السفير البولندي لـ القبس: موت أطفال غزة جوعاً.. يُدمي ضمير الإنسانية

مي السكري - 

قال سفير بولندا لدى البلاد، ميهاو هوليفا: إن الكويت تعد شريكاً دائماً ومستقراً وموثوقاً لبولندا، كما أنها تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط، مشيراً إلى ثقة المجتمع الدولي الكبيرة بالكويت نتيجة التزامها الطويل بحل النزاعات عبر الدبلوماسية.

وأشاد هوليفا، لـ القبس، بمرونة الدبلوماسية الكويتية في التعامل مع القضايا المعقدة وقدرتها على توحيد مجلس التعاون حول رسالة موحدة، كما حدث خلال زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى سوريا في ديسمبر 2024، مشيراً إلى أن الكويت معروفة أيضاً بدورها مزوداً سخياً للمساعدات الإنسانية في المنطقة وحول العالم، ما يعزز مكانتها شريكاً دولياً مهماً.

وجدد الإشادة بالدور المحوري للكويت في تخفيف معاناة الشعوب، وشراكتها في تعزيز الاستقرار.

وأشار هوليفا إلى أن الكويت تُعد من أكبر مصدري النفط في العالم، وظلت شريكاً مستقراً في سوق الطاقة العالمي، بما في ذلك لشركاء بولنديين، رغم التقلبات التي شهدتها الأسواق بسبب جائحة كوفيد 19 والعقوبات الدولية على بعض منتجي النفط.

وذكر أن الصداقة بين بولندا والكويت تقوم على قيم مشتركة وطموح مشترك نحو مستقبل أكثر سلاماً، مع التزام الطرفين القانون الدولي كأداة لحل النزاعات في المنطقة، لافتاً إلى أن البلدين يؤمنان بمبادئ تقرير مصير الشعوب، وحصانة الحدود، وحق الدول في تحديد تحالفاتها ومستقبلها السياسي.

مشاورات سياسية

وأكد أن العلاقات الثنائية تشهد نمواً مستمراً، حيث أجريت مشاورات سياسية على مستوى نواب وزراء الخارجية في يناير الماضي، تلتها لقاءات رفيعة المستوى بين رئيس وزراء الكويت ورئيس بولندا، كاشفاً عن أن المشاورات المقبلة ستُعقد في وارسو وسيتم تحديد موعدها لاحقا، مع طموح لعقدها بشكل سنوي أو نصف سنوي.

وأضاف أن هناك تقدماً في التعاون الثنائي بين البلدين، مشيراً إلى بدء برنامج تدريبي جديد للضباط الكويتيين الشباب في الأكاديمية البحرية البولندية بمدينة جدينيا، حيث يتم تدريب أكثر من 20 ضابطاً كويتياً هذا العام، متوقعاً وصول وفد رفيع المستوى من الكويت إلى مدينة كيلتسي في جنوبي بولندا بداية الشهر المقبل للمشاركة في معرض صناعة الدفاع الدولي، وهو من أكبر المعارض الدفاعية والعسكرية في بولندا.

وأشار إلى دعم بولندا للجهود الرامية إلى ضمان سلامة الملاحة في المنطقة الممتدة من الخليج إلى البحر الأحمر، معتبراً أن استقرار هذه المياه يعزز أمن الطاقة للاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على الهيدروكربونات من الخليج بشكل كبير.

وكشف عن تنسيق مكثف بين رئاستي بولندا والكويت للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي خلال النصف الأول من 2025، وهو ما يحدث كل أكثر من 13 سنة، حيث أُجريت مشاورات سياسية عدة رفيعة المستوى سمحت بتبادل وجهات النظر حول القضايا المشتركة.

وأشاد بزيادة أعداد السياح الكويتيين إلى بولندا، خاصة مع إطلاق شركة طيران الجزيرة رحلات مباشرة موسمية إلى كراكوف، حيث زار بولندا عام 2024 حوالي 5500 سائح كويتي، مع توقع ارتفاع هذا الرقم في 2025 بفضل زيادة الرحلات الأسبوعية.

وأكد أن بولندا بلد آمن ويرحّب بالكويتيين، ويوفر لهم احتياجاتهم بما في ذلك المتطلبات الغذائية، مشيراً إلى ترويج السفارة للسياحة عبر ورش عمل ناجحة بالتعاون مع وزارة الإعلام الكويتية.

أوضاع غزة

وفيما يتعلق بموقف بولندا من الأحداث في غزة، قال السفير: إن بولندا اعترفت بتطلعات الشعب الفلسطيني للدولة المستقلة منذ عام 1988، ولديها سفارة فلسطينية في وارسو.

