اخبار الكويت

جريدة الأنباء

أقتصاد

حرب إسرائيل وإيران تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي

حرب إسرائيل وإيران تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي

klyoum.com

مع انقضاء الأسبوع الأول من النزاع العسكري بين إسرائيل وإيران، تتصاعد تداعياته على الأسواق المالية والسلعية حول العالم، فقد فرضت الحرب واقعا اقتصاديا جديدا يعكس مدى ترابط الجغرافيا السياسية مع حركة الأسواق، حيث باتت معظم المؤشرات المالية تتحرك وفق إيقاع الأحداث الميدانية والتصريحات السياسية. وفي هذا السياق، يشهد العالم ما يمكن وصفه بـ«اقتصاد الحرب»، الذي أعاد توجيه تدفقات رؤوس الأموال نحو الأصول الدفاعية، وغير من ملامح المشهد الاستثماري عبر ارتفاع الطلب على السلع الإستراتيجية وتضخم تكاليف المخاطر.

الرابحون: قطاعات تستفيد من عدم الاستقرار

الطاقة والموارد الطبيعية

فور اندلاع الصراع، سجلت أسعار النفط ارتفاعات ملحوظة تجاوزت 13% لخام برنت، متخطية حاجز 78 دولارا للبرميل. وبينما هدأت وتيرة الصعود عقب تصريحات أميركية بعدم استعجال الرد على إيران، إلا أن الأسعار بقيت مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل الحرب. هذه الزيادة في الأسعار انعكست مباشرة على أداء أسهم شركات الطاقة العالمية، إذ سجلت شركات مثل «شل» و«بي بي» مكاسب قوية، في حين استفادت شركات آسيوية مثل «ONGC» و«أويل إنديا» من تحسن هوامش التكرير وتوقعات الأرباح الربعية.

كما شهدت أسواق عقود خيارات الشراء تحركات نشطة، إذ تم تداول كميات كبيرة من عقود شراء النفط بتوقعات بتجاوز الأسعار حاجز 100 دولار، ما يعكس مراهنات المستثمرين على امتداد التوترات.

المعادن الثمينة

كالعادة في أوقات الأزمات، اندفع المستثمرون نحو الذهب والفضة والبلاتين كأدوات تحوط. ارتفع الذهب إلى مستويات تاريخية قرب 3457 دولارا للأونصة قبل أن يتراجع مع ثبات السياسة النقدية الأميركية. ورغم هذا التصحيح لاتزال الأسعار ضمن نطاق مرتفع نسبيا، ما يعكس استمرار حالة الحذر في الأسواق.

الصناعات الدفاعية

شركات تصنيع الأسلحة وأنظمة الدفاع استفادت بشكل مباشر من التصعيد، فقد سجلت «لوكهيد مارتن»، و«آر تي إكس»، و«نورثروب غرومان» مكاسب بأكثر من 3%، مع تزايد التوقعات بارتفاع الطلب على الأنظمة الدفاعية، خصوصا في الشرق الأوسط. كما استفادت «جنرال دايناميكس» من الاهتمام المتجدد بقدراتها البحرية والبرية المتقدمة.

قطاع النقل البحري والتأمين

شهدت خطوط الشحن البحرية تقلبات حادة بعد الضربات المتبادلة، وارتفعت أسعار الشحن في المسارات الحيوية بنحو 15%.

كذلك قفزت أسهم شركات ناقلات النفط مثل «فرونتلاين» الأوروبية و«كوسكو» الصينية، مدفوعة بزيادة المخاوف حول أمن الممرات الملاحية الحيوية في المنطقة.

العملات والملاذات النقدية

عززت التوترات الطلب على الدولار الأميركي، الذي ارتفع أمام سلة العملات الرئيسية، كما استفادت عملات الدول المصدرة للطاقة مثل الكرونة النرويجية والدولار الكندي من صعود أسعار النفط. وتزامن هذا مع تثبيت الفيدرالي أسعار الفائدة، ما دعم قوة الدولار في المدى القصير.

الخاسرون: تراجع في الأسواق التقليدية وقطاعات حساسة

أسواق الأسهم الإقليمية والعالمية

شهدت مؤشرات الأسهم تراجعات جماعية، متأثرة بحالة عدم اليقين. في العالم العربي، خسر مؤشر MSCI لدول الخليج مجتمعة نحو 3.7%، مع تراجع حاد في سوق دبي المالي تجاوز 5%. ويعزى هذا الأداء السلبي إلى خروج جماعي لرؤوس الأموال بحثا عن ملاذات آمنة، وغياب الرؤية بشأن مسار التصعيد العسكري.

القطاع المصرفي

البنوك الخليجية والمصرية تعرضت لضغوط كبيرة نتيجة التوترات الإقليمية، فقد تراجعت أسهم البنوك الكبرى في مصر، مثل البنك التجاري الدولي و«إي إف جي هيرمس»، كما هبطت مؤشرات القطاع المالي في البورصات الخليجية نتيجة توقعات بضعف النشاط الاستثماري وارتفاع المخاطر الائتمانية.

الطيران والخدمات الجوية

قطاع الطيران كان من بين الأكثر تضررا، إذ أدى إغلاق الأجواء وتحويل الرحلات، إلى خسائر فادحة لشركات الطيران في المنطقة، مع تعليق الرحلات في عدة دول.

السياحة والسفر

تعطلت حركة السياحة بشكل شبه كامل، خاصة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بعد تحذيرات السفر وقرارات إجلاء الأجانب. وقدر عدد العالقين من السياح بنحو 40 ألف شخص في إسرائيل، مما زاد من الضغوط على قطاع يعاني أساسا من هشاشة في مناطق النزاع.

السلع الاستهلاكية غير الأساسية

في بيئة يغلب عليها الحذر، تراجعت شهية المستثمرين تجاه القطاعات غير الأساسية، حيث خسر مؤشر السلع الاستهلاكية في «إس آند بي 500» قرابة 1%. انعكس ذلك على شركات التجزئة والسلع الفاخرة التي تعتمد على الاستقرار الاقتصادي وثقة المستهلك.

وتكشف الأزمة العسكرية بين إسرائيل وإيران، عن هشاشة البنية الاقتصادية العالمية أمام الأزمات الجيوسياسية، وتؤكد من جديد أن الأسواق لا تتحرك فقط بالمؤشرات الاقتصادية، بل بتقلبات السياسة الدولية. الرابحون في مثل هذه البيئات عادة ما يتمركزون في الصناعات المرتبطة بالأمن والطاقة، في حين تدفع القطاعات الاستهلاكية والمالية الثمن الأكبر.

وفي ظل استمرار التوتر، تبقى الأسواق رهن التطورات اليومية، مع ترجيح أن يمتد التأثير إلى السياسات النقدية والاستثمار المؤسسي واتجاهات المستهلكين في المدى القصير والمتوسط

*المصدر: جريدة الأنباء | alanba.com.kw
اخبار الكويت على مدار الساعة