Bugonia.. كوميديا سوداء تسخر من نظريات المؤامرة
klyoum.com
لطالما كانت نظريات المؤامرة محل جدل كبير في شبكة الإنترنت، فهناك من ينغمس بشدة في هذه النظريات لتسيطر على نظرته الشاملة لكل حدث بسيط أو كبير في العالم؛ فكل الحروب مفتعلة، وكل الأمراض مفتعلة، وهناك من يسعى للسيطرة على الناس عبر الحروب والأمراض والوظائف، فهي أشبه بحالة إدمان تفسيرية للأشياء.
وهذا هو محور فيلم الكوميديا السوداء Bugonia من إخراج المخرج اليوناني يورجوس لانثيموس، أحد المخرجين الذين تخصصوا في أفلام الكوميديا السوداء، أخيراً، وترشح لخمس جوائز أوسكار بسبب أفلامه الأخيرة، من بطولة إيما ستون، حيث يعتبر هذا ثالث تعاون بين المخرج اليوناني وإيما ستون بعد فيلمي Poor Things وKinds of Kindness.
الفيلم مقتبس من فيلم كوري جنوبي، كتبه وأخرجه يانغ وون هوان بعنوان Save the Green Planet! ولم يلقَ نجاحا مالياً كبيراً في وقته، إلا أنه حاز إعجاب النقاد والجماهير في شبكة الإنترنت بشكل واسع في السنوات التالية، لتأتي شركة الإنتاج الكورية CJ Entertainment المالكة لحقوق الفيلم وتتعاون مع استديوهات Focus Features لإعادة إنتاج الفيلم باللغة الإنكليزية.
أحداث الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول تيدي جاتز (يؤدي دوره جيسي بليمنز) وابن عمه دون المعاق ذهنياً، حيث يقنع تيدي ابن عمه بفكره المضطرب والمقتنع بوجود مؤامرة كونية بوجود مخلوقات فضائية تحاول السيطرة على البشر، وتعيش بين البشر متنكرة بهيئة شخصيات سياسية وتجارية نافذة في المجتمع، وعليهما أن يوقفا هذا الزحف الفضائي من القضاء على البشرية.
ويقع اختيار تيدي ودون على ميشيل فولر (تؤدي دورها إيما ستون)، المديرة التنفيذية لشركة الأدوية الكبيرة أوكسوليث، التي تملك نفوذاً كبيراً في مجال التجارة والسياسة، ولديها شخصية قوية جداً، ويقتنع تيدي بأن فولر كائن فضائي من «الأندروميديين» وعليه هو ودون أن يخطفاها ويستجوباها.
اضطرابات نفسية
تكشف حالة الاختطاف هذه مساوئ كبيرة في عقل تيدي، واضطرابات نفسية حادة جداً جعلته ميالاً للعنف، ويحاول صنّاع الفيلم إسقاط لمحات عن الفكر المؤامراتي، وأصحاب نظريات المؤامرة بسخرية، فتيدي شخص يدمن قراءة المقالات على الانترنت، ولديه معلومات سطحية عن كل شيء تقريباً، ولكنه في ذات الوقت لا يعرف الأشياء على حقيقتها، بل ينسج الأشياء وفقاً لفسلفة المؤامرة التي تشكلت في ذهنه المضطرب.
وعلى ميشيل فولر، صاحبة الشخصية القوية، أن تحاول إقناع تيدي ودون بأنها ليست فضائية، وأن منطق المؤامرات الذي يحاولان تفسير الأشياء به ليس إلا محض هراء في خيالهما، ولكنها تبدو مهمة صعبة جداً، خصوصاً بسبب ماضي تيدي المؤلم، الذي جعله يأخذ هذا المنحى العنيف.
سيناريو محكم
سيناريو الفيلم محكم، يقدم سخرية مفرطة من نظريات المؤامرة والأرض المسطحة في لمحات سريعة ومحزنة، وغيرها من النظريات المنتشرة على الشبكة، ولكنه في ذات الوقت يقدم سخرية من أولئك الذين يسخرون من هذه النظريات بشكل مفاجئ، فهو سيناريو محكم، في قالب قصة غريبة، وكوميدية، وحزينة في ذات الوقت.
إيرادات ضعيفة
لم يحصل الفيلم على إيرادات عالية، فقد حصل على 12 مليون دولار رغم عرضه للأسبوع الثاني عالمياً، وتقدر ميزانية الفيلم بـ45 مليون دولار وفقاً لتقديرات موقع Deadline.
إلا أنه ورغم الإيرادات الضعيفة، حصل الفيلم على إشادات واسعة من النقاد، والصحف العالمية، وتقييمات عالية جداً من مواقع الأفلام IMDb
و Rotten Tomatoes وغيرهما، وأبرز الإشادات كانت من نصيب نجمي الفيلم إيما ستون، وجيسي بليمنز، وعلى ما يبدو سيكون أحدهما مرشحاً في جوائز الأوسكار القادمة، نظراً لكم الثناء الذي حصلا عليه بسبب الفيلم.
آراء الصحف
أشادت صحيفة نيويورك تايمز بأداء نجمي الفيلم إيما ستون، وجيسي بليمنز، وشبهت الفيلم بأفلام المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، ولكنه أكثر جنوناً، وفي الوقت ذاته رأت أنه ليس أفضل أفلام المخرج اليوناني يورجوس لانثيموس.
وشاركتها مجلة هوليوود ريبورتر الرأي بكون هذا العمل ليس أفضل أعمال المخرج اليوناني يورجوس، إلا أنها أثنت على ما أسمته «التصوير السينمائي المذهل»، وكذلك طريقة عرض الألوان «المذهل والثري»، فهو فيلم حصل على الامتياز من ناحية الألوان والتصوير السينمائي، وأضافت أن أداء إيما ستون، وبليمنز كان متناسقاً لدرجة أن الواحد منهما يرفع الآخر بأدائه، واستطاعا أن يتفاعلا مع المخرج في طريقة عرض الفيلم.
ومن جانبها أكدت مجلة فاريتي على أن الفيلم يحمل تجربة «جذابة ومذهلة»، ويكشف عن سيناريو بارع للغاية، وأضافت أن أداء إيما ستون القاسي والمغاير لأدوارها السابق «رائعاً»، ولكنها أكدت أن «الأداء الأكثر استثنائية للفيلم» كان من نصيب جيسي بليمنز.
تقنية قديمة
جدير بالذكر، أن المخرج اليوناني استخدم تقنية VistaVision في تصوير الفيلم، وهي تقنية مهجورة من اكتشاف أستوديوهات باراماونت في خمسينيات القرن الماضي، واستخدمها المخرج في فيلمه السابق Poor Things، واستخدمت، أخيراً، في فيلمين ناجحين هما The Brutalist و Battle After Another، وتميل التقنية لإظهار دقة أكثر في الألوان.
واستطاع المخرج أن يقدم عملاً رائعاً، حيث وصفته صحيفة التليغراف البريطانية بأنه تحفة فنية عميقة ليس عن «المخلوقات الفضائية الغريبة»، بل عن «الغرابة»، والاضطراب النفسي، والشركات الرأسمالية، وتأثير العلاقات الاجتماعية على نظرتنا للعالم، وربما تكون نهاية الفيلم هي الأكثر غرابة، فهي تسخر من الفيلم نفسه، ومن سيناريو الفيلم ذاته، وهنا تكمن المفاجأة الغريبة.