هبة الوزان: التغذية تلعب دوراً مهماً في تحسين أعراض «التوحّد»
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
زين حصدت 3 جوائز إقليمية في 5G -Advanced وتجربة الشبكة والتحول الرقميد.ولاء حافظ
يُعدّ طيف التوحّد (ASD) اضطرابًا نمائيًا عصبيًا يظهر في السنوات الأولى من عمر الطفل، ويؤثر بشكل مباشر في قدرته على التواصل والتفاعل الاجتماعي، نتيجة اختلافات في وظائف الدماغ وآليات معالجته للمعلومات. وتتراوح شدّة الاضطراب بين طفل وآخر، إلا أن أبرز سماته تتمثل في صعوبة التفاعل مع المحيطين ووجود أنماط سلوكية وتواصلية غير معتادة.
وبحسب العديد من الدراسات الحديثة، بات واضحًا أن للتغذية دورًا مهمًا في تحسين أعراض التوحّد، إذ سجل الخبراء نتائج إيجابية وتقدّمًا ملحوظًا لدى الأطفال الذين خضعوا لبرامج غذائية مخصصة، ما أتاح فهمًا أعمق لكيفية تأثير النظام الغذائي في السلوك والتركيز والنوم لديهم.
وفي هذا السياق، أوضحت اختصاصية التغذية العلاجية هبة الوزّان لـ القبس أن تغذية طفل التوحّد تختلف جذريًا عن تغذية الطفل السليم، نظرًا إلى أن المصاب قد يعاني من تحديات متعددة تتعلق بالشهية، والحساسية الحسية للروائح والأطعمة، واضطرابات الجهاز الهضمي. وقدمت الوزّان جملة من التوضيحات والتوصيات التي تساعد على دعم الحالة وتحسين جودة حياة الأطفال المصابين وأسرهم.
أعراض التوحُّد
تبدأ ملامح اضطراب طيف التوحّد بالظهور غالبًا في عمر عام ونصف العام إلى عامين، حيث تبرز مجموعة من السلوكيات والمؤشرات التي تستدعي انتباه الأسرة، من أبرزها:
1- ضعف الإحساس بمشاعر الآخرين وعدم القدرة على فهم سلوكهم سواء في المنزل أو المدرسة.
2- عدم الاستجابة عند النداء باسمه من قبل الوالدين أو أفراد العائلة.
3- تجنّب التواصل المباشر ورفض النظر في أعين الآخرين.
4- تأخر النطق وتلعثم الحروف مقارنةً بالأطفال الآخرين، مع صعوبات في مخارج الأصوات.
5- التحدث بنبرات أو إيقاعات غير مألوفة عند التفاعل مع الآخرين.
6- زيادة الحركة أو السلوكيات المتكررة مثل الرفرفة باليدين، والدوران حول النفس، إضافة إلى الانزعاج من الأصوات العالية وصعوبة تقبّل التغييرات المفاجئة في الروتين اليومي.
أسباب مرض التوحُّد
بيَنت الوزان أنه حتى اليوم لا يوجد سبب واحد محدد ومعروف للإصابة بالتوحد، ولكن الأبحاث تشير إلى أنه ينتج عن تفاعل معقد بين عوامل وراثية وبيئية تؤثر في تطور الدماغ خلال الحمل أو في السنوات الأولى من عمر الطفل. وأكدت أنه طبقاً للدراسات فان أهم العوامل المرتبطة بالإصابة بالتوحد هي العوامل الوراثية، حيث تلعب الوراثة دوراً كبيراً ومثبتاً في الإصابة، حيث تم اكتشاف عدد كبير من الجينات التي قد تسهم في زيادة القابلية للإصابة، ولكن ليس هناك جين مسؤول بل مجموعة جينات معاً وأيضاً قد تحدث طفرات جينية بسيطة خلال الحمل تؤثر أيضاً في نمو الدماغ.
