اقتصاديون لـ القبس: «العمالة السائبة» و«الشركات الوهمية».. خطر اقتصادي
klyoum.com
أخر اخبار الكويت:
قطع مبرمج للكهرباء فــي 23 منطـقـةحصة المطيري -
لاشك ان جميعنا يدعم جهود الجهات الحكومية للتصدي للممارسات غير القانونية في سوق العمل والعمالة غير النظامية وذلك حماية للمجتمع ككل، فالخلل الموجود أصبح في ملف العمالة يعد من المشاكل الكبيرة التي تواجه الكويت لتأثيرها الأمني وانعكاساتها السلبية على قطاع الأعمال والاقتصاد.
ومن المؤكد أن تنظيم سوق العمل اليوم ضرورة وطنية ومسؤولية تقع على عاتق الجميع دون استثناء للقضاء على ظاهرة تكدس العمالة السائبة وغير الاحترافية، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب للمهن التي يحتاجها السوق وقطاع الاعمال فعليا، حيث ان تنظيم سوق العمل ستكون له آثار ايجابية عديدة على الاقتصاد والعمال انفسهم الذين سيمارسون مهن تتفق مع تأهيلهم العلمي والمهني، الامر الذ سيوفر لهم الاستقرار كما يضمن لاصحاب الاعمال الحصول على اعلى مردود ممكن من هذه العمالة .
وعلى الرغم من الجهود الحكومية المتواصلة على مدى السنوات للقضاء على العمالة السائبة والمخالفة إلا أن المشكلة مازالت قائمة، اذ يؤكد اقتصاديون لـ القبس ان ملف العمالة السائبة والشركات الوهمية يمثل خطرا اقتصاديا، وأن عدم النجاح بمعالجة هذا الملف يرجع الى أن الحكومة تركز على معالجة النتائج لا الأسباب.
قال رئيس اتحاد مستوردي الأدوية والصيدليات فيصل المعجل إن الإجراءات التي تتم بشكل متسرع وبدون إتاحة الفرصة للتنسيق والتخطيط المناسب، تربك سير العمل، كما حدث مع قانون الـ60 حيث تم تطبيقه من دون الرجوع للقطاع الخاص، ما أدى إلى شح في العمالة وارتفاع الأسعار.
وأضاف: لا ينبغي على الدولة اتخاذ القرارات من الجانب الحكومي فقط، كما أن القرار لا يجب أن يكون له طابع عقابي فحسب، في المقام الأول، يجب أن ينظر القرار إلى الجوانب التنظيمية والتطويرية، وليس مجرد المحاسبة على الأخطاء.
ولفت المعجل إلى أن جزءا كبيرا من العمالة المخالفة ضحايا لمستغل حاجتهم، أتى بهم من بلدانهم وتخلى عنهم وتنصل عن مسؤوليته تجاههم، في هذه الحالة، لا تنبغي معالجة الموضوع بطريقة عشوائية، بدلاً من ذلك، يجب اتباع نهج مدروس ومنظم لمعالجة المشكلة.
وتابع: لسنوات طويلة والحكومة تقوم بنفس هذه الحملات على العمالة المخالفة إلا أنها لم تنته، وذلك بسبب أن الحكومة تركز على معالجة النتائج لا الأسباب أي أنهم يعالجون أعراض المرض لا المرض نفسه بشكل جذري.
وأكمل: بدلاً من ذلك، ينبغي على الحكومة اعتماد نهج أكثر شمولية يركز على علاج الجذور الحقيقية للمشاكل، هذا يتطلب التنسيق والتشاور مع القطاع الخاص قبل اتخاذ القرار.
وأشار إلى الأثر في القطاع الصحي، قائلاً لن يكون هناك أثر مباشر على القطاع الصحي، نظرًا لأن معظم العاملين فيه مثل الصيادلة والأطباء والفنيين المختبريين يعملون بشكل قانوني، ومع ذلك، فإن القطاعات المساندة ستتأثر بشكل واضح مثل شركات التوزيع وشركات التنظيف، قد تعاني هذه الشركات من نقص في العمالة، ما يؤدي إلى تأخر في تقديم الخدمات اللوجستية المرتبطة بها.
نظام الكفيل
من جانبه، قال رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الكويت الأستاذ الدكتور عباس المجرن أنه على الرغم من نقص البيانات والإحصاءات المتعلقة بأعداد من ينطبق عليهم وصف العمالة السائبة وفئاتهم وطبيعة الأنشطة التي يتمركزون بها، فإن من المؤكد أن لهذه العمالة أثر سلبي في قطاع الأعمال، وعلى تركيبة سوق العمل، وهي عمالة يصعب احتواؤها في حالة الأزمات كما اتضح خلال فترة تفشي وباء كورونا.
