المخيزيم: تعزيز العمل الخليجي لمواجهة الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية
klyoum.com
علي إبراهيم
أكد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة ووزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثـــــمار بالوكالة د. صبيح المخيزيم أمس ضرورة تعزيز التنسيق الخليجي المشترك وتطوير آليات العمل الاقتصادي لمواجهة التحديات والاضطرابات الجيوسياسية التي تؤثر على الاستقرار المالي والاقتصادي في المنطقة والعالم.
وقال الوزير المخيزيم في كلمته خلال الاجتماع الـ124 للجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إن التحديات والمتغيرات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم بدءا بالتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ حركة التجارة العالمية وصولا إلى التقلبات في أسواق الطاقة والغذاء تتطلب بذل المزيد من الجهد لتعزيز العمل الخليجي المشترك لمواجهتها وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وأشار إلى دور مجلس التعاون الخليجي كمنصة للتضامن ووحدة الصف الذي أثبت منذ تأسيسه أنه نموذج ناجح للوحدة الإقليمية وقوة للاستقرار والنمو، كما حقق إنجازات بارزة من بينها، تعزيز التكامل الاقتصادي والمالي وتطوير الأسواق المالية وتوسيع الاستثمارات المشتركة وتوحيد الجهود في مجالات الجمارك والضرائب والأنظمة المالية، إضافة إلى إطلاق مبادرات للتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط مصدرا رئيسيا للدخل.
ولفت إلى قوة ومكانة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث توقع البنك الدولي ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي الخليجي نحو 3.2% خلال العام الحالي على أن يرتفع عام 2026 إلى 4.5% من خلال توجه دول المجلس إلى تنويع الاقتصاد والتوسع في الأنشطة غير النفطية والاستثمارات في البنية التحتية والتوسع في المشاريع السياحية.
وأكد الوزير المخيزيم حرص دولة الكويت على مواصلة عقد مثل هذه اللقاءات التي تمثل ركيزة أساسية في ترسيخ العلاقات الاقتصادية الخليجية وتعزيز مسيرة التكامل المالي والاقتصادي المشترك.
من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي في كلمته إن المجلس حقق إنجازات كبيرة ومتعددة في وقت تؤكد توجيهات قادة دول مجلس التعاون على ضرورة المضي قدما نحو المزيد من التكامل وبما يواكب تطلعات مواطني هذه الدول وطموحاتهم.
وأشار البديوي إلى دور لجنة التعاون المالي والاقتصادي في دول مجلس التعاون بدعم خطوات التكامل الاقتصادي إلى أعلى مستوياته، مؤكدا أن هذه الدول أولت اهتماما كبيرا بكل مجالات التعاون فيما بينها لاسيما المجال الاقتصادي.
وذكر أن المؤشرات الاقتصادية توضح أن حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بنهاية عام 2024 بلغ نحو 2.3 تريليون دولار وبلغ حجم التجارة الخارجية نحو 1.5 تريليون دولار، مبينا أن السياسات الاقتصادية والتجارية التي أقرها المجلس منذ قيامه بدءا بمنطقة التجارة الحرة مرورا بالاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة أسهمت في تنمية التجارة البينية بين دول المجلس، حيث بلغت قيمتها أكثر من 145 مليار دولار عام 2024 بنسبة نمو بلغت نحو 9.8% مقارنة بعام 2023.
وأضاف أن تلك المؤشرات ليست مجرد أرقام وإحصاءات فقط بل تجسد بوضوح عمق مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون وتعكس ثمار السياسات الرشيدة التي أقرت منذ انطلاق المجلس لتؤكد المكانة الفاعلة لدوله على المستويين الإقليمي والدولي ودورها في قيادة وتوجيه مسار الاقتصاد العالمي.
تحقيق الاستقرار المالي
وفي سياق متصـل، أكـــــد د. صبيح المخيزيم أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وصندوق النقد الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة وتحقيق الاستقرار المالي.
جاء ذلك في كلمة الوزير المخيزيم أمس خلال ترؤسه الاجتماع المشترك بين وزراء المال والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية بدول مجلس التعاون مع المدير العام لصندوق النقد الدولي. وقال الوزير المخيزيم إن هذا الاجتماع يعد فرصة لبحث التحديات الراهنة لتبادل الرؤى وتنسيق السياسات وتعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي، مضيفا أنه يتيح لدول المجلس الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية في مجالات الاستقرار المالي وإدارة السياسات النقدية والمالية وتنويع مصادر الدخل.
