تساؤلات حول تأخره وسط حاجة ملحّة.. أين وصل مشروع مترو الكويت؟
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
مونديال الناشئين .. أزرق اليد يخسر من نظيره السويدي 22-39طه العاني - الخليج أونلاين
أين وصل مشروع مترو الكويت؟
لا يزال المشروع عالقاً في مرحلة الدراسات والتخطيط منذ أكثر من 20 عاماً.
ما أبرز أسباب التأخير؟
رغم مرور ما يقارب العقدين من الزمن، لا يزال مشروع مترو الكويت حبيس الدراسات والاجتماعات واللجان دون أي تقدم فعلي يُذكر، في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمة المرورية وتتزايد الحاجة إلى حلول جذرية.
فالمشروع الذي كان من المفترض أن يُطلق بحلول عام 2020، لا يزال عالقاً في المراحل الأولية من التخطيط، وسط سلسلة طويلة من القرارات المتباينة والتبعيات المتغيرة والتأجيلات المتكررة.
مترو معطّل
عاد مشروع مترو الكويت إلى الواجهة مجدداً، لكن هذه المرة وسط غموض رسمي حول مصيره بين الإلغاء أو الإبقاء، في وقتٍ تتصاعد فيه دعوات الاستعجال بالتنفيذ لمواجهة أزمة مرورية خانقة وواقع عمراني متسارع النمو.
وذكرت صحيفة "القبس" الكويتية، في 23 يونيو 2025، أن عضو المجلس البلدي، حسن كمال، وجّه نداءً صريحاً إلى وزيرة الأشغال العامة نورة المشعان، بضرورة الإسراع في تنفيذ مشروع مترو الكويت، إلى جانب مشروعات النقل الجماعي المرتبطة به.
ويوضح كمال أن المشكلة المرورية المتفاقمة لم تعد تحتمل التأجيل، لا سيما مع الزيادة السكانية، وتوسع المدن الإسكانية، وارتفاع أعداد المركبات، ما يتطلب حلولاً جذرية تخفف العبء على شبكة الطرق الحالية، وتدعم النمو الحضري المستدام.
وأضاف أن العمل على تخصيص واعتماد مسار المترو بدأ فعلياً منذ عام 2011 كموافقة مبدئية من وزارة المواصلات على المخطط الهيكلي للنقل الجماعي في البلاد، قبل أن ينتقل المشروع إلى الهيئة العامة للطرق والنقل البري في عام 2014.
وخلال السنوات التالية، رفض عدد من المقترحات والمشاريع بسبب تعارضها مع المسار المبدئي المحدد مسبقاً، ما يؤكد أن المشروع كان حاضراً على مستوى التخطيط لكنه غائب عن التنفيذ.
وأكد كمال أن مشروع المترو لا يعد ترفاً، بل ضرورة لتأمين ربط فعّال بين المناطق القائمة والمدن المستقبلية، خاصة في ظل توقعات المخطط الهيكلي الرابع بأن يبلغ عدد سكان الكويت أكثر من 7 ملايين نسمة بحلول عام 2040.
ودعا إلى تبني خطة واضحة بمواعيد زمنية وميزانية محددة لتنفيذ المشروع، وتضمينه ضمن برنامج العمل الحكومي القادم.
وبدورها وجّهت المدير العام لبلدية الكويت بالتكليف منال العصفور، في 24 يونيو الماضي، خطاباً رسمياً إلى الهيئة العامة للطرق والنقل البري، تطلب فيه توضيح موقف الهيئة بشأن ما إذا كان مشروع مترو الكويت قد أُلغي فعلياً أم لا.
استندت العصفور في خطابها إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 سبتمبر 2022، الذي نص أولاً على "إحاطة المجلس علماً" بقرار اللجنة العليا لهيئة مشروعات الشراكة بإلغاء مشروع "أنظمة النقل السريع - مترو الكويت"، وثانياً على "إلغاء كل القرارات الصادرة من مجلس الوزراء المتعلقة بالمشروع نفسه".
وتضيف أن شركة المشروعات السياحية تقدمت بطلب لإعادة تثبيت وتسليم حدود موقع "التل السياحي" (شوبيز سابقاً)، ما يعكس احتمال تصادم مشاريع تطويرية أخرى مع مسار المشروع الملغى.
ودعت البلدية إلى الإفادة الرسمية بشأن ما إذا كانت الهيئة ستُبقي المشروع قائماً إلى حين تكليفها بإعادة إطلاقه، أم أن القرار بالإلغاء أصبح نهائياً، مطالبة بإيضاحات حول تفعيل قطاع النقل في الهيئة لإعداد الدراسات النهائية في حال استمراره، بناءً على كتاب الهيئة المؤرخ في 30 يوليو 2024.
بيروقراطية مزمنة
وبقي مشروع مترو الكويت حبيساً لدوامة البيروقراطية والإجراءات المتشابكة، منذ أول إعلان رسمي عنه عام 2004، حين أبدت وزارة التجارة والصناعة استعداد القطاع الخاص لتأسيس شركة للسكك الحديدية، حيث دخل المشروع في سلسلة طويلة من المراسلات، والقرارات، والدراسات، دون أن يترجم ذلك إلى خطوات عملية.
