ديمة اليحيى لـ القبس: الكويت شريك فاعل في صياغة منظومة الثقة الرقمية العالمية
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
إدانة خليجية لدعوات الاحتلال ضم الضفة الغربيةوجدي عساف -
أكدت الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، ديمة يحيى اليحيى، أن الكويت ليست فقط متلقية للتحول الرقمي بل شريك فاعل في صياغة معاييره العالمية، مشيدة بدور البلاد في التصدي للمعلومات المضللة، وبناء أساس جديد للثقة الرقمية يصون حرية التعبير دون أن يسمح بتقويض الحقيقة. وقالت اليحيى في لقاء خاص مع القبس، ان منظمة التعاون الرقمي تعمل مع شركائها في الكويت لتعزيز الاستثمار الرقمي وتسريع الابتكار المحلي ضمن جهودها لتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات في الاقتصاد الرقمي واستكشاف فرص التعاون وتعزيز الاستثمارات في الشركات الرقمية الناشئة في الكويت والدول الأعضاء.
وأشارت الى أن الفجوة الرقمية لم تعد قضية تقنية فقط، بل تهديد اقتصادي وإنساني مباشر، إذ لا يزال2.7 مليار إنسان غير متصلين بالإنترنت، كما ان تحقيق الاتصال العالمي سيتطلب 446 مليار دولار بحلول 2030، لكنه سيحقق عوائد تصل إلى8.7 تريليونات دولار. وأضافت اليحيى: نحن في منظمة التعاون الرقمي نعمل مع الدول الأعضاء لإزالة الحواجز التنظيمية وجذب الاستثمارات الرقمية، مؤكدة في الوقت نفسه دعم المنظمة لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي صغيرة وقابلة للتكيّف وفق الاحتياجات المحلية.. وفي ما يلي المزيد من التفاصيل:
ما أبرز التوجهات الرقمية التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي في عام 2025؟ وكيف تدعمون الدول الأعضاء للاستفادة منها؟
- أول ما يجب إدراكه هو أن الفجوة الرقمية لم تعد قضية تقنية فقط، بل تهديد اقتصادي وإنساني مباشر. لا يزال 2.7 مليار إنسان غير متصلين بالإنترنت، ما يعني أن ربع سكان العالم محرومون من أبسط متطلبات العصر الرقمي. وفي تقرير منظمة التعاون الرقمي «اتجاهات الاقتصاد الرقمي 2025»، حددنا ثلاثة توجهات رئيسية:
1. توسيع الاتصال بالإنترنت: تحقيق الاتصال العالمي سيتطلب 446 مليار دولار بحلول 2030، لكنه سيحقق عوائد تصل إلى8.7 تريليونات دولار. ونحن نعمل مع الدول الأعضاء لإزالة الحواجز التنظيمية وجذب الاستثمارات، خصوصًا في المناطق الريفية.
2. الذكاء الاصطناعي المتخصص والمحلي: رغم أن الاستثمار العالمي في الذكاء الاصطناعي تجاوز 300 مليار دولار سنوياً، فإن أقل من %30 من الدول النامية لديها استراتيجيات وطنية. هذه الفجوة قد تجعل الكثير من الدول مستهلكة لتقنيات لا تعكس احتياجاتها. لذا نسعى في منظمة التعاون الرقمي لدعم تطوير نماذج ذكاء اصطناعي صغيرة، مفتوحة، وقابلة للتكيّف وفق الاحتياجات المحلية.
3. المهارات الرقمية والتعلم المستمر: مع توقع أن تتأثر %40 من الوظائف في سوق العمل العالمي بالذكاء الاصطناعي، فإن تأهيل القوى العاملة أولوية، ونعمل على إدماج المهارات الرقمية في المناهج، وبناء شراكات مع شركات التقنية لتوفير التدريب، في دولنا الأعضاء.
أبرز المخاطر
ما أبرز المخاطر التي قد تُهدد عدالة واستدامة التحول الرقمي؟
- رغم تسارع عملية التحول الرقمي حول العالم، هناك ثلاث فجوات رئيسية:
1. التوزيع غير العادل للعوائد الرقمية: نحو %90 من استثمارات الذكاء الاصطناعي تتركز في أقل من عشر دول، ما يُعمق التفاوت بين اقتصادات الشمال والجنوب. ودون إعادة توجيه الاستثمار، سيكون الابتكار حكراً على القلة، وسيستمر النمط الاستهلاكي للتقنيات الرقمية في الاقتصادات الناشئة والنامية.
