اخبار الكويت

جريدة الجريدة الكويتية

أقتصاد

دراسة مدى تحمُّل المستثمرين الأفراد للمخاطر الاستثمارية: بين التحليل النظري والتطبيق العملي

دراسة مدى تحمُّل المستثمرين الأفراد للمخاطر الاستثمارية: بين التحليل النظري والتطبيق العملي

klyoum.com

من الركائز الأساسية لنجاح عملية إدارة الثروات للمستثمرين الأفراد، الفهم العميق لظروفهم المالية والنفسية، فإلى جانب تقييم دخل العملاء وصافي قيمة ثرواتهم والعائد الذي يستهدفون تحقيقه، يتعين على مديري الثروات فهم السمات السلوكية والشخصية التي تساهم في التأثير على تفاعل عملائهم مع تقلبات السوق. ويعد «تحليل المخاطر» (Risk Profiling) الأداة المعتمدة على نطاق واسع لتحقيق هذا الهدف، وهي عملية منظمة تهدف إلى التعرف على مقدار المخاطر التي يستطيع المستثمر تحملها، ومدى استعداده النفسي لقبولها ضمن الأفق الاستثماري المحدد.وعادةً ما تتم دراسة المخاطر من خلال استبيان يقدم للعميل، ويختلف هيكله وعمقه من شركة لأخرى في ظل عدم توافر معيار عالمي موحد. ورغم هذا التباين، يتمثل الهدف الجوهري لهذه العملية في تفادي الاستثمارات غير الملائمة، وضمان التوافق بين المحفظة الاستثمارية للمستثمر وأهدافه المالية الطويلة الأجل. وقد برزت أهمية تحديد أنماط العملاء بدقة بشكل لافت بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مما دفع الجهات الرقابية في مختلف انحاء العالم إلى تبني أطر ملاءمة أكثر صرامة، بهدف تعزيز حماية المستثمرين الأفراد.يشكل «بيان سياسة الاستثمار» (Investment Policy Statement - IPS) الركن الأساسي في أي إطار عمل متين لإدارة الثروات، وهو عبارة عن وثيقة تترجم أهداف المستثمر إلى استراتيجية استثمارية قابلة للتنفيذ. ويتضمن هذا البيان عادةً معايير محددة للمحفظة، مثل التوزيع المستهدف للأصول، ومعدل العائد المطلوب، وإرشادات إعادة توازن المحفظة، ومحتوى تقارير الأداء الدورية. كما يراعي عناصر شخصية مرتبطة بالمستثمر، كالأفق الزمني، واحتياجات السيولة، والظروف الخاصة، والأهم من ذلك، درجة تحمله للمخاطر.

بيان إخلاء المسؤولية

من الركائز الأساسية لنجاح عملية إدارة الثروات للمستثمرين الأفراد، الفهم العميق لظروفهم المالية والنفسية، فإلى جانب تقييم دخل العملاء وصافي قيمة ثرواتهم والعائد الذي يستهدفون تحقيقه، يتعين على مديري الثروات فهم السمات السلوكية والشخصية التي تساهم في التأثير على تفاعل عملائهم مع تقلبات السوق. ويعد «تحليل المخاطر» (Risk Profiling) الأداة المعتمدة على نطاق واسع لتحقيق هذا الهدف، وهي عملية منظمة تهدف إلى التعرف على مقدار المخاطر التي يستطيع المستثمر تحملها، ومدى استعداده النفسي لقبولها ضمن الأفق الاستثماري المحدد.

وعادةً ما تتم دراسة المخاطر من خلال استبيان يقدم للعميل، ويختلف هيكله وعمقه من شركة لأخرى في ظل عدم توافر معيار عالمي موحد. ورغم هذا التباين، يتمثل الهدف الجوهري لهذه العملية في تفادي الاستثمارات غير الملائمة، وضمان التوافق بين المحفظة الاستثمارية للمستثمر وأهدافه المالية الطويلة الأجل. وقد برزت أهمية تحديد أنماط العملاء بدقة بشكل لافت بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مما دفع الجهات الرقابية في مختلف انحاء العالم إلى تبني أطر ملاءمة أكثر صرامة، بهدف تعزيز حماية المستثمرين الأفراد.

يشكل «بيان سياسة الاستثمار» (Investment Policy Statement - IPS) الركن الأساسي في أي إطار عمل متين لإدارة الثروات، وهو عبارة عن وثيقة تترجم أهداف المستثمر إلى استراتيجية استثمارية قابلة للتنفيذ. ويتضمن هذا البيان عادةً معايير محددة للمحفظة، مثل التوزيع المستهدف للأصول، ومعدل العائد المطلوب، وإرشادات إعادة توازن المحفظة، ومحتوى تقارير الأداء الدورية. كما يراعي عناصر شخصية مرتبطة بالمستثمر، كالأفق الزمني، واحتياجات السيولة، والظروف الخاصة، والأهم من ذلك، درجة تحمله للمخاطر.

