمانية من التمور والأسماك والألمنيوم والعطور وأحجار البناء، مقابل واردات روسية من القمح والأسمدة والآلات ومعدات معالجة المعادن. ووصل عدد الشركات الروسية المسجلة في سلطنة عمان حتى 2024 إلى نحو 277 شركة، وتعمل في قطاعات متنوعة تشمل التجارة، البناء، التكنولوجيا، الخدمات اللوجستية، النقل، وصيد الأسماك، وغيرها.
وفي مجال السياحة، فقد استقبلت سلطنة عمان خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2025م حوالي 43 ألف و283 سائحا روسيا، وهو العدد الاجمالي للسياح الروس في عام 2024، بينما يزور روسيا حوالي 11 ألف سائح عماني. ويعزز ذلك اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات والتسهيلات التي تم تبنيها مؤخرا.
تعتبر زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى روسيا الاتحادية في إبريل 2025 محطة بارزة في تاريخ علاقاتنا الثنائية، إذ تم خلال الزيارة التوقيع على 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم هامة ، تشمل التعاون الاقتصادي والفني، الإعفاء من التأشيرات المتبادل، مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، الزراعة والثروة السمكية، الإعلام، والتعليم، إضافة إلى إنشاء لجنة اقتصادية مشتركة لتعزيز التنسيق المشترك.
من جهة أخرى، تلعب الجوانب الثقافية والمتحفية دورا محوريا في تعميق الروابط بين شعبينا، حيث تم افتتاح قسم لمتحف الإرميتاج الروسي في المتحف الوطني العماني، وركن للمتحف الوطني العماني في متحف الإرميتاج، كما يستمر التعاون عبر فعاليات مشتركة ومعارض متبادلة، حيث تم تنظيم فعاليات مثل "يوم عمان" في متحف الارميتاج بموسكو و"يوم روسيا" في مسقط.
وفي إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية، شاركت سلطنة عمان كضيف شرف في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي في نسخته ال ٢٧ في عام ٢٠٢٤. والمشاركة العمانية كانت مشاركة استراتيجية عبر جلسات حوارية متخصصة واجتماعات ثنائية مع مؤسسات استثمارية روسية، وسلطت الضوء على فرص الاستثمار الواعدة في القطاعات المختلفة، مثل الخدمات اللوجستية، الأمن الغذائي، والتعدين، ضمن رؤية عمان 2040 . كما نظمت لقاءات موسعة مع أبرز الشركات الروسية لتعزيز التعاون وبناء الشراكات الاستثمارية، إضافة إلى إقامة ملتقى عماني روسي للترويج للبيئة الاستثمارية والتجارية في عمان.
تتجاوز شراكة سلطنة عُمان وروسيا حدود الاقتصاد والسياحة والثقافة والتعليم، لتشمل أيضاً التنسيق السياسي من خلال التنسيق في المحافل الدولية وزيارات الوفود الرسميّة رفيعة المستوى والوفود الرسميّة الأخرى المتبادلة، بالإضافة إلى اجتماعات المشاورات السياسيّة والبرلمانيّة التي تعقد بشكل مستمر في مسقط وموسكو. كما تعزز هذه العلاقات الأمن والاستقرار الإقليمي، إذ تشترك سلطنة عمان وروسيا الاتحادية في رؤى متقاربة تحث على احترام سيادة الدول وتسوية النزاعات بالطرق الدبلوماسية.
نحن متفائلون بمستقبل التعاون بين البلدين لتوسيع الشراكة في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا الحديثة، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى التعليم والتبادل الثقافي والطلابي.
وفي الختام، نعرب عن تقديرنا العميق لروسيا الاتحادية الصديقة على شراكتها الوثيقة، مؤكدين حرص سلطنة عمان على مواصلة تعزيز هذه العلاقات من أجل أمن وازدهار شعبينا الصديقين.
حمود بن سالم آل تويه
سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى روسيا الاتحادية