تقرير اقتصادي: «الكوت للاستثمار»... بين تكرار الفكرة وهواجس فشل التنفيذ
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
نزاهة الكويتية تحيل أعضاء مجلس إدارة جمعية عمومية إلى النيابة العامةأعاد مقترح وزارة المالية المقدم الى مجلس الوزراء بشأن «تأسيس كيان استثماري ذي طبيعة خاصة لدعم المشاريع الكبرى في البلاد وتنفيذها» إلى الأذهان أفكارا مماثلة شغلت الرأي العام الاقتصادي على مدى 22 عاماً مضت، وتحديداً منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وما تلاه من توجهات حكومية تعتبر في إطارها العام «إصلاحية»، لكن سوادها الأعظم لم يرَ النور بسبب الإخفاقات التي تواكب أعمال الإدارة العامة.ووفق ما نشرته الزميلة «القبس»، أمس، فإن الكيان الاستثماري المزمع تأسيسه تحت مسمى شركة الكوت للاستثمار سيبلغ رأسماله 50 مليار دينار من خلال تمويل حكومي، وستكون مهمته الاستثمار في قطاعات الطاقة، والنقل، والبنية التحتية، والمدن الذكية، والمناطق الصناعية، وهي فكرة مقاربة لمجموعة من الأفكار الذي استهدفت تنويع الاقتصاد الكويتي ومصادر دخله وتطويره خلال عقدين من الزمن، كمشروع تحويل الكويت الى مركز تجاري ومالي عام 2004، وخطة التنمية الأولى عام 2008، والخطة التنموية الثانية الأقل حجما عام 2013، مرورا بوثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي عام 2016، ووثيقة مشروع استدامة عام 2018، وصولا الى صندوق سيادة للتنمية عام 2023 الذي يكاد يتطابق في رؤاه ومسعاه مع فكرة شركة الكويت للاستثمار، مع الأخذ بعين الاعتبار مشروع تطوير مدينة الحرير والجزر والمنطقة الشمالية الذي يتقدم على واجهة الأحداث كلما أرادت الإدارة الحكومية الحديث عن التنمية والمستقبل. رصد الأسباب
أعاد مقترح وزارة المالية المقدم الى مجلس الوزراء بشأن «تأسيس كيان استثماري ذي طبيعة خاصة لدعم المشاريع الكبرى في البلاد وتنفيذها» إلى الأذهان أفكارا مماثلة شغلت الرأي العام الاقتصادي على مدى 22 عاماً مضت، وتحديداً منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وما تلاه من توجهات حكومية تعتبر في إطارها العام «إصلاحية»، لكن سوادها الأعظم لم يرَ النور بسبب الإخفاقات التي تواكب أعمال الإدارة العامة.
ووفق ما نشرته الزميلة «القبس»، أمس، فإن الكيان الاستثماري المزمع تأسيسه تحت مسمى شركة الكوت للاستثمار سيبلغ رأسماله 50 مليار دينار من خلال تمويل حكومي، وستكون مهمته الاستثمار في قطاعات الطاقة، والنقل، والبنية التحتية، والمدن الذكية، والمناطق الصناعية، وهي فكرة مقاربة لمجموعة من الأفكار الذي استهدفت تنويع الاقتصاد الكويتي ومصادر دخله وتطويره خلال عقدين من الزمن، كمشروع تحويل الكويت الى مركز تجاري ومالي عام 2004، وخطة التنمية الأولى عام 2008، والخطة التنموية الثانية الأقل حجما عام 2013، مرورا بوثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي عام 2016، ووثيقة مشروع استدامة عام 2018، وصولا الى صندوق سيادة للتنمية عام 2023 الذي يكاد يتطابق في رؤاه ومسعاه مع فكرة شركة الكويت للاستثمار، مع الأخذ بعين الاعتبار مشروع تطوير مدينة الحرير والجزر والمنطقة الشمالية الذي يتقدم على واجهة الأحداث كلما أرادت الإدارة الحكومية الحديث عن التنمية والمستقبل.
رصد الأسباب
ولسنا في معرض إبداء التفاؤل أو التشاؤم تجاه أي مشروع، فالفكرة بوجه عام جيدة وتستحق التطبيق، بشرط أن يكون سليما ونافعا للاقتصاد، إنما في سياق رصد الأسباب التي ساهمت في فشل كل المشاريع السابقة، والتي كانت تصنّف ضمن الخطاب الاقتصادي الرسمي كمشروع دولة أو خطة أساسية للإدارة العامة، ولعل أهم أسباب الفشل أن مجلس الوزراء لا يمثّل فريق تنمية متناغما ضمن برنامج عمل ملزم - وحاليا لم يصدر هذا البرنامج، رغم مرور 14 شهرا على تشكيل الحكومة الحالية - فضلا عن غياب أدوات القياس الخاصة بالإنجاز أو الإخفاق للمشاريع المدرجة ضمن تصنيف
«التنموية»، وهي بالأصل مشاريع بنية تحتية ليست بالضرورة تنموية، فأدوات القياس التي لا تتضمن إيضاحا عاما لأداء المشاريع والسياسات وتنفيذ الخطط بشكل فصلي وسنوي، يتم فيها متابعة الأداء وتقويم الانحراف وتعزيز النجاح لضمان تحقيق الهدف، وفقا لقواعد الثواب والعقاب والارتكاز على معايير الكفاءة.