مفاهيم خاطئة
ولفتت الوزان إلى أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالتوحد، مثل أن سموم البيئة أو الحميات واللقاحات من المسببات. وقالت: «هذا غير صحيح، ما هو مثبت علمياً يتمثل في العوامل الوراثية والبيئية». ومن المفاهيم الخاطئة أيضاً ذكرت الوزان أن البعض يعتقد أن مرضى التوحد غير قابلين للتعلم، والصحيح أنه قد تختلف مهارة التعلم من شخص لشخص وأن هذا الاضطراب لا يمنع الطفل من التعلم أبداً.
علاقة تغذية الأم الحامل بإصابة طفلها
نفت الوزان وجود دليل علمي يؤكد أن نوعية الطعام وحدها لدى الأم أثناء الحمل تسبب التوحد مباشرة، وأكدت أن التغذية قد تلعب دوراً غير مباشر ضمن عوامل متعددة يمكن أن تؤثر في نمو دماغ الجنين خاصة إذا كان هناك نقص شديد في بعض العناصر الغذائية المهمة مثل:
1- حمض الفوليك: مهم جداً لتطور الجهاز العصبي، حيث إن بعض الدراسات تشير إلى أن نقصه الشديد قد يزيد من مخاطر الاضطرابات النمائية، لكن لا يسبب التوحد مباشرة.
2- أوميغا 3: يساهم في تطور الدماغ، لكن لا دليل واضحاً يربطه مباشرة بتقليل أو زيادة التوحد.
3- فيتامين «د»: حيث إن نقصه الشديد خلال الحمل قد يرتبط ببعض المشاكل النمائية، لكن العلاقة بالتوحد ليست مؤكدة بشكل قاطع.
تغذية طفل التوحُّد
أكدت اختصاصية التغذية العلاجية هبة الوزّان أن تغذية طفل التوحّد تختلف بشكل جوهري عن تغذية الطفل السليم، نظراً لأن المصاب باضطراب طيف التوحّد يعاني في كثير من الأحيان من مشكلات مرتبطة بالشهية والهضم وتقبّل الطعام. وترتبط هذه المشكلات بعدة عوامل، أبرزها حالة تُعرف بـ متلازمة «الأمعاء المتسربة» (Leaky Gut)، حيث يحدث ترشيح لجزيئات الطعام غير المهضومة من جدار الأمعاء إلى مجرى الدم، مما يؤثر بدوره في الجهاز العصبي وسلوك الطفل.
وأوضحت الوزّان أن السبب يعود إلى عدم قدرة الجهاز الهضمي لدى بعض أطفال التوحّد على تفكيك بروتينات معينة، وعلى رأسها:
- الغلوتين: البروتين الموجود في القمح والشعير ومعظم أنواع الخبز والحبوب المستخدمة في منتجاتهما.
- الكازين: البروتين الأساسي في الحليب ومشتقاته.
وأشارت الوزّان إلى أن طفل التوحّد يكون أكثر عرضة للإصابة بحساسيات غذائية تتجاوز الغلوتين والكازين، مقارنةً بالأطفال الآخرين. كما يُلاحظ لدى الكثير منهم رفض تناول الطعام نتيجة اعتمادهم على نوعيات محددة يفضلونها، وضعف تفاعلهم الاجتماعي، مما يجعل إقناعهم بتجربة أطعمة جديدة تحدّياً يومياً للعائلة، نظراً لكونهم من أصعب الفئات في تقبّل التغييرات الغذائية.
مشاكل تغذوية
وبيِنت الوزان أبرز المشاكل السلوكية التي تظهر في نظام المصابين الغذائي والتي لابد أن يتفهمها الآباء ويتم التعامل معها:
1- كرههم لبعض الأطعمة واختيارهم لأنواع محددة من الأكل بسبب شدة حساسيتهم من لون ومذاق وملمس الطعام، وقد تشمل الأكلات القوية بالنكهات واللزوجة وكذلك الفواكه والخضروات وبعض أنواع الحبوب الكاملة.