وأضاف أن الاجتماع يسهم في تحقيق الاستقرار المالي ودعم طموحات الشعوب نحو مستقبل أكثر ازدهارا ورفاهية، بالاضافة إلى استشراف آفاق المستقبل من خلال قراءة دقيقة للمتغيرات العالمية واستثمار الفرص المتاحة في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة وتمكين القطاع الخاص وخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمار.
من جهته، قال جاسم البديوي في كلمة مماثلة إن اقتصادات دول مجلس التعاون رغم التحديات العالمية أظهرت قدرتها الكبيرة على الصمود، إذ أسهم النشاط غير النفطي القوي المدعوم بزخم الإصلاحات والطلب المحلي القوي في دعم النمو الاقتصادي لدول المجلس.
وتوقع البديوي أن تبقى الآفاق الاقتصادية إيجابية مدفوعة بتقليل الاعتماد على النفط وتوسع إنتاج الغاز الطبيعي واستمرار الإصلاحات، مبينا في الوقت ذاته أن معدلات التضخم تعتبر تحت السيطرة، فيما توفر الهوامش السياسات المالية والنقدية مجالا واسعا للتعامل مع حالة عدم اليقين.
وعلى الصعيد النقدي، أكد أن دول المجلس تعمل بكل فاعلية على تعزيز السياسة النقدية وتطوير إدارة السيولة وتعميق الأسواق المالية، مما مكنها من تحقيق استقرار مالي، وفي الوقت ذاته تعمل على سياسات احترازية واستباقية للمحافظة على استقرارها الاقتصادي.
وأشار إلى أن المضي قدما نحو الإصلاحات الهيكلية سيسهم في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز مشاركة القوى العاملة لاسيما المرأة والاستفادة من الرقمنة والذكاء الاصطناعي، وتعميق أسواق رأس المال سيظل أساسيا لتحقيق نمو مستدام يقوده القطاع الخاص.
بدورها، أكدت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا في كلمة مماثلة أهمية مواصلة التعاطي مع التحديات الاقتصادية العالمية المتنامية في ضوء استمرار حالة عدم اليقين.
وأشارت غورغيفا إلى أن المخاطر تظل مائلة نحو الانخفاض بسبب اجراءات الحماية وتراجع الثقة والتحولات الديموغرافية على الرغم من استفادة مجلس التعاون الخليجي من ميزة التركيبة السكانية الشابة مما يتطلب التركيز على توفير وظائف عمل والتوسع في الفرص. وذكرت أنه على الرغم من تراجع أسعار النفط وتصاعد التوترات الجيوسياسية إلا أن مجلس التعاون مستمر في تقديم أداء قوي بدعم من الإصلاحات والمرونة مع توقعات بارتفاع النمو خلال عام 2025 ليبلغ نحو 3.5% بالإضافة إلى اقترابه من 4% خلال عام 2026.
ودعت إلى ضرورة تطوير أعمق للأسواق المالية المحلية خصوصا أسواق السندات المحلية وتوسيع نطاق الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكدة أهمية تعزيز التكامل وتنسيق اللوائح والرقابة لأنه من شأنه يعزز استراتيجيات التنويع ويصون اقتصادات دول المجلس من تقلبات أسعار النفط.
وناقش الاجتماع عددا من الموضوعات المحورية أبرزها، التقرير السنوي المقدم من صندوق النقد الدولي حول قدرة دول مجلس التعاون على مواجهة الصدمات العالمية ووضع سياسات مالية ملائمة في ظل تقلب أسعار النفط وتوفير التمويل اللازم لدعم برامج التنويع الاقتصادي.
كما تناول الاجتماع موضوعات أخرى مثل الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى رفع الإنتاجية وتعزيز التكامل الاقتصادي العالمي وتطوير الأسواق المالية المحلية وتعميقها وتعزيز التكامل التجاري والمالي ودعم المبادرات الخليجية المشتركة في مجالي السياسات المالية والنقدية.