الهدف التنموي
وهنا يجب فهم أن تحقيق الهدف التنموي لا يقاس بما ينفق عليه من أموال أو من إنجاز لأعمال المقاولات، بل إن المشاريع الكبرى تُقاس بمدى كفاءة تشغيلها بعد الإنفاق والبناء وجودة خدمتها وقدرتها على معالجة اختلالات الاقتصاد، لا سيما تنويع مصادر الدخل وخلق فرص العمل للعمالة الوطنية، والمساهمة في خفض اختلال التركيبة السكانية كمّا ونوعاً، فضلا عن الأهم في هذا السياق، وهو تنويع وتنمية الناتج المحلي الإجمالي، الى جانب جذب التكنولوجيا والخبرات العالمية والاستثمار الأجنبي.
وظائف وتشابك
بالتالي، فإن بعض ما ورد من توجهات في مسودة مشروع شركة الكوت للاستثمار يطرح عددا من الأسئلة تتطلب من الإدارة الاقتصادية الإجابة عنها، كتفصيل إن كانت فرص العمل التي تطرحها الشركة المقترحة البالغة 50 ألف وظيفة موجهة في نسبتها الأكبر للعمالة الوطنية لإصلاح اختلال ميزان سوق العمل وخفض عبء الرواتب عن ميزانية الدولة، أم أنها ستكون لجذب المزيد من العمالة الوافدة بما يخل بموازين سوق العمل والتركيبة السكانية؟
الى جانب بيان مدى تشابك أعمال الشركة في جانب جذب الاستثمار الأجنبي والشراكة مع القطاع الخاص وتطوير الموانئ والمناطق الصناعية والطاقة، وغيرها مع جهات وهيئات حكومية متخصصة مثلت عند تأسيسها عناوين براقة حتى أثبت التشغيل ضمن بيئة الإدارة العامة فشلها وقصورها.
اختصاصات وتناقض وشفافية
ما سبق يجعل التساؤل مطروحا حول كيفية نجاح الشركة المقترحة في اختصاصات فشلت أو قصّرت فيها هيئات حديثة وقديمة كهيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، أو هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو هيئة الصناعة، أو الإدارة العامة للموانئ، ومدى تناقض تأسيس الحكومة لشركة ضخمة تدير الاقتصاد والخدمات مع الخطاب الاقتصادي الحكومي في رفع حصة القطاع الخاص بالناتج المحلي الإجمالي، كذلك بيان سبب تركيز وزارة المالية على مسألة وجود نموذج حوكمة مستقل يضمن الشفافية في الشركة الجديدة، مع أن جهات حكومية تتبع وزير المالية، كالهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، لا تتبنيان النموذج نفسه في إعلان الصفقات وبيان معايير حوكمتها، أو إعلان نتائج الأداء الاستثماري، وكان آخرها بيع الهيئة العامة للاستثمار استثمارات بقيمة 6.5 مليارات دينار، من دون إعلان أو بيان، فضلا عن غياب بيانات الأداء الاستثماري لمحفظة التأمينات منذ 4 سنوات.
نوايا وممارسات
ولعله من المفيد القول إن الفكرة السليمة أو حتى النوايا الطيبة كتأسيس شركة الكوت للاستثمار لا تعنيان بالضرورة نجاح التنفيذ، خصوصا إذا اقترن الأمر بشواهد وممارسات سلبية سابقة كغياب أدوات القياس أو انحراف فهم التنمية كمفهوم اقتصادي أو في أخرى حالية، كتركيز الإدارة العامة على مسائل تغطية العجز المالي دون سياسات اقتصادية، أو إصدار قانون الدَّين العام بلا خطة إصلاح اقتصادي شاملة تضمن كفاءة الإنفاق وجودته وسلامته أو إقرار ميزانية عامة، مع تجاوز إصدار برنامج العمل الحكومي، فأكبر المشاريع الحكومية التي فشلت أو لم تنفّذ كتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري، أو خطط التنمية، أو مدينة الحرير، وغيرها، هي صحيحة في عنوانها العريض، لكن الخلل كان في إدارة عامة استهلكت الكثير من الوقت والجهد في غير احتياجات الاقتصاد، حتى تحولت الخطط والسياسات وحتى الأجهزة الحكومية الى عبء، بدل أن تكون محفزاً للنجاح.