اخبار الكويت

جريدة القبس الإلكتروني

سياسة

مستقبل أبنائنا يُصنع من عادات صغيرة

مستقبل أبنائنا يُصنع من عادات صغيرة

klyoum.com

كثير من الآباء يعتقدون أن التربية مشروع ضخم لا يُقاس إلا بالقرارات الكبرى: اختيار المدرسة المناسبة، توفير الدروس الخصوصية، أو الادخار لمستقبل جامعي. لكن الحقيقة أن شخصية الطفل لا تُبنى بهذه اللحظات وحدها، بل بالتفاصيل اليومية الصغيرة، التي نكررها من غير وعي: كلمة تشجيع، ابتسامة في الصباح، عادة ترتيب السرير، أو حتى جلسة قصيرة لقراءة قصة قبل النوم.

التربية في جوهرها ليست مواقف استثنائية، بل تراكم التفاصيل. فالطفل الذي يعتاد الالتزام بموعد نوم ثابت، يتعلم معنى الانضباط، والذي يشارك والديه في وجبة عائلية منتظمة، يتعلم قيمة التواصل، والذي يسمع من أبيه أو أمه كلمة «أحسنت» بعد إنجاز بسيط، يكتسب ثقة تجعله قادرًا على مواجهة التحديات لاحقًا.

المشكلة أن كثيرًا من الأُسر تنشغل عن هذه التفاصيل، بحجة ضيق الوقت أو الانشغال بالعمل. فنحن نؤجل الحديث مع أبنائنا لأننا مرهقون، أو نتركهم أمام الأجهزة ساعات طويلة لنهتم بمهامنا، ثم نتساءل لاحقًا: لماذا أصبحوا عنيدين أو فاقدي التركيز؟

إن التربية الحقيقية ليست حدثاً موسمياً مع بداية المدرسة أو في فترة الامتحانات، بل أسلوب حياة يُمارس يومياً. ولعل أجمل ما في التفاصيل الصغيرة أنها متاحة للجميع، لا تحتاج إلى مال أو رفاهية، بل إلى حضور قلب وصدق اهتمام.

وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال، الذين يعيشون في بيئة أسرية تهتم بالعادات الصغيرة ـ كالحوار، والروتين الصحي، والقدوة السلوكية ـ يصبحون أكثر استقراراً نفسياً، وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات صائبة في المستقبل.

هنا يبرز دور المستشار التربوي، الذي يُذكّر الأُسر بهذه المعاني، ويُرشدهم إلى كيفية تحويل التفاصيل اليومية إلى منهج تربوي، فهو يساعد الأبوين على اكتشاف نقاط القوة في سلوكيات أبنائهم، وتصحيح العادات السلبية تدريجياً دون صدام، ليصبح البيت بيئة مشجعة على النمو.

إن مستقبل أبنائنا لا يتشكل فجأة في قاعة الامتحان، ولا يُختصر في شهادة تخرّج، بل يُبنى يوماً بعد يوم، بتفاصيل قد نعتبرها بسيطة، لكنها تترك أثراً عميقاً. ومن وعى هذه المسؤولية، أدرك أن كل كلمة وكل عادة تُسهم في صناعة جيل متوازن قادر على مواجهة الحياة.

ندى مهلهل المضف 

*المصدر: جريدة القبس الإلكتروني | alqabas.com
اخبار الكويت على مدار الساعة