ورغم إمكانية وضع نماذج لتحديد العديد من مكونات بيان سياسة الاستثمار بشكل موضوعي ومباشر، مثل الأفق الزمني أو العوائد المستهدفة، فإن قياس درجة تحمل المخاطر يظل أكثر تعقيداً. فهذه السمة تجمع بين الظروف المالية التي يمكن قياسها والخصائص السلوكية التي يصعب تحديدها بدقة. وتشمل الجوانب الموضوعية عوامل مثل العمر، والدخل، ومستوى الثروة، واحتياجات السيولة، في حين تتصل الأبعاد النوعية بالمواقف والتجارب الشخصية والميول السلوكية، خاصة تحت ضغوط السوق وتقلباته.

ويعتمد مستشار الاستثمار في تقييم هذه السمات على استبيانات منظمة أو أدوات قياس نفسية تهدف إلى الكشف عن الأنماط السلوكية طويلة المدى ومواقف الأفراد تجاه المخاطر. وتساعد هذه الأدوات في فهم الكيفية التي يستجيب بها العملاء لاحتمالات الخسارة، ومدى ثبات توجهاتهم الاستثمارية مع مرور الوقت.

الركائز الرئيسية لتحمل المخاطر

وفقاً للممارسة العملية، يستند تحليل المخاطر إلى فهم 4 مكونات رئيسية، وهي تحديداً: القدرة على تحمل المخاطر، الرغبة في تحمل المخاطرة، إدراك وفهم المخاطر الاستثمارية، وكيفية التصرف في مواجهة المخاطر.

القدرة على تحمل المخاطر: تشير إلى القدرة المالية للمستثمر في مواجهة وامتصاص الخسائر المحتملة دون أن تحدث تأثيراً مادياً يهدد تحقيق أهدافه المالية طويلة الأجل. وترتكز هذه القدرة على عوامل موضوعية يمكن قياسها بدقة، مثل مستوى الثروة، واستقرار مصادر الدخل، وطول الأفق الاستثماري، فكلما زادت الأصول وتوفرت مصادر دخل منتظمة وامتد الأفق الزمني، ارتفعت قدرة المستثمر على تحمل التقلبات والمخاطر المرتبطة بالأسواق.

الرغبة في تحمل المخاطر أو شهية المخاطرة: تعكس الميل النفسي لدى المستثمر لقبول المخاطر والتعامل مع حالات عدم اليقين. وعلى عكس القدرة على تحمل المخاطر، تعد الرغبة في المخاطرة عنصراً يتشكل عبر التجارب الشخصية، والقيم الفردية، والمواقف المتجذرة تجاه الخسارة والمجهول. وغالباً ما تتباين هذه الرغبة بين مستثمرين يمتلكون خلفيات مالية متقاربة، إذ قد تؤثر أحداث الحياة أو الخصائص النفسية على درجة تقبل المخاطر.

إدراك وفهم المخاطر: يرتبط بكيفية فهم المستثمر وتفسيره لطبيعة المخاطر في الأسواق، وهو عنصر شخصي ومتغير باستمرار يتأثر بمزيج من العوامل الداخلية مثل مستوى الثقافة المالية، والعوامل الخارجية كوسائل الإعلام، وتأثير المحيط الاجتماعي، ومعنويات السوق السائدة. ويعد هذا الإدراك عنصراً بالغ الأهمية، إذ قد يؤدي إلى تقييم غير دقيق للمخاطر، كما يحدث في الأسواق الصاعدة لفترة طويلة حين يميل بعض المستثمرين إلى التقليل من شأن المخاطر بدافع التفاؤل المفرط. وعلى النقيض من ذلك، خلال فترات الركود، قد يرتفع الشعور بالمخاطر بشكل غير متناسب مع الواقع، على الرغم من تحسن الفرص الاستثمارية، مما يكشف الطبيعة الدورية والانفعالية لسلوك المستثمرين.

كيفية التصرف في مواجهة المخاطر: تشير إلى مدى استقرار سلوك المستثمر واستجابته لتقلبات السوق بمرور الوقت، وهي مقياس للانضباط العاطفي أكثر من كونها انعكاساً للقدرة المالية أو الاقبال على المخاطر. هذه الركيزة تلقي الضوء على عدد المرات التي يغير فيها المستثمر سلوكه بشكل حاد نتيجة للضغوط السوقية، وتعد مؤشراً جوهرياً على استقراره النفسي خلال الأزمات. فحتى المستثمر الذي يتمتع بقدرة إقبال عالية على المخاطر ورغبة قوية في تحملها، قد يتخذ قرارات متسرعة أو يشعر بالذعر في أوقات الاضطراب. ولذلك، فإن فهم هذا البعد السلوكي يعد من العناصر الجوهرية لتصميم استراتيجية استثمارية واقعية ومستدامة يمكن الالتزام بها في مختلف الظروف السوقية.