وأضاف أن وجود العمالة السائبة هو أحد التداعيات السلبية لنظام الكفيل، وغياب الضوابط المنظمة لاستقدام العمالة الخارجية وفق الاحتياجات الفعلية لقطاع الأعمال، وإلى وجود شركات وهمية تستغل الثغرات القانونية.
وتابع المجرن: أن المواطنين والمقيمين يحصلون غالبا على الكثير من الخدمات من السوق غير المنظم، الذي تنشط فيه هذه العمالة السائبة، ولوجودها أثر ضغط ملموس في الأسعار، ولا شك أن الحد من وجودها دون إيجاد البدائل القانونية المناسبة لها ستكون له تبعات تضخمية.
وأوضح من بين البدائل المقترحة على سبيل المثال السماح لقطاعات الأعمال المنظمة التي توفر خدمات البناء والنقل والصيانة والخدمات الكهربائية وأنشطة السباكة، والنجارة، وغير ذلك باستقدام عمالة ماهرة ونصف ماهرة تخضع لاختبارات موثوقة وقوانين متكاملة وشفافة من أجل استمرار توفير هذه الخدمات الضرورية بشكل قانوني يحل محل العمالة السائبة.
واضاف المجرن إلى ضرورة توجيه المشروعات الصغيرة إلى أنشطة وخدمات تشجع وتدرب فنيين كويتيين للعمل فيها، خصوصا تلك القطاعات التي تشهد عزوفا كبيرا من جانب المواطنين، لافتا الى انه دون معالجة هذا التحدي لن يكون لمعالجة ملف العمالة السائبة في الكويت أثر إيجابي في هيكلة سوق العمل المحلي لصالح المواطنين.
الأسعار لن تتأثر
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي عبدالمجيد الشطي إن المقيمين المخالفين لقوانين البلد ليس لهم منفعة للكويت، إذ لو كانت لديهم مهن مفيدة للبلد فكان بإمكانهم الحصول على الإقامة بكل سهولة، كما هو الحال مع أكثر من مليوني مقيم آخر في الكويت.
وأضاف: قطاع الأعمال في الكويت يعد قطاعًا كبيرًا، حيث يوجد أكثر من مليوني مقيم يشكلون جزءًا من قوة العمل في البلاد، وبالنسبة للعمالة المخالفة فإن عددها لا يتجاوز 50 ألف عامل، بالتالي، من المتوقع ألا يكون هناك تأثير كبير في قطاع الأعمال.
فيما يتعلق بتأثير الأسعار، أكد الشطي أن الأسعار لن تتأثر، حيث إن العمالة المخالفة غالبًا ما تفتقر إلى المهارات والكفاءة اللازمة لأداء العمل بشكل مناسب، لذلك تكون هذه العمالة أكثر تكلفة مقارنة بالعمالة غير المخالفة.
وأشار إلى أن معظم العمالة المخالفة يتم تشغيلها من قبل أفراد وليس من قبل الأنشطة التي تلتزم بقوانين البلد، بالتالي فإن هذه الأنشطة التي لا تستخدمهم في الأصل لن تتأثر أعمالها، في المقابل، فإن الأنشطة التي تستخدم عمالة مخالفة ستكون عليها تحمل المسؤولية القانونية والتبعات المترتبة على مخالفة قوانين البلد.
وتابع: بالإضافة إلى ذلك، تستمر الكويت في جلب آلاف العمال يوميًا، ما يعني أن عدد مخالفي الإقامة ليس له تأثير ملحوظ على أسعار العمالة في السوق الكويتي.
واضاف: إن تكلفة استقدام العمالة المخالفة في الكويت تعد أعلى بكثير من الفائدة التي تعود على المواطن والدولة، لذلك فإن التخلص من هذه العمالة المخالفة لا يؤثر بشكل ملحوظ في الأسعار والأجور في السوق الكويتي.
مشكلة أكبر
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات المالية الدولية القابضة (إيفا) صالح السلمي إن الإجراءات التي تتخذها الحكومة اليوم ضد المخالفين للإقامة هي نتيجة لمشكلة أكبر، وليست البداية لحلها، الواقع أن المشكلة تكمن في عدم قدرة كثير من المشغلين المحتاجين للعمالة على الحصول على العمالة المشروعة، بينما يتمكن البعض ممن لديهم نفوذ من استقدام العمالة بكل سهولة.
