«الوطني»: البنوك المركزية تواجه مسارات معقدة في ظل اضطرابات اقتصادية وسياسية
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
وزير النفط: 3.2 مليون برميل الطاقة الإنتاجية للكويت والمنطقة المقسومةقال تقرير صادر عن البنك الوطني إن الأسبوع الأخير شهد صدور قرارات نقدية حاسمة للبنوك المركزية، إلى جانب عدد من التطورات السياسية والإعلان عن بيانات اقتصادية رئيسية انعكست على حركة الأسواق.
ففي الولايات المتحدة الأميركية خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 4.00 و4.25%، في أول خطوة تيسيرية لهذا العام بعد 5 اجتماعات متتالية من التثبيت. وجاء القرار بأغلبية 11 مقابل صوت واحد فقط ليعكس قلق صناع السياسة حيال تباطؤ سوق العمل في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، في أعلى مستوى يتم تسجيله في نحو 4 أعوام، وتراجع وتيرة خلق الوظائف إلى ما دون المستوى اللازم للحفاظ على استقرار معدل البطالة.
وأكد رئيس الفيدرالي جيروم باول أن خفض الفائدة يمثل «خطوة لإدارة المخاطر»، مشددا على أن السياسة النقدية ستظل حذرة في ظل استمرار الضغوط التضخمية، إذ استقر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، المقياس المفضل للفيدرالي، عند 2.6% على أساس سنوي في يوليو. وأظهرت التوقعات الاقتصادية المحدثة عبر خارطة نقاط تصويت الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة توجه الأعضاء نحو خفض الفائدة مرتين إضافيتين بمقدار ربع نقطة أساس خلال العام 2025، أي أكثر بمرة واحدة مما كان متوقعا في يونيو، إلى جانب رفع توقعات النمو هامشيا. وجاء رد فعل الأسواق متباينا، إذ ارتفع الدولار الأميركي، وصعدت عائدات سندات الخزانة لأجل عامين بمقدار 5 نقاط أساس إلى 3.55%، فيما ارتفعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 6 نقاط أساس لتسجل 4.09%. وأنهى مؤشر الدولار الأميركي تداولات الأسبوع عند مستوى 97.644.
من جانب آخر، تقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بطلب إلى المحكمة العليا لمنحه صلاحية إقالة ليزا كوك، عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، على خلفية مزاعم متعلقة باتهامها بجريمة احتيال في الرهن العقاري لم تحسم بعد، وذلك بعد صدور حكما صادر عن المحاكم الأدنى يسمح لها بالاستمرار في منصبها. وقد شاركت كوك في اجتماع سبتمبر لمجلس الفيدرالي، حيث أقر صانعو السياسة خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع معارضة صوت واحد فقط. وفيما تؤكد وزارة العدل أن الإقالة يجب أن تكون «لسبب وجيه»، يشير قانون الفيدرالي إلى أن سلطة المحاكم في هذا الشأن تبقى محدودة. وعلى صعيد منفصل، اقترح ترامب تقليص متطلبات الإفصاح عن أرباح الشركات من ربع سنوية إلى نصف سنوية، موجها هيئة الأوراق المالية إلى إعطاء الأولوية لدراسة هذه المبادرة. ومن شأن هذه الخطوة أن تعيد رسم معايير الشفافية في الأسواق الأميركية، وتؤثر على تدفق المعلومات للمستثمرين، فضلا عن انعكاساتها على تركيز الشركات بين الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل وتقلبات الأسواق قصيرة الأمد. وتؤكد هذه التحركات مجتمعة حجم التدخل السياسي المتزايد في الأطر المالية والتنظيمية بالولايات المتحدة.
وتراجعت الطلبات الأولية لإعانات البطالة الأسبوعية بشكل غير متوقع بمقدار 33 ألف لتسجل 231 ألف طلب، بعد الارتفاع الحاد الذي شهدته الأسبوع السابق، وهو ما خفف من توقعات الأسواق بشأن مواصلة خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال العام الحالي. وعلى الرغم من الانخفاض، إلا أن مؤشرات سوق العمل ما زالت تظهر تراجعا نسبيا في توافر العمالة والطلب عليها.