2. ضعف المرونة الرقمية: في يوليو 2024، أدى خلل في تحديث CrowdStrike إلى شلل عالمي في الأنظمة، شمل مطارات وبنوك ومستشفيات. كما عانت أوروبا الغربية من انقطاعات كهربائية واسعة. هذه الأحداث تكشف هشاشة البنية التحتية للأنظمة الرقمية. لذلك في منظمة التعاون الرقمي، ندعم قدرات الاستجابة، واختبارات الضغط الرقمي، وبناء احتياطيات تقنية للقطاعات الحيوية، ونعمل على تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء لتعزيز كفاءة الاستجابة للطوارئ الرقمية.
3. غياب الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي: تُصنّف المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي كأكبر تهديد للمجتمع في العامين المقبلين، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، متقدمة على الأمن السيبراني والتغير المناخي.
سيادة رقمية
كيف تدعمون بناء سيادة رقمية حقيقية لدى الدول الأعضاء؟
- نحن نؤمن أن السيادة الرقمية مهمة جدا ويجب أن تبادر الدول بإجراءات لتعزيزها وحمايتها بشكل مستمر وفاعل، ولكن هذا لا يعني الانغلاق، بل القدرة على اتخاذ القرار التقني محلياً وهذا يتحقق عبر:
1. تعزيز البنية التحتية الرقمية والتأكد من سلامة اجراءات استمرارية الأعمال في القطاعات الحيوية.
2. خلق بيئة صحية للابتكار المحلي، وذلك من خلال خلق بيئة داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة الناشئة لخلق حلول تقنية محلية بديلة تقلل من الاعتماد على التقنيات المستوردة. والانتقال من «النماذج العملاقة» للذكاء الاصطناعي إلى نماذج صغيرة (SLMs) تعمل محليًا وبلغات متعددة، وهو ما يتطلب تعزيز الاستثمارات الرقمية. وقد نجحنا مؤخرًا باستقطاب 700 مليون دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة لدعم الشركات التقنية الباكستانية في مسيرتها الابتكارية.
3. الاستثمار في رأس المال البشري: مع نقص 85 مليون وظيفة بحلول 2030 بسبب فجوة المهارات، فإن التدريب المستمر ضرورة تنموية، فرأس المال البشري هو حجر أساس الاقتصاد الرقمي.
ديمة اليحي متحدثة للزميل وجدي عساف
ما معيار نضج الاقتصاد الرقمي (DEN)؟ ولماذا أطلقته المنظمة؟
- معيار نضج الاقتصاد الرقمي هو أول إطار عالمي شامل لقياس تطور الاقتصاد الرقمي بطريقة توازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وتُعطي الأولوية لتجربة الإنسان الرقمية. تم تطوير هذا المعيار وفقاً لأفضل الممارسات الدولية مثل دليل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في بناء المؤشرات المركبة. يقيس DEN نضج الاقتصاد الرقمي في 50 دولة حول العالم من خلال 102 مؤشر، منها 60 مؤشراً ثانوياً من مصادر عالمية موثوقة مثل البنك الدولي والاتحاد الدولي للاتصالات، و42 مؤشراً أولياً تم جمعها ميدانياً عبر استطلاع رأي 27,081 مستخدمًا رقمياً نشطًا في تلك الدول. ويرتكز المعيار على 3 أبعاد مركزية: التمكين الرقمي، الأنشطة الاقتصادية الرقمية والمجتمع الرقمي.
كيف جاء أداء الكويت في نتائج معيار DEN؟ وما أبرز نقاط التميز والتحدي؟
- الكويت أثبتت أنها ليست فقط متلقية للتحول الرقمي، بل شريك في صياغة معاييره العالمية، هذا نموذج تستلهمه بقية الدول. أداء الكويت طموح والنتائج إيجابية في محاور عدة ضمن معيار نضج الاقتصاد الرقمي، مما يعكس التزامها التحول الرقمي.
• الحوكمة الرقمية والبنية التشريعية: سجلت الكويت أداءً ضمن أعلى الدول في هذا المحور، بفضل مبادرات مثل تطبيق «سهل» ومنصة الهوية الرقمية، التي ساهمت في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وسهولة الوصول إليها.
• الصحة والتعليم الرقمي: أظهرت الكويت تطورًا ملحوظًا في تبني الحلول الرقمية في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم، مع تزايد استخدام المنصات الإلكترونية بشكل ممنهج.
• المهارات الرقمية والتدريب المهني: الكويت من أوليات الدول التي أطلقت برامج لتأهيل الشباب والموظفين الحكوميين للمهارات المستقبلية، مما عزز جهوزية سوق العمل الوطني.
• تنظيم الاقتصاد الرقمي: حصلت الكويت على درجات مرتفعة في هذا المؤشر، نتيجة تحسين الإطار التنظيمي للسوق الرقمي والخدمات المالية الإلكترونية، والتقدم في مجال الشمول المالي.
