«ميد»: الخليج يكتب قواعده الخاصة في التمويل
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
الرماية يكرم أبطالنا في البطولات الخليجية والعربية والآسيويةوليد منصور -
قال تقرير حديث إن ارتفاع تكاليف الاقتراض وتقلبات سلاسل الإمداد إلى جانب الطلب المتزايد على المياه تعيد رسم الطريقة، التي تموّل بها حكومات الخليج مشاريع البنية التحتية.
وأشار تقرير، نشر في مجلة ميد، إلى أن إستراتيجيات رأسمالية جديدة آخذة بالتشكل عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتيح مجموعة متنوعة من نماذج التمويل الخاص والشراكات للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم الاستفادة من الفرص المتاحة.
وذكر التقرير أنه في السعودية وحدها، جرى توقيع عقود بقيمة تقارب 154 مليار دولار خلال عام 2024، وهو أعلى إجمالي سنوي يتم تسجيله على الإطلاق، في تأكيد على عزم الرياض مواصلة الإنفاق الرأسمالي على الرغم من تشدد أسواق المال العالمية وتراجع أسعار النفط.
ولفت التقرير إلى أن ذلك يعكس قصة أوسع، تتمثل في التغيرات الجذرية في مزيج التمويل؛ إذ بدلاً من الاعتماد على الميزانية السيادية، تتجه الوزارات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل متزايد إلى القطاع الخاص للمساعدة في تنفيذ برامجها.
توسع الشراكات بين القطاعين
وأوضح التقرير أن أحد أهم المحركات يتمثل في التوسع السريع في تطبيق نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP). فمن المطارات إلى خطوط الأنابيب، ومن المستشفيات إلى المدارس، تُعاد صياغة المشاريع بحيث يتولى المطورون من القطاع الخاص تصميم وبناء وتمويل وتشغيل الأصول في شراكات مع الحكومات بموجب عقود امتياز قد تمتد لعقود طويلة.
واستشهد التقرير بمناقصة مطار أبها الدولي في السعودية التي تعكس هذا التوجه، حيث جرى تمديد فترة المناقصة لإتاحة المجال أمام الائتلافات الدولية لتقديم حلول شاملة، تتضمن مرافق معالجة الصرف الصحي ومكونات الطاقة المتجددة.
أدوات التمويل
وأضاف التقرير أن هناك أداة أخرى، تتمثّل في استخدام أدوات الضمان الائتماني السيادي وشبه السيادي، حيث يوفر كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق التنمية الوطني وشبكة الهيئات التنظيمية القطاعية دعماً ضد المخاطر المحتملة في الإيرادات. ونتيجة لذلك، تمتلك السعودية وحدها مشاريع في قطاعي الطاقة والمياه بقيمة 184.6 مليار دولار في مرحلة الطرح، وهو أكبر خط مشاريع من نوعه في الشرق الأوسط.
التمويل الأخضر
كما أشار التقرير إلى أن الديون المصنفة «خضراء» بدأت تنضج وتكتسب زخماً، إذ إن الكثير من الأصول الجديدة تستبدل الوقود الأحفوري بالطاقة المتجددة، مما يجعلها مؤهلة للحصول على قروض وسندات مرتبطة بالاستدامة.
وبيّن التقرير أن لوائح بازل 3 تمنح هذه الأصول معاملة تفضيلية، الأمر الذي يسمح للبنوك بتعزيز نسب السيولة لديها مع تحقيق عوائد مستقرة وطويلة الأجل.
ولفت التقرير إلى أن هذه العوامل مجتمعة أسفرت عن مجموعة أدوات رأسمالية أوسع وأرخص من أي وقت مضى، مؤكداً أن الفرص المتاحة للمستثمرين داخل المنطقة وخارجها هائلة، وأن مشاريع البنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستعد لتكون قصة النجاح الكبرى المقبلة في التمويل الدولي.
تدفق الأموال نحو قطاع المياه
وبيّن التقرير أن قطاع المياه يعد مثالاً واضحاً على الإمكانات، التي تتيحها إعادة هندسة التمويل. فالمنطقة، التي لا تتمتع بوفرة في مصادر المياه العذبة الطبيعية، تشهد زخماً في مشاريع تحلية المياه ونقلها وتخزينها الإستراتيجي، ومعظمها ينفذ عبر نموذج الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأشار إلى أن هذا القطاع يشكل الآن الحصة الأكبر في سوق مشاريع الكهرباء والمياه في السعودية، التي تبلغ قيمتها 387 مليار دولار، بما في ذلك 137.5 مليار دولار قيد التنفيذ و249.5 مليار دولار في مراحل التصميم والمناقصات (وتشمل 184.6 مليار دولار من مشروعات الطاقة والمياه المطروحة).
وأضاف التقرير أن عقود المياه والطاقة شهدت قفزة في 2024، إذ تجاوزت قيمتها 68 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف إجمالي 2023. وكشف أن بيانات السنوات العشر الماضية تظهر أن خطوط أنابيب المياه استحوذت على 27.6 مليار دولار، ومحطات التحلية على 14.8 مليار دولار، ومحطات المعالجة على 11.1 مليار دولار، وهو ما يثبت أن العديد من المستثمرين قد استوعبوا بالفعل العوائد المحتملة، ويتحركون لاقتناص المزيد منها.
خلفية اقتصادية داعمة
وأوضحت «ميد» أن التوسّع في الشراكات بين القطاعين، والالتزامات بالوصول إلى الحياد الصفري، والأهداف القياسية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة تعد من بين أبرز أربعة محركات لسوق المشاريع في الخليج.
ولفت التقرير إلى أن الخلفية الاقتصادية الكلية في السعودية تعزز هذا التوجه، إذ تشير تقديرات «غلوبل داتا» إلى أن قطاع إنشاءات الطاقة والمرافق سينمو بمعدل سنوي يبلغ %5.8 بين 2025 و2028، مدفوعاً بالطاقة المتجددة والبنية التحتية للمياه.
فرص لا يمكن تجاهلها
اختتم التقرير بالقول إن ارتفاع أسعار الفائدة قد جعل تمويل البنية التحتية تحدياً على مستوى العالم، إلا أن الخليج - والسعودية على وجه الخصوص - يضع قواعده الخاصة. فمن خلال وضع إستراتيجيات تمويل مبتكرة في قلب العملية الاستثمارية لتسهيل الطريق أمام المستثمرين، تمكنت شركات وطنية بالفعل من تحرير مليارات الدولارات من السيولة لدعم سوق المياه المزدهر. وبالنسبة للمستثمرين العالميين الباحثين عن الحجم الكبير والتدفقات النقدية المستقرة، فإن هذه فرصة لا يمكن تجاهلها.