ونوّهت صحيفة "الجريدة" الكويتية، في تقرير نشرته في 25 يونيو 2025، إلى شركة مساهمة محلية لتسيير القطارات تأسست بقرار من مجلس الوزراء، ثم بدأت مراحل إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، والتي أوكلت لاحقاً إلى شركة استشارية بتمويل من وزارة المالية.
وفي عام 2005، رُبط مشروع المترو بمشروع السكك الحديدية، ما زاد من تعقيد الدراسة، وتسببت تغييرات متكررة في الجهات المسؤولة عن المشروع، بين وزارات وهيئات، في غياب الاستقرار المؤسسي.
بعدها أعيدت المسؤولية لوزارة المواصلات عام 2006، ثم طُرح المشروع عام 2009 بنظام الشراكة مع القطاع الخاص، لتبدأ جولة جديدة من الدراسات.
المشروع.. فرصة
وتؤكد الكاتبة ليلى القحطاني أن مترو الكويت مشروع حيوي، وأحد أسس تطوير البنية التحتية في البلاد، التي عانت لسنوات طويلة من التعطيل والإهمال، كما أنه يمثل فرصة لتحقيق نقلة نوعية في قطاع النقل.
وتشير في حديثها مع "الخليج أونلاين" إلى أن تأخر المشروع يعود إلى أسباب متعددة، منها الحاجة الماسة لتعديل وإصلاح الطرق، وتضارب المصالح وتعقد الإجراءات بين الهيئات الحكومية.
ولفتت القحطاني إلى أن مشروع المترو قد يواجه تحديات مالية وتكنولوجية جديدة، مبينة أن البديل المتاح أمام الدولة حالياً هو إلزام الشركات بالنقل الجماعي، واستخدام تاكسي بحري لأصحاب المهن في الموانئ.
كما ترى الكاتبة الكويتية أن تعديل ساعات العمل بين مختلف الجهات قد يساهم في تخفيف الازدحام.
وتضيف أن الحكومة تعمل حالياً على توطين فروع للوزارات والهيئات في المدن السكنية البعيدة، بهدف تفادي مشاكل الازدحام.
وأكدت القحطاني أن توجه الحكومة أصبح أكثر جدية، وأن فرق العمل تجتمع أسبوعياً مع شركات عالمية للإسراع في إنجاز عدد من المشاريع التي تحتاج إلى مترو محلي وسكة حديد خليجية مشتركة.
دراسات لا تنتهي
لطالما ارتبطت مشاريع النقل العام الكبرى في الكويت، وعلى رأسها مشروع المترو، بآمال كبيرة تتجاوز مجرد التخفيف من الازدحام المروري، لتلامس قضايا استراتيجية تمسّ التنمية الحضرية، والاستدامة البيئية، ورفاهية السكان، لكنها اصطدمت بدوامة مع الدراسات والإجراءات.
في أكتوبر 2010، وقع عقد مع مستشار عمليات دولي لإجراء دراسة جدوى تفصيلية لمشروع المترو ومشروع السكك الحديدية، على أن يُنفذ وفق قانون الشراكة رقم 7 لسنة 2008.
وأعلن الجهاز الفني المعني، في سبتمبر 2011، أنه بعد الانتهاء من دراسة الجدوى سيجري تأسيس شركة مساهمة عامة في 2013، تمهيداً للتنفيذ وتشغيل المترو بحلول عام 2020.
لكن الأمور لم تسر كما هو مخطط، ففي نوفمبر 2012، عادت وزارة المواصلات للمطالبة باسترجاع المشروع، معللة ذلك باختلاف رؤيتها لطريقة الطرح، ومنذ ذلك التاريخ، بدأت المراسلات المتبادلة بين الوزارة والجهات الأخرى، لتحديد الجهة المعنية بمتابعة التنفيذ، دون حسم حقيقي.
وعُقدت بين عامي 2013 و2016، عدة اجتماعات بين وزارة المالية، وهيئة الشراكة، والمجلس الأعلى للتخطيط، و13 جهة حكومية أخرى، لبحث مسارات المترو، وبدا في حينه أن المشروع على وشك الانطلاق، خصوصاً بعد اعتماد المسارات، وتكليف مستشار عالمي بتحديث الدراسة، وقد تم الانتهاء منها بالفعل في أبريل 2016.
المفاجأة جاءت لاحقاً، بعد أن تبيّن للجنة العليا في هيئة الشراكة، خلال مراجعتها مع مخطط الهيكل الرابع، أن تحديث الدراسة لم يعد مجدياً، لسببين رئيسيين: أولاً، أن تصميم المشروع يستند إلى دراسات مرورية قديمة، وثانياً، أن الأهداف الأصلية لم تعد تتوافق مع الوضع الحضري الراهن، وبالتالي، أوصت اللجنة بإعداد دراسة جديدة من الصفر.