أما أبرز التحديات فهي:
• الابتكار وريادة الأعمال الرقمية: رغم التقدم، لا تزال الكويت في مرحلة «الناشئ» في هذا المحور، وهناك حاجة لتعزيز منظومة الابتكار وتحفيز الشركات الناشئة الرقمية من خلال تمويل مخصص وحاضنات أعمال.
• تحول الصناعات التقليدية رقمياً: على الرغم من توافر البنية الرقمية، فإن وتيرة التحول الرقمي في بعض القطاعات الإنتاجية لا تزال دون المستوى المطلوب.
نعمل حاليًا مع الشركاء في دولة الكويت لتطوير خريطة طريق وطنية تستند إلى هذه النتائج، بهدف تعزيز الاستثمار الرقمي وتسريع الابتكار المحلي.
لماذا أصبحت الدبلوماسية التقنية ضرورة في العصر الرقمي؟
- في ظل تشتت وتضارب السياسات الرقمية عالمياً، ازدادت الحواجز التقنية بنسبة %25 خلال العقد الماضي، وهو ما أدى إلى تعقيد حركة البيانات، وتضارب اللوائح، وارتفاع تكلفة الابتكار. وإذا استمرت السياسات الانعزالية، قد يخسر الاقتصاد العالمي ما يصل إلى %5 من ناتجه المحلي الإجمالي و%8.5 من صادراته. لكن الأمر يتجاوز الأرقام، نحن أمام واقع جديد تُستخدم فيه التقنيات ليس فقط لأغراض اقتصادية، بل كأدوات للنفوذ الجيوسياسي، مما يُهدد توازن القوى الرقمية.
هل تشعرون أن الدول المنخفضة الدخل ممثلة كفاية في الحوار الرقمي العالمي؟
- للأسف، معظم الدول المنخفضة الدخل تُستبعد من صياغة السياسات الرقمية العالمية. رغم أن %70 من القيمة الاقتصادية الجديدة ستولد رقمياً، فإن التمثيل في المنتديات التقنية العالمية لا يعكس ذلك. نحن نعمل على تمكين الدول عبر بناء القدرات التفاوضية، وتشجيع تعيين سفراء تقنيين، وهو توجه بدأته الدنمارك وتبنته أكثر من 20 دولة. الدبلوماسية التقنية ليست ترفًا، بل أداة لتمكين الدول من تشكيل مستقبلها الرقمي. وحينما يُحرم طفل في دولة منخفضة الدخل من الاتصال بالإنترنت، لا يُحرم فقط من معلومة، بل من فرصة حياة.
المعلومات المضللة
المعلومات المضللة باتت تحديًا عالميًا متصاعدًا، كيف تتعامل منظمة التعاون الرقمي مع هذا التهديد؟ وما دور الكويت في ذلك؟
- الثقة الرقمية هي العملة الجديدة للتنمية، والمعلومات المضللة لم تعد مجرد محتوى خاطئ، بل باتت جائحة رقمية صامتة تُهدد استقرار المجتمعات، وتُقوّض الثقة الرقمية، وتُعرقل التنمية. تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من %75 من مستخدمي الإنترنت حول العالم واجهوا أخبارًا زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وأن المحتوى المضلل ينتشر أسرع بعشر مرات من الحقائق على المنصات الاجتماعية.
الكويت تقود 5 برامج
لمكافحة المعلومات الرقمية المضللة
أشادت الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، ديمة اليحيى، بدور دولة الكويت في التصدي للمعلومات الرقمية المضللة عبر قيادتها لـ5 برامج نوعية تشمل:
1. سباق نحو الصفر في المعلومات المضللة (Race to Zero): برنامج طموح لخفض انتشار الأخبار الكاذبة بشكل ممنهج.
2. حملات الوعي ومحو الأمية الرقمية: لتمكين المستخدمين خصوصًا الشباب، من التمييز بين الحقيقة والتلاعب.
3. منتدى المعلومات المضللة وحوارات السياسات: لفتح قنوات تشاركية بين القطاعين العام والخاص.
4. تطوير معايير مشتركة مستندة إلى القيم الثقافية للدول الأعضاء.
5. تعزيز أدوات التحقق من الحقائق باستخدام تقنيات ناشئة.
والكويت بهذا الدور تثبت أنها ليست فقط مستهلكة للتقنية، بل شريك فاعل في صياغة منظومة القيم والثقة الرقمية العالمية. وما نفعله اليوم هو ليس فقط مواجهة التحدي، بل بناء أساس جديد للثقة الرقمية، يصون حرية التعبير دون أن يسمح بتقويض الحقيقة.