وتابع: والحقيقة هي أن من يستقدمون العمالة المخالفة هم من لا يحتاجونها، وما نقوم به اليوم هو معالجة النتيجة السيئة، وليس المعالجة الصحيحة للمشكلة، حيث تكمن المعالجة الصحيحة في محاسبة أولئك الذين قاموا باستقدام هؤلاء العمال المخالفين للإقامة، فالعامل المخالف لم يظهر فجأة من تلقاء نفسه، وإنما كان هناك شخص ما قام باستقدامه.
وأضاف السلمي إن الإجراءات المتخذة حالياً ضد المخالفين للإقامة لا تؤثر بشكل كبير في سوق العمل، في الواقع، من قاموا باستقدام هؤلاء العمال المخالفين لا يضيفون قيمة حقيقية إلى الاقتصاد.
3 إجراءات استباقية للقضاء على «العمالة السائبة»
قال المجرن قبل القيام بإجراءات التخلص من العمالة السائبة والمخالفة هناك خطوات يجدر أن تسبق مثل هذه الإجراءات أهمها :
1 - توفير البدائل المناسبة:
من المهم العمل على توفير العدد الكافي من العمالة القانونية المدربة والماهرة لتحل محل العمالة السائبة المخالفة، من أجل ضمان عدم حدوث فجوة في سوق الخدمات أو آثار تضخمية في أجور العاملين بها.
2 - مراقبة الأسعار:
يجب تحديد ومراقبة أسعار الخدمات من قبل الشركات المرخصة والمتخصصة بتوفير مختلف الخدمات من أجل منع الارتفاع غير المبرر في الأسعار الذي قد يترتب على التخلص من العمالة غير المنظمة.
3 - معالجة الثغرات القانونية :
العمل على معالجة الثغرات القانونية التي تسمح بقيام شركات وهمية، وانتشار تجارة الإقامات، ووضع آلية للتخلص من نظام الكفالة، والاستئناس بتجارب البلدان الخليجية الأخرى في هذا المجال لتفادي أي آثار سلبية قد تترتب على إلغاء نظام الكفيل.
قوة العمل
ووفقاً لآخر إحصائية صادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، فإن عدد المقيمين داخل قوة العمل بلغ 2.504 مليون شخص، منهم 823.5 ألفا من العمالة المنزلية.
على مستوى النشاط الاقتصادي، يتركز عدد 374.4 عامل في الأنشطة العقارية والإيجابية وأنشطة خدمات الأعمال، و363.5 ألف عامل في تجارة التجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والسلع الشخصية والمنزلية، و80.8 ألف عامل غير مبين النشاط الذي يعملون به.
معالجة متوازنة وشاملة
اشار السلمي إلى إن المعالجة الصحيحة للمشكلة يجب أن تكون متوازنة وشاملة، بحيث تتناول ليس فقط العمال المخالفين، بل أيضًا من قاموا باستقدامهم دون حاجة حقيقية، وينبغي أن تكون هذه المعالجة متكاملة مع سياسات وبرامج تطوير الاقتصاد ككل، كما من الضروري أن يُعطى صاحب العمل الحقيقي احتياجاته من طلبات العمالة.
عدم الوثوق بالعمالة المخالفة
قال الشطي لا ينبغي الوثوق في العمالة المخالفة لقوانين البلد وإدخالها إلى بيوتنا، حتى لو كان سعرها منخفضًا، وذلك لعدة أسباب منها انتهاك القانون والمخاطر الأمنية، كما هناك مسؤولية أخلاقية، فمن الخطأ دعم هذه الممارسات.
التدريب المهني
قال المجرن أنه لابد من إعادة الاعتبار إلى التعليم والتدريب المهني في هيئة التعليم التطبيقي، بما يضمن تخرّج كوادر فنية قادرة على العمل في الخدمات التي تتطلب خبرة ومهارة فنية.
واضاف: سيكون لهذا التوجه عوائد إيجابية على إعادة هيكلة سوق العمل المحلي وزيادة إنتاجية المواطنين والتخلص من الأثر السلبي للعمالة السائبة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
أسعار العمالة
أوضح المعجل أنه على المدى القصير قد تؤدي هذه التدابير إلى بعض الآثار السلبية، مثل ارتفاع أسعار العمالة، ولكن على المدى الطويل سيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد ككل إذا تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة والتي يجب ألا تكون بمعزل عن القطاع الخاص، وذلك سيكون سوق العمل أكثر تنظيما واستقراراً.
التجربة السعودية
قال المجرن إن التجربة السعودية المناظرة في معالجة ملف العمالة السائبة قد حققت نجاحا ملموسا، رغم ضخامة أعداد المصنفين ضمن العمالة السائبة هناك والذي قدر بنحو 5 ملايين في عام 2018، واستند نجاح التجربة السعودية إلى استعداد أعداد كبيرة من السعوديين للعمل في مختلف قطاعات الخدمات.