2- كثرة الحركة وعدم الاستمرار في تناول الوجبة، حيث قد لوحظ أن أطفال التوحد يجدون صعوبة في الجلوس لتناول الطعام وتناول وجباتهم من بداية الجلوس حتى النهاية.
3- الإمساك: تحدث هذه المشكلة بسبب عدم التنوع في طعام الطفل وعدم ممارسة الطفل لأي أنشطة بدنية في المدرسة أو المنزل، وهنا يجب زيادة كمية الألياف في طعامه بجانب تشجيعه لشرب السوائل من خلال تقديم العصائر الطبيعية والتحفيز على ممارسة النشاط البدني.
العلاج بالتغذية
تؤكد اختصاصية التغذية العلاجية هبة الوزّان أن للتغذية دورًا مهمًا وملموسًا في تحسين حالة الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحّد، مشيرةً إلى أن التجارب السريرية والملاحظات الميدانية أظهرت نتائج إيجابية عند اتباع حميات غذائية مناسبة ومدروسة.
ومن أبرز العلامات الإيجابية التي يحققها العلاج بالغذاء لدى طفل التوحّد:
- ارتفاع مستوى التركيز والانتباه بشكل تدريجي.
- انخفاض فرط الحركة وتراجع السلوكيات العدوانية.
- تحسّن عادات النوم وتنوّع الخيارات الغذائية وتقبّل الطعام.
وأضافت الوزّان أنه «لا ضرر من تجربة الحميات الغذائية أو بعض العلاجات البديلة لفترة محدودة، ما دامت لا تسبّب أي آثار جانبية، شريطة تأمين البدائل الغذائية اللازمة وسدّ أي نقص محتمل في احتياجات الطفل الغذائية الأساسية». وأكدت أن الهدف من الحمية ليس الحرمان، بل تعديل النظام الغذائي بما يخدم صحة الطفل وسلوكه وتطوّره المعرفي.
الحمية المناسبة لطفل التوحّد
تشير اختصاصية التغذية العلاجية هبة الوزّان إلى أن الحمية الغذائية الأكثر استخدامًا وفاعلية مع أطفال التوحّد هي الحمية الخالية من الغلوتين والكازين، مؤكدة أن تطبيقها يجب أن يتم بشكل تدريجي ومدروس لضمان ملاحظة التغيّرات الإيجابية وتقليل أي صعوبات قد تواجه الأسرة.
وتوضح الوزّان أن الخطوة الأولى في الحمية تتمثل في إزالة الكازين من النظام الغذائي عبر تجنّب الحليب البقري ومشتقاته، واستبدال حليب الأرز أو جوز الهند أو اللوز به. وتحتاج هذه المرحلة عادة إلى نحو أسبوعين حتى يتخلص الجسم من آثار الكازين.
وبعد ظهور مؤشرات التحسّن، تُنتقل الأسرة إلى المرحلة التالية وهي إزالة الغلوتين الموجود في القمح والشعير، واستبدال خيارات أكثر أمانًا مثل الأرز (ويُفضّل البني)، والخبز الخالي من الغلوتين، والبطاطا، وفول الصويا، ودقيق الذرة به. وتشير الوزّان إلى أن الجسم قد يحتاج من 5 إلى 7 أشهر للتخلص الكامل من الغلوتين.
كما شدّدت على ضرورة إدخال مصادر البروتين الصحية ضمن النظام الغذائي للطفل، مثل اللحوم القليلة الدهن، والأسماك، والدواجن، مع التركيز على الأسماك الدهنية مثل التونة والسردين والماكريل والسالمون لرفع مستوى أحماض أوميغا 3 التي تساعد على تقليل فرط الحركة وتشتت الانتباه.
وأضافت أن إدراج الخضروات والفواكه يعد عنصرًا أساسيًا في الحمية، لدورها في تقليل مشاكل الإمساك ودعم الجهاز الهضمي، ما ينعكس إيجابًا على سلوك الطفل ونشاطه.