الانعكاسات العملية لتقييم تحمل المخاطر على دور مستشاري الاستثمار

يساهم الفهم العميق لهذه الأبعاد الأربعة في تمكين مستشاري الاستثمار من تصميم محافظ استثمارية لا تقتصر على التوافق مع المعايير المالية فحسب، بل تتناغم أيضاً مع التوجهات السلوكية للمستثمر. ومن بين هذه الركائز، يجب استخدام الركيزة الأكثر تقييداً لتحديد مستوى المخاطر الإجمالي. فعلى سبيل المثال، يجب وضع المستثمر الذي يتمتع بقدرة ورغبة عالية على المخاطرة، لكنه يميل إلى التصرف بشكل انفعالي خلال الأزمات، ضمن استراتيجية استثمارية أكثر تحفظاً مما قد توحيه بياناته المالية بمفردها. ويسهم هذا النهج في تقليص تأثير المخاطر العاطفية التي قد تعيق الالتزام بالخطط الاستثمارية طويلة الأجل.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على مستشاري الاستثمار التمييز بين المواقف والانطباعات طويلة المدى والاستجابات العاطفية قصيرة المدى. وينبغي أن تستند المحافظ الاستثمارية إلى مستويات مستقرة وطويلة الأجل لتحمل المخاطر، بينما يجب إدارة التحديات قصيرة الأجل من خلال تعديلات محسوبة بدقة، والتي يمكن أن تتضمن تقليل التعرض للأصول المتقلبة مؤقتاً أو دمج أدوات استثمارية مألوفة توفر الطمأنينة النفسية دون التأثير بشكل جذري على الخطة الاستثمارية.

كذلك يتطلب الحفاظ على الانضباط الاستثماري بذل جهود مستمرة. ويعد تقليل وتيرة مراقبة المحفظة الاستثمارية، ووضع أطر محددة لقياس الأداء في سياق تاريخي، والتركيز على الأهداف طويلة الأجل، من الأدوات السلوكية الفعالة. كما أن الشفافية والتواصل المفتوح مع العملاء يعززان من ثقة المستثمرين، خاصة في أوقات عدم اليقين.

النتائج المستخلصة

لا يقتصر تحديد المخاطر على كونه مجرد مطلب رقابي، بل يعتبر عنصراً أساسياً في إدارة الثروات الشخصية بفعالية. فمن خلال تجاوز المقاييس السطحية والتعمق في فهم كيفية مرور العملاء بتجاربهم واستجاباتهم للمخاطر، يمكن لمستشار الاستثمار تصميم محافظ استثمارية يلتزم بها العملاء طوال دورات السوق المتقلبة. ويتيح الفهم المفصل لمستوى تحمل المخاطر، المرتبط بالأبعاد المالية والعاطفية والسلوكية، تقديم مشورة مستدامة وصحيحة تلبي احتياجات العملاء بشكل دائم.

أبرز النقاط

• تحليل مستوى تحمل المخاطر يمثل عملية منظمة لتقييم قدرة وتوجهات المستثمر الفردي تجاه المخاطر الاستثمارية، ويشكل حجر الزاوية الذي يستند إليه مستشارو الاستثمار عند اقتراح الحلول الاستثمارية المناسبة وكيفية توزيع الاصول.

• يتعين على مستشاري الاستثمار التمييز بين المواقف الطويلة الأجل الثابتة تجاه المخاطر، والانفعالات المؤقتة الناتجة عن تقلبات السوق لضمان تقديم توصيات تستند إلى أسس سليمة تعكس رؤية المستثمر الحقيقية.

• يظل تشجيع منظور طويل الأمد ضرورة ملحة، إذ ينبغي وضع أطر لقياس الأداء الاستثماري في ضوء الاتجاهات التاريخية والأهداف المالية المستقبلية، بما يعزز انضباط المستثمر ويساعده على تجاوز التقلبات القصيرة الأجل.

• لا ينبغي النظر إلى تحليل المخاطر كمتطلب رقابي فحسب، بل كأداة جوهرية لنجاح الاستثمار على المدى الطويل، فكلما تعمق مستشارو الاستثمار في فهم أبعاد تحمّل المخاطر، استطاعوا بناء استراتيجيات مخصصة تنسجم مع الأهداف المالية للمستثمر، وتمنحه شعوراً مستداماً بالثقة والأمان.

*المصدر: جريدة الجريدة الكويتية | aljarida.com
اخبار الكويت على مدار الساعة