واضاف: «حظيت بفرصة نادرة لزيارة غزة مرات عدة، كان آخرها قبل عشر سنوات، وكان الوضع صعباً، آنذاك، لكن بحر الركام والأنقاض الذي تحولت إليه غزة أخيراً يفوق الوصف، وعندما أرى أطفال غزة يعانون من الجوع، فهذا يعني لي، كإنسان وأب ودبلوماسي، أن شيئاً ما قد سار بشكل خطأ للغاية»، لافتا إلى ان بلاده تحاول التخفيف من الوضع الإنساني الكارثي في غزة، مشدداً على أن موت أطفال غزة جوعاً يدمي ضمير الإنسانية وصرخة إنسانية يجب أن يسمعها العالم.

وشدد على دعمه الجهود الإنسانية في غزة، مشيراً إلى أن بلاده قدمت مساعدات تجاوزت 4 ملايين دينار كويتي خلال العامين الماضيين، فضلاً عن سعي بلاده إنهاء الحرب والحفاظ على خيار حل الدولتين.

وبخصوص التطورات في سوريا، أكد هوليفا وقوف بولندا إلى جانب الشعب السوري ودعم الانتقال السلمي للبلاد، مع استعداد للمشاركة في جهود إعادة الإعمار التي قد تتطلب جهوداً طويلة الأمد والاستدامة، مضيفاً: «الطموح في بولندا وأماكن أخرى هو تسهيل الانتعاش الاقتصادي لسوريا، ولهذا الهدف، دعمت بولندا قرار مجلس الاتحاد الأوروبي في يونيو رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وهذه الخطوة دعا لها مجلس التعاون الخليجي ورحّبوا بها».

وأضاف: كانت بولندا حاضرة في سوريا كمزود للمساعدات الإنسانية منذ بداية الحرب، بشكل ثنائي ومتعدد الأطراف، وما زلنا نساعد المدنيين السوريين، وفي هذا الشهر فقط، خصصت وزارة الخارجية البولندية ما يقارب مليون دينار كويتي لصندوق خاص يمكن من خلاله للمنظمات البولندية غير الحكومية التقدم لتمويل مشاريع إنسانية في سوريا ولبنان وفلسطين.

التبادل التجاري

وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين بولندا والكويت، تجاوز حجم التبادل 400 مليون دولار أمريكي خلال 2024، مع استيراد بولندا أكثر مما تصدره إلى الكويت. وذكر وجود جهود لتكثيف التعاون في مجال التكنولوجيا المالية وغيرها من الحلول التقنية.

كما تحدث عن الاستثمارات الكويتية النشطة في بولندا، خاصة عبر الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، مشيراً إلى فتح جميع القطاعات تقريباً لمزيد من الاستثمارات الكويتية، مع توصية بقطاعات الأغذية الزراعية، الطاقة المتجددة، حماية البيئة، البنية التحتية، وإدارة المياه.

وأشار إلى وجود علامات تجارية بولندية في الكويت في مجالات مثل مستحضرات التجميل والموضة، لكنه أكد وجود إمكانات أكبر لتوسيع التعاون، ولا سيما في قطاعات الأثاث، الأجهزة الطبية، البناء، وحتى الشوكولاتة.

وأوضح أن جميع قطاعات السوق البولندية مفتوحة للتعاون الأجنبي، مع فرص استثمارية جذابة في الخدمات، التصنيع، الغذاء والزراعة، والصناعات التقنية المتقدمة. كما أشاد ببرنامج المناطق الاستثمارية البولندية الذي يقدم إعفاءات ضريبية للمستثمرين الأجانب، مؤكداً استعداد السفارة لتقديم الدعم والمعلومات للشركاء الكويتيين. 

أبرز ركائز العلاقات

• تعزيز التعاون الدبلوماسي

• مشاورات سياسية في عدد من القضايا

• التعاون التجاري والاستثماري

• التنسيق في العمل الإنساني  

 تعزيز الاستقرار والأمن في الخليج

أكد سفير بولندا أن سجل بلاده عريق في تعزيز الاستقرار والأمن في الخليج، مشيراً إلى مشاركتها في تحرير الكويت عام 1991، ووحدة عسكرية متمركزة في الكويت بين 2016 و2018، ودعمها عمليات أمنية بحرية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر والخليج لضمان حرية الملاحة وحماية الأمن البحري.

 تعاون تعليمي

أشار هوليفا إلى حوالي 100 طالب كويتي يدرسون في المؤسسات التعليمية البولندية، مع برامج منح دراسية متنوعة تقدمها الوكالة الوطنية البولندية للتبادل الأكاديمي، خاصة برامج لدراسة اللغة والثقافة البولندية.

 الكويت تحتضن أول سفارة بولندية في الخليج

قال هوليفا إن الكويت تحتضن أول سفارة بولندية في دول مجلس التعاون الخليجي، وستحتفل بولندا في العام المقبل بالذكرى الخامسة والثلاثين لوجودها الدبلوماسي الدائم في الكويت، وهو ما يعكس عمق العلاقات الثنائية بين البلدين.

اخبار الكويت على مدار الساعة