من جهة أخرى، جاءت مبيعات التجزئة لشهر أغسطس أعلى من التوقعات عند +0.6% على أساس شهري، بدعم من زيادة المبيعات باستثناء السيارات بنسبة 0.7%، مع نمو 9 من أصل 13 فئة فرعية، من ضمنها التجارة الإلكترونية والملابس والسلع الرياضية. في المقابل، سجل مؤشر إمباير ستيت الصناعي لولاية نيويورك تراجعا حادا إلى -8.7 مقابل 11.9 في السابق، وبأقل كثيرا من التوقعات البالغة 4.3، في إشارة إلى الانكماش الملحوظ للنشاط الصناعي في المنطقة. ويكشف التباين بين قوة معدلات الاستهلاك وضعف وتيرة التصنيع عن عدم توازن الزخم الاقتصادي، في وقت يترقب فيه المستثمرون تداعيات هذه البيانات على مسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي، وحركة عائدات سندات الخزانة، وأداء الدولار الأميركي، مع ما تحمله من انعكاسات على النمو والتضخم واستقرار سوق العمل.
وفي سياق متصل، خفض بنك كندا سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.5% في سبتمبر، في أول خطوة تيسيريه يتخذها منذ مارس، مشيرا إلى تصاعد ضغوط النمو والتوظيف على خلفية الرسوم الأميركية. وسلط صانعو السياسات الضوء على انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام بنسبة -1.6% على أساس سنوي، مدفوعا بتراجع الصادرات وضعف الاستثمار التجاري، إلى جانب فقد أكثر من 106 آلاف وظيفة في يوليو وأغسطس.
كما أبقى بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 4% بأغلبية سبعة أصوات مقابل صوتين، إذ دعا عضوان إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وظل مؤشر أسعار المستهلكين الكلي عند مستوى 3.8% على أساس سنوي في أغسطس، أي ما يقارب ضعف المستوى المستهدف البالغ 2%. وفي المقابل، تباطأت وتيرة نمو الأجور في القطاع الخاص إلى 4.7%، بينما بلغ نمو الأجور الكلي 4.8% على أساس سنوي، في أدنى مستوى يتم تسجيله في 3 أعوام، إلا أنه ما يزال أعلى من المستويات المتوافقة مع المستوى المستهدف للتضخم.
وأظهرت سوق العمل مؤشرات تدل على التوازن، إذ استقر معدل البطالة عند 4.7%، مع تراجع نمو الرواتب بوتيرة معتدلة. وعلى جانب الطلب، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.5% على أساس شهري في أغسطس، مرتفعا للشهر الثالث على التوالي. وخفض بنك إنجلترا حجم برنامج التشديد الكمي من 100 مليار إلى 70 مليار جنيه إسترليني خلال 12 شهرا، مع تعديل هيكل البرنامج بالابتعاد عن إصدار السندات الحكومية طويلة الأجل لدعم استقرار السوق. وأنهى الجنيه الاسترليني تداولات الأسبوع أمام الدولار الأميركي عند مستوى 1.3471.
واختتمت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة بتأكيد رمزي على الوحدة التي تجمع بين البلدين، وإن كان التقدم الفعلي على صعيد السياسات محدودا. وأشاد رئيس الوزراء كير ستارمر بعمق الشراكة الاستراتيجية، مؤكدا على «العلاقة المتينة» التي تجمع بين الشعبين، فيما ركز الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة. ومن أبرز نتائج الزيارة الإعلان عن تعهدات استثمارية ثنائية بقيمة 250 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 338 مليار دولار)، بمشاركة شركات أميركية كبرى مثل مايكروسوفت، إنفيديا، وبلاكستون، مما يرسخ مكانة البنية التحتية التكنولوجية كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي في المملكة المتحدة. إلا أنه على الرغم الزخم الاستثماري، لم يتم إحراز أي تقدم ملموس على صعيد النزاعات الجمركية المتعلقة بالرسوم الأميركية على صادرات الصلب والويسكي البريطانية، والتي ما زالت تشكل عقبة هيكلية أمام العلاقات التجارية.
وعلى صعيد السياسات الخارجية، برزت تباينات واضحة في مواقف الطرفين بشأن فلسطين وأوكرانيا، وإن اتسمت لغة الخطاب بطابع تصالحي. وبصفة عامة، عززت الزيارة أواصر التعاون عبر الأطلسي، لكنها تركت الملفات التجارية والسياسية الجوهرية دون حلول ملموسة، لتبقى الأنظار موجهة إلى المفاوضات المقبلة.